“لواء شهداء العاصمة”: الروس ليسوا طرفًا في المفاوضات وخرجنا حمايةً للمدنيين


مهند شحادة

أكد هارون الأسود، مدير المكتب الإعلامي لـ “لواء شهداء العاصمة”، أبرز فصائل المعارضة المسلحة في قدسيا والهامة، أن “سقوط” البلدتين كان بسبب خذلان بعض السكان المعروفين بـ “الوجهاء ورجال المصالحة”، وبسبب عدم وجود أي إسناد للمعارضة المسلحة في المدينة، موضحًا في حديث مع (جيرون) أن الاتفاق المعروض كان يتضمن خيارين، إما الموافقة على الخروج، أو تدمير البلدتين وإبادة المدنيين بداخلهما، مشيراً إلى أن خيار (الثوار) الانسحاب باتجاه إدلب، بعد صمود لأكثر من 11 يومًا أمام قصف بمختلف أنواع الأسلحة.

انتهاء الثورة في الهامة وقدسيا

وأكد الأسود، أن أحد وجوه لجان المصالحة المكلفة بالمفاوضات مع النظام “أبلغ القيادة العسكرية للفصائل داخل الهامة، في أحد الاجتماعات، أن الثورة في الهامة وقدسيا انتهت، وأن لجان المصالحة ستُحاور النظام على هذا الأساس”، وقال: “أصبحت البلدتان -وفقًا للمبادرة أو الاتفاق- تحت سيطرة النظام بالكامل، ولعل دخول لجان عسكرية وأمنية تابعة للأخير إلى البلدتين، والتجوال داخلهما هو بداية ترتيب الأمور لما يسميه النظام العودة إلى حضن الوطن”.

وأوضح أن النظام “سيتولى إدارة شؤون البلدتين؛ لأنه اشترط حل كافة المؤسسات والهيئات المرتبطة بالثورة، من مجلس محلي وما يرتبط به من مكاتب، إضافة لحل الدفاع المدني ومؤسسة الجيش الحر، أما ما أشيع عن تسوية أوضاع بعض الشباب الذين فضلوا البقاء، فهذه التسوية لشبان ونساء مدنيين مطلوبين لأجهزة النظام العسكرية والأمنية”.

لا ضمانات للاتفاق

مازال آلاف المدنيين داخل قدسيا والهامة يتخوفون على مصيرهم بعد خروج المقاتلين؛ لأن خروجهم يعني عدم وجود أي قوة بإمكانها منع ميليشيات النظام من اقتحام البلدتين وارتكاب انتهاكات بحق المدنيين فيهما، ولا سيما أنه ما من ضامن للاتفاق سوى لجان المصالحة، والمجردة من أي قوة رادعة، وفي هذا الجانب قال الأسود: “لا ضمانات على الإطلاق، المبادرة كانت واضحة إما الانسحاب والموافقة على الشروط المعروضة أو دمار البلديتين وإبادة المدنيين، وحقنًا لدماء أهلنا اخترنا الخروج باتجاه إدلب، ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نتمنى السلامة لأهلنا، فنحن تركناهم برعاية الله، وبإذن الله لنا عودة الفاتحين، فخسارة جولة لا تعني خسارة المعركة، والثورة سجال، وهي مستمرة”، موضحًا “أنه بانسحاب الثوار يصبح طريق بيروت القديم بين قدسيا والهامة خاضعًا لسيطرة النظام، وهو طريق مهم جدًا لأنه خط إمداد لقوات الأخير بين أكثر من ثكنةٍ وموقع، إضافة لكونه خط مواصلات حيوي لتحرك قواته من وإلى دمشق، وباتجاه مناطق وادي بردى والقلمون وغيرها، واليوم بعد أكثر من 3 سنوات يعود النظام ويسيطر عليه”.

الروس ليسوا طرفًا في المفاوضات

وكانت بعض وسائل الإعلام قد أشارت إلى أن موسكو كانت وسيطًا في المفاوضات بين مقاتلي قدسيا والهامة، من جهة، والنظام من جهةٍ أخرى، قبل الوصول إلى الاتفاق الذي انتهى بخروج المقاتلين باتجاه محافظة إدلب قبل أيام، وهو ما نفاه الناطق باسم اللواء، وقال: “الروس لم يكونوا طرفًا في المفاوضات الأخيرة، التي كانت محصورة بلجان المصالحة عن البلدتين، والقيادة العسكرية للنظام ممثلة بالعميد قيس فروة من مرتبات الحرس الجمهوري، بل كانوا طرفًا في مفاوضاتٍ سابقة قبل نحو سنةٍ من الآن”.

