بمشاركة باحثين سوريين.. ندوة لمركز "سيتا" التركي تناقش ملفات في القضية السورية


عقد مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي (سيتا)، اليوم الخميس، في مدينة اسطنبول بتركيا، ندوة بحثية ناقش فيها الملف السوري، بمشاركة باحثين أتراك وسوريين.

الندوة التي حملت عنوان "الفوضى في سورية إلى أين؟"، تضمنت عرضاً للوضع الراهن في سورية، وناقشت التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة، لا سيما معركة "درع الفرات" وما عكسته من زيادة الدور التركي في سورية، بالإضافة إلى توصيف لوضع الجبهات العسكرية.

وتحدث في الندوة كل من عضو الهيئة العليا للمفاوضات ورئيس الائتلاف السوري السابق، خالد خوجة، والمدير التنفيذي لمركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمار القحف، بالإضافة إلى الدكتور أفق أولوتاش من مركز "سيتا"، والدكتور محي الدين أقامان من جامعة أنقرة.

وأشار أقامان إلى "الفوضى الحاصلة في سورية" ساهمت في أن تحدد تركيا بشكل أكبر خطوطها الحمراء في سورية، وتحديد ما الذي يمكن تحمله وما لا يمكن تحمله.

ولفت أيضاً إلى سياسات دور إيران في وسياستها الطائفية الواضحة في سورية والعراق، وقال إن أطماع طهران بالمنطقة العربية باتت واضحة، مشيراً في ذات الوقت إلى أن "العالم العربي لم يعد ينتج سياسات حقيقية"، على حد قوله.

أقامان أشار في مداخلته خلال الندوة إلى التنافس الروسي – الأمريكي الحاصل في سورية، واصفاً موقف البيت الأبيض بـ المتردد، وتابع أنه حتى الاتحاد الأوروبي لم تعد سياساته فاعلة، وكذلك حلف شمال الأطلسي "الناتو"، خصوصاً فيما يتعلق بأزمة أوكرانيا (واستيلاء روسيا على أراضٍ أوكرانية".

واعتبر أقامان أنه نظراً لبروز قضايا معقدة في الوطن العربي، فلم تعد فلسطين القضية المركزية، بل تراجعت أهميتها لتكون في المرتبة الرابعة على سلم القضايا الهامة، حسبما يرى.

الأسد وتعزيز الفوضى

من جانبه، لفت مدير مركز "عمران" عمار القحف، إلى أن الأنظمة السياسية في البلدان التي شهدت احتجاجات ضد الأنظمة، سعت منذ البداية لترويج فكرة الفوضى وربطها بالثورات.

وأشار القحف إلى أن نظام بشار الأسد في سورية، وضع منذ بداية الثورة (2011) سردية للإرهاب وتعامل من خلالها مع حراك المحتجين، والربط فيما بينهم وبين الإرهاب.

وأضاف أن الأسد عمل على خلق فوضى سياسية، واقتصادية، وأمنية، وبات ينظر للمشهد بأدوات أمنية، ما ساهم في زيادة دور أجهزة الأمن في سورية بالتعامل مع المحتجين، "لكونه نظر للحراك الثوري من منظار الإرهاب"، لافتاً في هذا السياق إلى التخويف من اللاجئين السوريين.

من ناحية ثانية، لفت القحف إلى غياب الدور العربي الفاعل بالملف السوري، لا سيما الدور المصري في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، واصفاً الموفق العربي من سورية بـ المتردد.

وعن التدخل العسكر الروسي المباشر في سورية، قال القحف إنه نتيجة لفشل الإيرانيين في مساعدة الأسد لجأ الأخير إلى روسيا، لكنه شدد في ذات الوقت على أنه من غير الممكن العودة لما كان عليه الوضع في سورية قبل بدء الثورة.

إضعاف المعارضة

بدوره أشار عضو الهيئة العليا للمفاوضات خالد خوجة، إلى جملة من الأسباب التي أوصلت الوضع في سورية لما هو عليه الآن، وركز بشكل أساسي على التراجع الأمريكي لصالح روسيا في سورية.

وقال إن الجيش الحر قد تم إضعافه مقابل تقوية جهات أخرى كـ ميليشيات "سورية الديمقراطية" – التي تشكل الميليشيات الكردية – أساسها، مشيراً أنه تم تصوير هذه القوات على أنها "القوات المطلوبة" في سورية.

وندد خوجة بسياسة روسيا ونظام الأسد واتخاذ وجود قرابة نحو 300 مقاتل من جبهة "فتح الشام" ذريعة لتدمير حلب التي ترتكب فيها يومياً مجازر من الطيران، والقصف بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة.  لافتاً أن الهدف من ذلك فصل حلب عن إدلب (التي تعد مركزاً قوياً لقوات المعارضة السورية).

وعن عملية "درع الفرات" رأى خوجة أن المعارك في الشمال السوري تغير التوازنات، منوهاً إلى أهمية مدينة الباب (التي يسيطر عليها تنظيم الدولة)، ومنبج "التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية بما فيها قوات كردية)، وقال إن "هاتين المدينتين ستغيران قدر حلب". وتابع أن تركيا تعمل حالياً على "إعادة إنتاج الجيش السوري الحر وتقويته".

وفيما أطلقت قوات عراقية بمساندة التحالف الدولي عملية عسكرية كبيرة لطرد "تنظيم الدولة" من الموصل العراقية، قال خوجة إن "المعركة مهمة للسوريين، والأهم ألا يخرج مقاتو داعش من الموصل لسورية".

وشرح خوجة أسباب تعقد المشاورات السياسية حول الملف السوري، لا سيما مع إصرار روسيا والنظام على المضي بخياراتهما العسكرية، مشدداً على أن المحادثات ينبغي أن يسبقها فك للحصار ووقف القصف، وإيصال للمساعدات للمناطق المحاصرة، كما لفت إلى ضرورة ألا يترك تقرير المصير بالملف السوري لأمريكا وروسيا فقط.

ونوه أيضاً إلى عمليات التهجير القسري التي ينفذها نظام الأسد بدعم روسي في مناطق سورية عدة.

الدور التركي

واتفق الباحث في مركز "سيتا" أفق أولوتاش مع بقية المشاركين بالندوة، على أن "درع الفرات" تشير في مجملها إلى زيادة الفاعلية التركية في سورية، معتبراً أن أنقرة تدفع ثمن استقلال سياساتها.

وطرح أولوتاش تساؤلاً حول ما الذي سيحدث بعد معركة الباب بريف حلب الشمالي، خصوصاً إذا تمكنت "درع الفرات" من السيطرة على المدينة، وبذلك تصبح على تماس مباشر مع قوات النظام، متوقعاً حينها أن تحدث بعض الأزمات دون أن يخوض بتفاصيلها.

وقال أولوتاش إن روسيا ترتكب مجازر حرب في سورية، معتبراً أن موقف معظم المعارضة السورية يتفق مع تركيا في موقفها من "حزب العمال الكردستاني" الذي تصفنه تركيا بقائمة الإرهاب.




المصدر