روسيا تعرض توقفًا قصيرًا عن قصف حلب وسط اتهامات بارتكاب جرائم حرب


أحمد عيشة

انتقد وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي نظام الأسد وحلفائه: “خصوصًا روسيا” لـ “الاستهداف المتعمد” للمدارس والمستشفيات في المدينة المحاصرة.

05

استمر القصف الروسي ضد حلب بلا هوادة يوم الإثنين حيث قتل 14 فردا من عائلة واحدة على ما يبدو في غارة جوية. صورة: صور كرم المصري / أ ف ب /

عرضت روسيا “توقفًا إنسانيًا “لمدة ثماني ساعات” في حلب الشرقية المحاصرة، وفي الوقت ذاته أصدر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بيانا حادًا متهمين فيه الحكومة الروسية بارتكاب جرائم حرب محتملة في المدينة السورية.

جاء الخبر بينما أعلنت المملكة العربية السعودية، وهي واحدةٌ من كبار الداعمين للمعارضة السورية، بأنها ستزيد من تدفق كمية الاسلحة الى المقاتلين المعتدلين في حلب إن استمرت روسيا برفض الموافقة على وقف إطلاق نار شامل.

تزامن توقيت عرض الـ “ثماني ساعات” لتوقف إطلاق النار مع اجتماع لرؤساء دول الاتحاد الأوروبي والمقرر أن يناقش في ما إذا كانوا سيشددون العقوبات الاقتصادية ضد النظام السوري، العرض ذاته كما قال الروس، هو إعطاء فرصة لمقاتلي المعارضة والمصابين بجروح خطرة إلى مغادرة المدينة عبر طريقين محددين.

استمر القصف الروسي ضد حلب بلا هوادة يوم الاثنين حيث قُتل 14 فردًا من عائلةٍ واحدة في غارةٍ جوية على ما يبدو، حيث شملت قائمة القتلى في المدينة، التي نشرها الدفاع المدني السوري عدة أطفال، بينهم طفلان عمرهما ستة أسابيع وستة أطفال آخرون، تراوح أعمارهم بين الثامنة وما دون.

الدفاع المدني، وهو منظمة خدمة للإنقاذ تعمل في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في سورية ويُعرفون بعمال الخوذات البيضاء، يُعّرفون الطائرات بالروسية. ضرب الهجوم منطقة حي المرجة في حلب، وفي وقت لاحق من نفس اليوم قتلت غارات جوية منفصلة على قرية عويجل، غرب حلب 23 شخصا على الأقل.

تعتقد دول الخليج أنَّ روسيا لا تزال مصممة على فرض الاستسلام على حلب الشرقية قبل نجاح هيلاري كلينتون المتوقع كرئيس للولايات المتحدة، وهي الأكثر تشددًا من باراك أوباما، وكردٍّ على ذلك تسعى للقيام بكل ما في وسعها -بما في ذلك تقديم أسلحة إضافية- لمنع سقوط المدينة.

في مؤتمر صحفي استثنائي في لندن، قال عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي: “إذا لم تُفَعّل العملية السياسية نعتقد بأنه يجب علينا تغيير موازين القوى على الأرض، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا عبرَ زيادة تدفق الأسلحة وكميتها إلى المعارضة السورية المعتدلة. نحن نناقش هذه المسألة ويجري اتخاذ خطوات “.

كان الوزير يتحدث بعد جولة من اجتماعات نهاية الأسبوع في لوزان ولندن شهدت تغيرًا طفيفًا في الإصرار الروسي على وجوب مغادرة مقاتلي جبهة فتح الشام والمعروفة سابقًا بالنصرة مدينة حلب، وهي الفصيل الرئيس المرتبط بالقاعدة وعددهم نحو الـ 800 مقاتل.

يعارض العديد من جماعات المعارضة المعتدلة الدعوة الروسية لطرد المقاتلين الجهاديين لأنهم يرون في ذلك محاولةً روسية لإضعاف وتقسيم المقاومة. أصرَّ الجبير على أن المعارضة قد تكون قادرة على الصمود في وجه الاعتداء الروسي المشابه للعدوان على غروزني قائلًا: “لقد صمدت المعارضة في وجه النظام لمدة ست سنوات، الظروف تتغير بين مدّ وجزر،” وتابع يقول: “أنا لا أريد قوات مرتبطة بالقاعدة في حلب، أو في أي مكان في سورية، أو حقيقة في أي مكان على هذا الكوكب”، مضيفًا أنَّ سورية أصبحت “مغناطيسًا للمتطرفين”، لكن من غير المعقول أن نطالب قوات النصرة أن تُغادر قبل وقف إطلاق نار شامل.

هناك غضب خاص في بعض الدول الغربية ودول الخليج من أنَّ الدبلوماسيين الأميركيين قد خُذلوا، بحيث تحوَّل التركيز من فرض عقوبات على القصف الروسي في حلب إلى مناقشات حول وجود صغير نسبيًا للنصرة في شرق حلب، والذين لا يتجاوز عددهم في المدينة الأربعمئة بحسب ادعاء بعض الدبلوماسيين الخليجيين، على الرغم من أن الأمم المتحدة قدرّتهم بضعف هذا العدد.

