انقسام سرياني حول دعم رجال دين ميليشيات سورية مسلحة

16 أكتوبر، 2016

باسم حسين

أثارت دعوة مطران سرياني للكنائس والأبرشيات في أوروبا للتبرع المالي؛ لدعم فصيل مسيحي سوري مُسلّح، مازال -حتى اليوم مدعومًا- من النظام السوري ومن حزب كردي انفصالي، لغطًا كثيرًا في أوساط السريان والآشوريين، في سورية ودول المهجر، ذلك أنها كانت دعوة صريحة لدعم أدوات الحرب من شخصية رمزية، تُمثّل دينًا يدعو إلى المحبة والسلم ونبذ العنف.

وعلى الرغم من أن الدعوة التي وجّهها المطران، يوليوس عبد الأحد شابو، مطران السويد والدول الاسكندنافية للسريان الأرثوذكس، مطلع الشهر الجاري، في جزء كبير منها كان للتبرع لتأسيس مستوصفات ميدانية وتأمين معدات وأدوية، “لتقليل حجم الخسائر البشرية، وبنسبة عالية في حالات حدوث أي هجوم أو عمل إرهابي”، إلا أنها كانت، في الوقت نفسه، دعوة لدفع رواتب وأجور ميليشيات غير شرعية، تحمل اسم “قوات الحماية السريانية” (السوتورو)، والتي تعدّ ذراعاً عسكرية للسريان في شمال شرقيّ سورية.

الشق الأول من دعوة المطران السرياني حق لا يُنازع، وهو واجب على كل السوريين، إسلامًا ومسيحيين ويهودًا (إن مازال بعضهم موجودًا)، فهو دعوة لإنقاذ النفس البشرية والأرواح، وتقديم يد المساعدة لهم، لكن الشق الثاني من الدعوة يتناقض مع الأول، ففيه دعوة لتشجيع وتقوية ميليشيا للقتل، وعلى الرغم من أن المعلن عن تشكيل هذه القوات هو “الدفاع عن النفس”، إلا أنه في الواقع الفعلي ليس كذلك؛ فالميليشيا السريانية المذكورة شريك مندمج في الميليشيا التابعة لـ “حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي، في الهجوم على قرى وبلدات سورية، وتفريغها من سكانها، بعد قتلهم وتهجيرهم، وقدّمت للفصيل الانفصالي الكردي الغطاء المسيحي لفيدرالية يسعى إليها في شمالي سورية.

أثارت هذه الدعوة استنكارًا من عدد من السريان والآشوريين السوريين، وعدّوها إيغالًا في توريط المسيحيين في الحرب السورية، بدلًا من تجنبيهم إياها، ودفعهم للابتعاد عنها، وعن كل ما هو مُسلّح له علاقة بها، مؤكدين أن هذه “الوحدات العسكرية” لا تستطيع -أساسًا- الوقوف في وجه تنظيم الدولة الإسلامية، والذي يُعد خطرًا على كل السوريين، وليس على المسيحيين فحسب.

وقال جميل ديار بكرلي، مدير المرصد الآشوري لحقوق الإنسان: إن هذه الرسالة “تخالف رسالة الكنيسة الروحية ودورها الإنساني والخدماتي”، وأنها “محاولة لزج الكنيسة السريانية في سورية، في مستنقع التسليح والعنف، والتجاذبات العسكرية والسياسية”.

وأكّد أن السريان السوريين منقسمون في مواقفهم وآرائهم بين الفرقاء المتحاربين، وبعضهم يؤيد النظام وبعضهم يؤيد المعارضة، وبعضهم مُتحالف مع الأكراد؛ ما يعني أنهم لا يجتمعون على رأي واحد تجاه التسليح، وأن دعوة المطران لتسليح (السوتورو) يعني -بالضرورة- طلبه تسليح فصيل سرياني ضد فصيل سرياني آخر.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تُنتقد فيها المؤسسة الدينية السريانية، من السريان أنفسهم؛ فقد كان بطريرك الكنيسة السريانية، أفرام الثاني كريم، قد زار الخطوط القتالية الأمامية في الجزيرة السورية، حيث ينتشر مقاتلون سريان وآشوريون، تابعون لـ (سوتورو ـ مكتب الحماية)، ومقره القامشلي، وصلى من أجل نصرتهم، وكانت هذه سابقة في تاريخ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بأن يقوم أحد رؤسائها بتفقد أحوال مقاتلين على جبهات القتال.

كذلك وُجّهت له انتقادات لحضوره مهرجانًا سياحيًا في الساحل السوري؛ لانتخاب ملكة جمال اللاذقية، في وقت تغرق فيه سورية في حرب داخلية كارثية مدمرة، في موقف له دلالات سياسية، تصب في خانة دعم النظام.

كذلك واجه انتقادات؛ لمشاركة ممثل النظام السوري، بشار الجعفري، في ندوة مع بعض الجالية السورية في نيوجرسي في الولايات المتحدة، من داعمي النظام، على الرغم من تحذير كثيرين له من أن مقامه ومكانته الدينية والرمزية أعلى من أن يُشارك في مناسبات كهذه، وأن يرافق موظفًا لدى نظام شمولي حارب شعبه من أجل السلطة.

كما وجّه له مطارنة اتهامات مكتوبة، اتّهموه فيها بالمشاركة في تدمير أبرشيات السريان في الجزيرة، والفرات، وحلب وتوابعها، والموصل، وحمص، وحماه؛ وحتى في القدس، وسائر الديار المقدسة، وشدد كثيرون على أن دور “قداسته” أهم بكثير مما يحاول النظام أن يزجه فيه، ومن الاصطفافات التي يحاول الانحشار فيها.

ويُذكر أن هيئات وتنظيمات سياسية مسيحية عدة، أعلنت -قبل نحو ثلاثة سنوات- تشكيل ميليشيات عسكرية في شمال شرقيّ سورية، تحمل اسم (سوتورو) وتعني (الحماية) باللغة السريانية؛ بهدف معلن وهو الدفاع عن البلدات والمناطق المسيحية في حال تعرضها لأي اعتداء من أي جهة.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]