هل ستكون معركة (دابق) بداية النهاية لـ (داعش) في سورية
15 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016
فراس محمد
سيطرت فصائل الجيش الحر المشاركة في المرحلة الثالثة من عملية (درع الفرات)، خلال الأيام القليلة الماضية، على قرى وبلدات عدة في ريف حلب الشمالي، بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية، حيث أصبحت قوات الجيش الحر على مشارف قرية (دابق)، ذات الرمزية الدينية والعقائدية المهمة لتنظيم الدولة، والتي سيشكل سيطرة الجيش الحر عليها هزيمة كبيرة جدًا للتنظيم، وخسارته لركيزة أساسية من الدعاية الإعلامية التي يقوم عليها مشروع دولته الإسلامية المزعومة.
من المُرجّح أن يكون لمعركة (دابق) انعكاسات كبيرة على سير المعارك الدائرة في المنطقة، وعلى مستقبل عملية (درع الفرات) ككل، فانسحاب التنظيم من القرية أمام تقدم الجيش الحر، سيُعدّ مؤشرًا على تصدع التنظيم، بعد الضربات التي تلقاها -خلال الفترة الماضية- في كل من العراق والشام، وهو ما يعني أن معركة الباب ستكون أسهل بالنسبة للفصائل المشاركة في عملية (درع الفرات)، بواقع أن التنظيم سيحاول أن يرمي بكل ثقله؛ كي لا يخسر القرية التي بنى عليها جزءًا كبيرًا من عقيدته القتالية، وخاصة بالنسبة لمقاتليه الأجانب، أو الذين يُطلق عليهم اسم “المهاجرين”، حيث توجد في القرية كتيبة أبو الأنصاري المهاجر، التي تعد من أقوى كتائب التنظيم في سورية، كما من المتوقع أن يحشد التنظيم كل طاقاته؛ لمنع سيطرة الجيش الحر على القرية التي ستعدّ بمنزلة انتكاسة كبيرة، لا تقل أهمية عما خسره التنظيم خلال عملية (درع الفرات) حتى الأن، وربما أكثر.
ويرى القائد العسكري لفرقة السلطان مراد، فهيم عيسى، أن معركة (دابق) “ستكون أسهل من المعارك التي خاضها الجيش الحر في عملية (درع الفرات)، كمعركة تحرير الراعي، بعد الضربات التي تلقاها التنظيم خلال الأيام القليلة الماضية”، دون أن يستبعد مقاومة لفلول عناصر التنظيم من القرى التي خسرها أخيرًا.
وتكتسب قرية (دابق) أهميتها العقائدية والأيدلوجية بالنسبة لـ (تنظيم الدولة الإسلامية)، من حديث الرسول محمد (ص) الذي رواه مسلم في صحيحه عن معركة آخر الزمان، ويقول فيه: “لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا، والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدًا، ويقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبدًا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال، يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فأمّهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته”.
ويحاول التنظيم منذ سيطرته على (دابق)، في الـ 13 من شهر أب/ أغسطس 2014، شحذ همم مقاتليه من خلال توظيف كل أدواته الإعلامية، لاستغلال المكانة الدينية التي أضفاها الحديث النبوي على القرية، وإيهام مقاتليه بأن ما يحصل الآن هي معركة آخر الزمان، وأن حديث الرسول عن الجيش الذي يُعدّ خيار أهل الأرض هم مقاتلوه، وقد استطاع التنظيم -خلال السنوات الماضية- تجنيد المئات من المقاتلين، وخاصة من الأجانب (المهاجرين) في صفوفه، بناء على الدعاية التي كان الحديث النبوي عن دابق أحد أهم ركائز هذه الدعاية الإعلامية، فأهم وسيلتين إعلاميتين للتنظيم تحملان أسمي (دابق)، وهي الصحيفة الرسمية الأساسية للتنظيم، و(الأعماق)، وهي وكالة الأنباء الرسمية له؛ لذلك ستشكل الخسارة المتوقعة ضربة مؤلمة جدًا، قد تطيح بقسم كبير من المنظومة الدعائية التي تميز بها التنظيم خلال الفترة السابقة.
ويذكر أن قرية (دابق)، هي أحد قرى منطقة إعزاز، وتتبع -إداريًا- ناحية أخترين، وتقع على بعد 35 كم شمال شرق مدينة حلب، ووقعت بالقرب منها معركة “مرج دابق” بين العثمانيين والمماليك عام 1516.
[sociallocker] [/sociallocker]