لمٌّ الشمل من سورية إلى أوروبا.. معاناة تبدأ مع المهربين لدخول تركيا وتنتهي بمزاجية موظفي مطار إسطنبول
19 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016
رغداء زيدان ـ السورية نت
بعد فرض السلطات التركية الفيزا على السوريين، وعدم إعطائها لمن يتقدم لها في كثير من الأحيان، يضطر كثير من السوريين لدخول تركيا عبر التهريب، مما يعرضهم لكثير من المشاكل والمخاطر والابتزاز.
وبعد هجرة آلاف السوريين إلى أوروبا هناك كثير من العائلات التي تنتظر لم شملها وهي تحتاج لدخول تركيا لإجراء مقابلة في السفارات الأوروبية، حيث يوجد سفارات أوروبية، لا تجري مقابلات إلا في تركيا فقط.
تقول “سمر” وهي فتاة سورية اضطرت لدخول تركيا عبر التهريب لإجراء مقابلة لم شمل مع زوجها المقيم في السويد، لـ”السورية نت” إنها حاولت الحصول على تأشيرة دخول نظامية لتركيا، لكنها لم تستطع، مما اضطرها للقبول بخيار الدخول عبر التهريب.
وتتحدث “سمر” كيف أنها اجتازت الأراضي السورية برفقة مهرب تعهد بإيصالها حتى الحدود التركية بعد حصوله على مبلغ كبير من المال، وقالت إن كل حاجز للنظام مروا به، كان لابد من دفع المال كرشوة حتى يسمح لهم بالمرور. مشيرة أن لكل حاجز تسعيرته الخاصة.
وأضافت أن هناك حواجز لا تخضع للنظام، بل هي تابعة لميليشيات الشبيحة، الذين لا يخضعون لقانون أو سلطة وهؤلاء لهم نظامهم الخاص في سرقة المواطن وأخذ كل شيء ثمين معه.
وتتابع “سمر” حديثها لـ”السورية نت” مختصرة تفاصيل رعب حقيقي عاشتها في سورية أثناء رحلتها بسبب قصف النظام لبعض المناطق التي مرت بها قائلة: “بعد وصولي للحدود التركية كان هناك مهرب آخر مهمته مساعدتي باجتياز الحدود، وطبعاً له أجرته الخاصة”.
وتضيف: “محاولات اجتياز الحدود تكررت أكثر من مرة، حتى نجحنا بالدخول للأراضي التركية، وقام مهرب آخر بإيصالي إلى اسطنبول في رحلة استمرت 16 ساعة، كلها خوف وقلق من أن يكتشفنا البوليس التركي ويعيدني من حيث أتيت”.
رحلة “سمر” من سورية إلى تركيا استمرت أيام عدة، دفعت خلالها ما لا يقل عن 1200 دولار تقريباً للمهربين والشبيحة، حتى وصلت قبل يوم واحد من مقابلتها، وليس معها إلا ملابسها وأوراقها المطلوبة للمقابلة.
بعد المقابلة كان لابد لها من الانتظار خمسة أشهر أخرى، في اسطنبول حتى حصلت على الإقامة في السويد، ولحسن الحظ، كما تقول “سمر” أنها وجدت أسرة سورية سكنت عندها هذه الفترة.
في مطار أتاتورك
ظنت “سمر” أن أيام التعب والانتظار انتهت، وخصوصاً أن موعد سفرها قد تحدد، ولم يبقى عليها سوى التوجه نحو مطار أتاتورك وركوب الطائرة للسفر إلى زوجها.
وتقول “سمر”: “قال لي بعض الأصدقاء أنه لابد لي من التوجه للمطار قبل ست ساعات من أجل إجراءات الخروج، كوني دخلت تركيا تهريباً، ولا يوجد على جوازي ختم دخول نظامي”.
