أوباما زعيم عربي!


الرأي

عندما يستلم أحدنا كتاب تقاعده أو مغلّف «تفنيشه» بدءاً من الشهر القادم، لا شعورياً يرمي كل شيء بين يديه ، ويضع رجلاً على رجل، ويقطع علاقته الوجدانية مع الشركة أو المديرية تماماً، ثم يبدأ يرحّل في نهاية كل يوم بعضاَ من أغراضه الخاصة «شبشب الوضوء» «سجادة الصلاة»، «علبة السكرين» «جهاز فحص السكري»، وعندما يأتيه السؤال من زميله الجديد الذي سيشغل مكانه عن معاملة ما أو ملف ما فإنه يحاول ألا يجيب بأكثر من هاتين الكلمتين: «دوّر عندك»! هو يقصد من هذه الحركة أن يترك الدائرة في حالة حيران دائم وتوهان بسبب تقاعده، حتى «الايميلات» الرسمية يحاول أن يماطل قدر الإمكان بتسليمها لمن سيحل مكانه، وفي أغلب الأحيان يلغي كل المراسلات كي لا يترك نقطة إرشادية واحدة لخير خلف!.. علينا ألا ننكر فهذه طبيعة بشرية، أو بالأحرى طبيعة عربية لا نحب من يخلفنا ولا نحب أن تسير المراكب بسلاسة ودوننا ولو بعد حين…

أوباما على يقين أنه راحل بعد أقل من شهر تاركاً خلفه كل «أبهة «الرئاسة وهالتها ومسؤولياتها، ومع ذلك ما زال يجري لقاءات، ويبرم مباحثات ،ويستخدم الخيارات، ويسافر ليتحدث باسم أمريكا ويسعى وراء مصالح أمريكا وكأنه قادم للتو للبيت الأبيض، وعندما تقترب ساعة الرحيل، سيحمل كرتونة واحدة فيها كتبه وأوراقه الخاصة وبعض مقتنياته التي اشتراها ويغادر بابتسامة عريضة.. صحيح انه غير سعيد بالمغادرة، لكنه لا يتمنى «خراب مالطا» خلفه…

أتخيل ماذا لو كان أوباماً زعيمًا عربياً!!.. ترى ماذا سيفعل الإعلام التابع للقصر الجمهوري، أغنيات وطنية على مدار الساعة بموسيقى حماسية تارة وحزينة تارة أخرى تظهره بعدة وضعيات تارة وهو يمتطي ظهر دبابة وهو يركل كرة القدم، وهو يحنو على الأطفال وهو يصوب بندقيته على المصوّر، وأخرى لفقير يقبّل يده أثناء المساعدة، بعدها سوف تقوم التلفزيونات والصحف والإذاعات ببث أقوال مهمة قالها أوباما أثناء حكمه… كما أتخيل أن تقوم وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بتسيير حافلات من المدارس ومثلها من الجامعات للتجمع بالساحات مطالبة الرئيس بالتراجع عن قراره، كما ستطلب الأجهزة الأمنية من الناس بالترهيب والترغيب للخروج من منازلهم كي يعبّروا عن حبهم للزعيم وممارسة اللطم للعدول عن رأيه وبقائه في الحكم أربع أُخر، ولا بأس من بعض حالات الإغماء ومحاولات الانتحار الفاشلة.. أخيراً يستجيب للزحف الجماهيري على مضض وهو لا يرغب ثم يحكمهم من جديد… أتخيل لو كان أوباما زعيماً عربياً كيف سيكون شعوره بترك السلطات الخمس ويتنازل عن الحكم لأن ولايته انتهت!!… آآه ما أغباني لو كان أوباما زعيماً عربياً لما تجرأت وكتبت هذا المقال من أصله!.

(*) كاتب أردني




المصدر