وأكد الأسود أن مجموعةً من العوامل والأسباب ساهمت بسقوط البلدتين، أهمها “خذلان ذوي القربى” على حد وصفه، إضافة إلى عدم تحرك أحد من الفصائل في محيط البلدتين لتخفيف الضغط عنهما، وقال “مما ساهم في سقوط البلدتين ضعف التنسيق بين الهيئات والفعاليات الثورية، وتخاذل بعض الفصائل، فمثلًا المجلس المحلي طلب من المكتب الإعلامي بالحد من نشر الأخبار وعدم التصعيد إعلاميًا، بالإضافة إلى أن كافة المؤسسات والمكاتب ذات العلاقة بالمجالس المحلية خذلت قدسيا والهامة، نحن خُذلنا من الداخل أولًا، خذلنا أهلنا المدنيين من خلال المظاهرات التي طالبت الجيش الحر صراحةً بالخروج من البلدتين خوفًا من قصف النظام، ونحن نتفهم ذلك ولا نلوم المدنيين، لكن لا يمكن أن تعتبره إلا خذلانًا، ولا بد من الإشارة إلى أن محيطنا أيضًا خذلنا ولم يفعل شيئًا لنصرتنا، نحن لم نتلق رصاصة واحدة تساهم في صمودنا ساعات أو أيام إضافية، كل ذلك إلى جانب عوامل أخرى ليس هذا مجال ذكرها الآن ساهمت بسقوط قدسيا والهامة”.

عمل خدمي قناع لإنهاء الثورة

وشدد الأسود على أن معظم الدعم الذي كان يذهب للمجالس المحلية (قدسيا والهامة) “يتم استثماره في شراء وتكديس المواد الغذائية داخل مستودعات المجالس، هذه المواد لم يُوزع منها شيئًا أثناء الحصار والمعارك، لافتًا إلى مقاتلي البلدتين كانوا يرابطون لأكثر من 12 ساعة متواصلة على الجبهات دون أي طعام باستثناء بضع حباتٍ من التمر، مشيرًا إلى أنه وبعد الخروج إلى إدلب ظهرت تلك المواد الغذائية وبدأ بيعها للأهالي المحاصرين، مُتسائلًا ألم يكن من الأولى توجيه هذا الدعم للجيش الحر للمساهمة في صمود البلدات أمام هجمات النظام؟” على حد قوله.

وعدّ أن الثورة في محيط دمشق تمر بأسوأ حالاتها “بسبب تخاذل المجتمع الدولي، والدول العربية، إلى جانب التعقيدات التي فرضها تعدد الداعمين الذين أفسدوا الثورة بالمال السياسي، إضافةً لرجال المصالحة والهدن الذين ساهموا بسقوط البلدات وانهيار الدفاعات بداخلها”، وأضاف “في قدسيا والهامة أستطيع أن أقول أن معظم المؤسسات التي تم إحداثها باسم الثورة ساهمت بإنهاء الثورة، لأنها وببساطة عملت -وتعمل- على إغراء الشباب بالمال؛ لترك السلاح والعمل ضمن مكاتبها، عنصر الجيش الحر يصله مبلغ 4 آلاف ليرة سورية كل ثلاثة أو أربع أشهر، في حين راتب أي موظف في تلك المؤسسات لا يقل عن 150 دولار أميركي شهريًا، بالتالي يمكن القول الآن أن هدف هذه المؤسسات كان يكمن في دفع عناصر الجيش الحر لترك السلاح والجبهات، والانضمام لها تحت ستار أهمية العمل المدني والخدمي، ونحن لا ننكر ذلك، ولكن بناء المؤسسات المدنية يتطلب كيانًا عسكريًا وطنيًا باستطاعته حماية تلك المؤسسات، لكن للأسف تلك المؤسسات وبعناوين الثورة ساهمت إلى جانب العديد من العوامل الأخرى في إضعاف وتفسيخ الجيش الحر والثورة داخل المناطق (المحررة) والمحاصرة”.

معركة بعيدة أكثر من أي وقت

شدد الأسود في حديثه على أن معركة دمشق “باتت الآن بعيدة أكثر من أي وقت مضى؛ نتيجة الانقسامات داخل فصائل الثورة وتشتت جهدها، إضافةً إلى كثرة اللاعبين المتحكمين بجوانب كثيرة من قرارهم سواء على الصعيد الخارجي، أو المحلي من مؤسسات خدمية ومدنية تتخذ من الثورة قناعًا لأعمالٍ لا تساهم بأي حال من الأحول في دعم الثورة وأهدافها”، وأضاف “مخططات النظام بالنسبة للعاصمة ومحيطها واضحة، وهي تتجلى بتهجير الثوار والمدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرته إلى الشمال السوري، لتأسيس دولة أو دويلة آمنة في دمشق وريفها، أما عن إمكانية إفشالها، فذلك ممكن بشرط توحيد فصائل الجيش الحر للعمل وفق استراتيجية واضحة تحت قيادةٍ موحدة إلى جانب ضبط ومراقبة كافة المؤسسات المدنية والخدمية في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، وتحويل جزء من الدعم الموجه لتلك المؤسسات إلى الفصائل المقاتلة، وذلك؛ لسبب بسيط، وهو أن صمود الجبهات لا يقل أهمية عن الجوانب الإغاثية، ففي حال سقوط الجبهات لا معنى ولا مبرر لوجود تلك المؤسسات؛ إذ أنها ستسقط تلقائيًا بسقوط الثورة”.

وأنهى حديثه بالتأكيد على أنهم الآن في إدلب “يعملون على تنظيم صفوفهم، وإعادة ترتيب أوراقهم، ودراسة الخيارات والاحتمالات كافة”، مشيرًا إلى أنهم “سيعودون لساحات المعارك قريبًا، ويشاركون فصائل الشمال معارك النصر والتحرير؛ لأن أهل إدلب أهلهم، وأرض إدلب أرضهم كما كانت الهامة وأهلها” على حد وصفه.




المصدر