في محادثات لوزان يوم السبت الماضي، والتي وصفها الجبير بأنها جلسة عصف ذهني، اقترح الإيرانيون استفتاءً سوريًا واسعًا يُقرر ما إذا كان يُسمح للرئيس بشار الأسد البقاء في منصبه، ولكن الدول الغربية أصرت على وجوب رحيل الأسد لأنه من المستحيل توقيع اتفاق السلام السوري إذا استمر في منصبه بعد المرحلة الانتقالية.

06

أعضاء الدفاع المدني – الخوذات البيضاء – يتفقدون الموقع المتضرر بعد غارة جوية في حلب. صورة: عبد الرحمن اسماعيل / رويترز

في أقوى انتقاداتهم حتى الآن لتورط الكرملين في الصراع السوري، شجب وزراء الخارجية الأوروبيين نظام الأسد “وحلفاءه، وخاصة روسيا “لقصفها غير المتكافئ لحلب”، كما ورد في بيانهم: “إن الاستهداف المتعمد للمستشفيات والطواقم الطبية والمدارس والبنية التحتية الأساسية، فضلًا عن استخدام االبراميل والقنابل العنقودية، والأسلحة الكيماوية، يشكل تصعيدًا كارثيًا للنزاع […] وقد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب،” كما دعوا أيضا إلى إجراء تحقيق كامل حول قصف قافلة مساعدات في أيلول/ سبتمبر التي قُتل فيها عشرون شخصًا على الأقل.

أبدى بعض الوزراء استعدادهم لتوسيع تجميد الأصول وحظر السفر على سوريين مسؤولين عن القصف، ولكنهم لم يقترحوا فرض عقوبات ضد روسيا، ووافقوا بسهولة على قرار يستهدف السوريين المتورطين في قصف حلب، بينما كانوا منقسمين حول انتقاد روسيا.

وخلال المحادثات المتوترة في لوكسمبورغ، عارض حوالي ثلث الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي – بما في ذلك إسبانيا واليونان وهنغاريا وقبرص- الإشارة إلى روسيا، بحجة أن ذلك يجعل محادثات السلام أكثر صعوبةً، ولكن بعد أكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة من المحادثات فازت الأغلبية: وقَّع الوزراء قرارًا ضد “الهجوم الذي يشنه النظام وحلفاؤه، وخاصة روسيا”.

وفي لندن، قال الجبير أيضًا إن التحالف الذي تقوده السعودية أقرّ بالمسؤولية كاملةً عن الهجوم على مجلس العزاء في العاصمة اليمنية صنعاء والذي خلَّف أكثر من 140 قتيلًا وأكثر من 500 جريح، وقال أظهرت “النتائج الأولية” أنَّ هناك معلومات استخباراتية خاطئة.

“لم يكن هناك احترام للاتفاقات والإجراءات في توجيه الضربات، حيث تقع المشكلة على عاتق القيادة العليا في اليمن. إنها مأساة رهيبة ونتوقع المساءلة وتعويض الضحايا. وقال الجبير: يجب أن يُحاسب المسؤول عن موت140 شخصًا”.

وقال إنه لا يوجد أميركيون أو بريطانيون متورطون في الهجوم، واصفًا إياه بأنه “خطأ فادح”. وقال إنه تم اتخاذ قرار بالاستمرار في الهجوم من مركز القيادة في اليمن على مدى 15 دقيقة، ولم يُصدِّق عليه مركز القيادة السعودية.

وفي اجتماع لاحق استفسر النواب من الجبير، وكان بينهم الوزير توبياس إلوود (عضو برلمان ومسؤول عن مكتب الخارجية التابع لرئيس الحكومة)، لتسريع التحقيقات الداخلية في غارات أخرى مثيرة للجدل على المستشفيات والأسواق والمدارس.

“لدينا مشكلة رمزية. تقوم بها العديد من البلدان. لقد فاقمتها الحرب في اليمن. الناس لا يحبون الحروب. وقال نحن قد لا نكون أفضل في شرح أنفسنا، و[لكن] ندرك أننا في حاجة إلى أن نكون أكثر انفتاحًا على العالم “.

اسم المادة الأصليRussia offers brief pause in Aleppo bombing amid war crimes accusations

الكاتبPatrick Wintour in London, and Jennifer Rankin in Luxembourg

باتريك وينتور (لندن) و جينيفر رانكين (لوكسمبورغ)

مكان النشر وتاريخهThe Guardian، الغارديان، 17/10/2016
رابط المقالةhttps://www.theguardian.com/world/2016/oct/17/russia-offers-brief-pause-in-aleppo-bombing-amid-war-crimes-accusations
المترجمأحمد عيشة




المصدر