on
علي فرزات وجحا الدومري وقراقوش
نجم الدين سمان
لمّا كان جحا السوريّ في تغريبته، فإذا بهاتفهِ يرُنّ، وإذا بعلي فرزات على الخطّ:
– أبو الجَحَاجِيح، ربما نُعيد جريدة الدومري، وأريدكَ معنا لإطلاقها من بيزنطة.
رَدَّ جحا السوري: – حلو، لكن بشرط أن يكون حماري معي، في هيئة التحرير.
غُصَّ علي فرزات: – ما ناقصنا حمير في غربتنا، ألا تذكر المتاعب التي أوقعنا فيها حمارُكَ منذ أولِ عددٍ للدومري في الشام؟!
فما كاد الفرزات يُنهِي جملته، حتى خَطَفَ حِماَويهُ الهاتفَ من يدِ جحا:
– كيفك أستاذ علي، لا رقابةَ هنا في بيزنطة ليسحبوا أول مقالاتي: رحلة إلى جزيرة شفافستان، من مطبعة جريدة الثورة، الساعة 3 في هزيم الليل.
ضرب علي فرزات أخماسًا بأسداس وقال: – أمري لله، ستكون معنا في هيئة التحرير.
نهق حِمَارَويه فورًا: – بمنصب رئيس تحرير.
صاح الفرزات: – شي حلو، ألا تعرِف بأنِّي رئيس التحرير؟!
ردّ الحمار: – أنت رئيس الطبعة الآدميّة، وأنا رئيس الطبعة المُخصَّصة للحمير.
قال الفرزات: – يا ابن الأتان، هذه جريدة، وليست جمعيةً للرِفقِ بالحيوان، تكفيني مقالاتك قبل 15 سنة في الدومري.
ردّ حِمَارَويه: – ثانيةُ مقالاتي كان اسمُها: أوعَا تِزحَط يا وَالِينَا، عن مصطفى ميرو، وحميرو، لمّا استقبلَوا بثار بن آل الوحش قُدَّام قلعةِ حلب، فلمّا صافح ميرو بثّارًا، صرخت امرأةٌ حلبية: يا أبوووو حااااافِظ، التفتَ بثّار الوحش برقبته الطويلة ناحيتها، فأكمَلَت: – يا أبو حافظ، غَيِّر لنا المحافظ.
تنهَّد علي فرزات ضاحكًا: – على القافية، الله يعطيها العافية.
نَهَقَ حِمارَويه: – فزَحَطَ والي حَلَبَ من كُرسِيِّه، ولكن صعودًا إلى كُرسيِّ الصدر الأعظم في الشام.
رَدَّ الفرزات: – لو نشرناها، كانوا سحبونا لفرع المخابرات الشهير المُسَمَّى: فلسطين، واتهمونا بالعمالة لإسرائيل.
علّقَ حمارويه: – رَحِم الله أيامًا، كان طريقُ القُدسِ فيها، يمرُّ من فرعِ فلسطين.
فتابع الفرزات: الله يرضى عليك يا حِمَارَويه، بلا مصطلحات عثمانية: باب عالي وصدر أعظم وغيرها، ربما طَبَعنَا الدومري في الأستانه.
علّق حمارويه: – بَلّشِت اللوائح.
قال الفرزات: – الدومري جريدة حُرَّة، نسخرُ فيها، من كلّ شيءٍ ينغّصُ على السوريين.
نهق الحمار: – مِنَ الائتلاف يعني؟!
ردّ الفرزات: – على رَاحتَك.
تابع الحمار: – ومِن الحكومة الموقتة؟!
قال علي فرزات: خود راحتك، ما عادت مُؤقتة، صارت مُؤبّدَة.
تابع حمار جحا أسئلته: – ومِن هيئة تنسيق الزهور، ومِن أمراء الحرب، ومِن سماسرة المساعدات، ومِن دكاكين الشاورما الإعلاميّة، ومِن شبّيحة النظام، ومِن شبّيحة الثورة عليه، ومِن داعش وأخواتها وأبناء عمومتها، ومن المدارس السورية في تركيا، وسائرِ التغريبة، ومِن..
فما كانَ مِن جحا حتى خَطَفَ الهاتفَ من حِمَارِهِ؛ فسمع علي فرزات يقول:
– لا أحدَ فوقَ الانتقاد، إلّا اللهُ وأنبياؤُه وملائكتُه.
قال جحا: – طَوِّل بالك على حِمَارَوَيه، جوعان ويرى الشعيرَ كُروَاسَان.
علَّقَ الفرزات: – اسم على مُسمَّى: حِمَارَوَيه، على وزنِ: سِيبَويه!
فضحك جحا: – يا أستاذ علي، مَن يُناقِش حمارًا مُهجَّراَ بين البلدان، اترُكهُ لي وأنا أُدَاوِيه.
ضحك الفرزات: – حِمَارَك، وأنتَ أدرَى فيه.
ردّ جحا: – بَدَلَ هذا اللَعِي على الهاتف، اعزِمنا أنا وإيَّاه على ” لَهِم أَجِين” وعَيرَان دَبح حَلال.
قال الفرزات: – مِن عيوني، ولَو..
فقال جحا: – أرسِل موقعَ المطعم على الواتس آب، لو سمحت.
ضحك علي فرزات: – طَوِّل بالَك، حتى نُمسِك بتلابيبِ المُمَوِّل، بالأوَل.
سألَ جحا: – وإذا فَلَّ، حَضرَتُه؟!
ضحك الفرزات: – سيبقى حِمَارُكَ لاجئًا، مُشرَّدًا، أندبوريًّا، طَفرَان.
*- من حكايات جحا السوريّ وحمارِه وقراقوش
المصدر