وتتابعت: “ذهبت للمطار قبل موعد الطائرة بست ساعات وتوجهت لقسم البوليس في المطار، فوجدت طابوراً كبيراً أمامي، كلهم سوريون دخلوا تركيا تهريباً وينون السفر إلى أوروبا بعد قبول معاملة لم شملهم في بلاد أوروبا المختلفة”.
وتقول “سمر”: “بدأت الأحاديث الجانبية لأكتشف أن هذا الطابور لا يتحرك وأن الموظف التركي أمرهم بالوقوف، وأن منهم من يقف في مكانه منذ ساعات قبلي. وأخبرني بعضهم أن رحلة سفرهم فاتتهم، وعليهم بعد أن يمن عليهم الموظف التركي بتسيير معاملتهم أن يراجعوا شركة الطيران لتحديد موعد جديد للسفر”.
وتصف “سمر” كيف أن الموظف التركي كان يتسلى في مكتبه أمامهم، وكل ساعتين يقوم بتسيير معاملتين أو ثلاثة لا يأخذ معه وقت إنجازها أكثر من ربع ساعة.
والجدير بالملاحظة، كما تقول “سمر” أن الموظف التركي، كان يقول بصراحة إنه يفعل ذلك لأنهم دخلوا تهريباً، ورغم أن المكتب موجود فيه لافتة مكتوب عليها أن المحادثات مسجلة، مما يعني أن ما يجري في المكتب معروف من قبل السلطات التركية، إلا أن أحداً لم يتدخل ليحث الموظف على إتمام إجراءات المسافرين، وعدم تعطيل سفرهم، وخصوصاً أنهم لم يختاروا دخول تركيا تهريباً إلا بعد أن سُدّت في وجوههم كل السبل الأخرى.
الإجراءات التي تقوم بها الحكومة التركية بحق من دخل إلى البلاد تهريباً هي المنع من دخول تركيا لسنوات ثلاثة أو خمسة، حسب قرار الموظف المسؤول، وهناك من يتم تغريمه بغرامة مالية.
بقيت “سمر” تنتظر عطف الموظف التركي أكثر من أربع ساعات، وكانت من المحظوظات، لأنها استطاعت اللحاق بطائرتها قبل إقلاعها، بينما اضطر غيرها لتحديد موعد جديد للسفر بعد فوات رحلتهم، بسبب مزاجية الموظف التركي، الذي كان يقضي وقته أمام السوريين وهو ينظر إليهم أو يتشاغل بتمزيق بعض الأوراق التي كان قد طلبها من مسافرين سابقين، رغم أنه لا يحتاجها، فقط لتعطيلهم وتفويت الرحلات عليهم.
وتشير “سمر” إلى أنها بعد حصولها على منع دخول لتركيا توجهت نحو الطائرة، فلحق بها شاب سوري راح يقول لها إنه هو من تواسط لها مع الشرطي، وطلب منها دفع 100 دولار ليتقاسمها بينه وبين الشرطي، حسب ادعائه.
وتقول “سمر” متأسفة: “هذا الشاب السوري النصاب الذي طردته دون أن أدفع له قرشاً، مهمته اصطياد الخارجين من جحيم مكتب البوليس التركي لابتزازهم، وهو كذاب لأنه كان يقف مثلنا ويتحفنا بنصائحه التي لم تغير من وضعنا شيئاً”.
وتتابع: “لو كان معي وقت قبل سفري لكنت تقدمت بشكوى ضده لأنه لم يراعي معاناة أبناء بلده، وجاء ليبتزهم في لحظاتهم الحرجة”.
“سمر” وصلت للسويد أخيراً، لكنها لم تنسَ رحلة طويلة من المعاناة بدأت بعبور خطر ومكلف من سورية إلى تركيا، وانتهت في مطار أتاتورك ومزاجية موظف البوليس الذي يتسلى بمعاناة السوريين، وذلك الشاب السوري النصاب الذي يحاول ابتزازهم في آخر لحظة قبل ركوبهم طائرة اللاعودة لتركيا.
[sociallocker] [/sociallocker]