on
طارق سلو جاوزجي: الفيدراليات في الدول الضعيفة سلبية في مستقبلها
باسم حسين
أكّد مسؤول حزبي تركماني سوري أن تركمان سورية لن يسعوا إلى أي توجه خاص بعيدًا عن إرادة الشعب السوري، سواء تركيًا أم في اتجاه آخر، وشدد على استحالة استقرار منطقة جرابلس شمالي سورية في ظل وجود فصيل كردي انفصالي، وشدد على أن الفيدرالية في الدول ذات البنية الضعيفة، لها تأثير سلبي في مستقبلها، وأكّد أن مشكلة التركمان ليست مع الأكراد، وإنما مع الانفصاليين منهم.
وحول رؤية تركمان سورية للتدخل العسكري التركي، إذا ما كان طويل الأمد، قال طارق سلو جاوزجي، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية التركمانية السورية، لـ (جيرون): “نؤمن أنه لا يمكن للمشروعات السياسية الخاصة أن ترى النجاح، بأي شكل من الأشكال، إن كانت بعيدة عن شركاء الوطن، فالعمى القومي أو الطائفي، والتخندق الأيديولوجي والأنانية، تؤدي إلى نتائج وخيمة لا تُحمد عقباها، ومن هذا المنطلق، نؤكد أن مفهوم الدولة -في رؤيتنا- أكبر بكثير من مفهوم المزرعة الخاصة التي يحملها بعض أبناء الوطن، ممن حولوا سورية إلى أرض خصبة للصراعات والحروب؛ نتيجة أنانيتهم وإصرارهم على الإمساك بكل مقدرات الوطن، وتوظيفها من أجل استمرار تسلطهم”.
وأضاف: “هذه التوجهات الأنانية لن تفيد سورية شيئًا، ولن تُقدّم لنا أي أفق في المستقبل القريب، نحن مع المشروع الوطني التي يضم كل السوريين، دون النظر إلى انتماءاتهم، طبعًا مع التزام الدولة باحترام خصوصيات المكونات السورية جميعًا دون استثناء، ونحن لم ولن نسعى إلى أي توجه خاص بعيدًا عن المكونات الأخرى في سورية”.
الانتقال إلى الداخل
وفيما إن كانت الأحزاب والقوى السياسية التركمانية، ستنتقل إلى المنطقة التي سيطرت عليها فصائل من الجيش السوري الحر، المدعوم من تركيا (جرابلس والمناطق المحيطة بها) وتعمل من الداخل، أم أن الأمر سيبقى رهن العسكر، قال سلو: “الامتحان الكبير الذي ينتظر شعوب المنطقة هو القدرة على التخلص من إدارة العسكر للبلاد؛ إذ إن التطورات -بمجملها- عبر العقود المنصرمة أكدت ضرورة ابتعاد العسكر عن السلطة، والانتقال إلى الحياة السياسية المدنية، وفق الرؤى والأساسيات الديمقراطية، لذا؛ نحن نسعى -بعد استتباب الأمن- إلى الانتقال إلى الداخل السوري، والعمل من أجل ترسيخ الحالة المدنية والسياسية التي يتوق إليها السوريون جميعًا، بالطبع نعلم جيدًا أن هذا المسعى سيلقى اعتراضات ومجابهة من القوى والفصائل المتحكمة بزمام الأمور في الداخل، إلا أننا نعلم أيضًا أن الطريق إلى الحرية طريق شاق، ويتطلب كثيرًا من العمل والجهد”.
تركمان وأكراد
وبينما سيطرت فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا على جرابلس وما حولها، تسعى ميليشيات كردية لإقامة فيدرالية في شمالي سورية بالسيطرة على مدينة منبج المجاورة، وهي ميليشيات تابعة لـ “حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي الذي يُعدّ الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني الذي المصنّف تنظيمًا إرهابيًا.
وفيما إن كانت المنطقة قابلة للاستقرار بوجود الأكراد في منبج، قال المعارض السوري: “لنُسمّي الأشياء بمسمياتها الحقيقية أولاً؛ حتى لا يُفهم حديثنا بشكل خاطئ، فنحن نعلم بوجود نسبة من أهلنا الأكراد في منبج، ونتشرف بجوارهم عبر السنوات المنصرمة، وما يجب الحديث عنه الآن في منبج، وبدقة هي (وحدات حماية الشعب) التي تُعدّ المسيطر الفعلي على (قوات سورية الديمقراطية) المهيمنة على منبج، وليس خافيًا على أحد المشروع الانفصالي الذي تحمله هذه الفئة، ومساعيها الحثيثة في توحيد الكانتونات شرق الفرات بكانتون عفرين، وبالتالي؛ الانتقال إلى المرحلة التالية من الانفصال عن سورية، فهل يمكن الحديث عن استقرار للمنطقة بوجود طرف -كهذا- يسيطر على منبج؟ في رأينا هذا غير معقول، يجب على هذه القوات أن تترك منبج لأهلها، وتخرج من المنطقة؛ لأن وجودهم فيها يعني بقاء المنطقة في حالة عدم استقرار دائمة، ستكون نتائجها سلبية على الجميع”.
وعن حجم الهوّة بين التركمان والأكراد، قال: “أعود لأؤكد علاقاتنا الطيبة مع الأخوة الأكراد في سورية، وليست هناك أي هوة بيننا، طالما أننا نسعى إلى سورية ديمقراطية، تجمعنا وتحمي حقوقنا معًا، ومشكلتنا مع الانفصاليين من الأكراد لا يمكن عدّها مشكلة مع الأكراد، بل هي مشكلة مع الفكرة التي يحملها هؤلاء عن مستقبل سورية، فمشكلتنا معهم هي نفسها تلك المشكلة التي عشناها ونعيشها مع النظام السوري الذي يملك مشروعًا خاصا به، ونفسها هي المشكلة التي نعيشها مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي يريد أن يبني دولة على أنقاض دولتنا، وما نسعى إليه -حقًا- هو التشارك مع الجميع؛ لبناء الوطن الذي يحمي الجميع، وما نرفضه هو نزعة التفرد بالسلطة وأحلام الانفصال على أنقاض دولتنا، وبالتالي؛ ضياع المستقبل الذي نحلم به، المستقبل الذي ينشده كل السوريين”.
وأضاف: “لدينا مشتركات كبيرة جدًا مع كل الأكراد الذين يحملون المشروع الوطني، وكانت لنا لقاءات عديدة مع المجلس الوطني الكردي في إطار هذه المبادئ والرؤى، كما أننا مستعدون للحوار دومًا من أجل وطننا الذي نحلم به واحة للديمقراطية والتعايش المشترك بين جميع المكونات.
وتؤكد المعارضة السورية أن “حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي ذو التوجهات الانفصالية استغل العدوان الروسي وفوضى الوضع القائم في سورية، وقام بتهجير التركمان والعرب من المناطق الحدودية مع تركيا؛ بهدف رسم حدود لإقليم كردستاني يسعى لتصنيعه عنوة، وطرد -وفق تقديرات أحزاب تركمانية- نحو عشرة آلاف من التركمان السوريين من ريف حلب وحده.
الفدرالية والدولة الضعيفة
وحول الموقف من الفيدرالية، قال سلو “في بداية الثورة، كنا في الحركة الوطنية التركمانية نسعى حثيثًا إلى الدفاع عن مفهوم المواطنة، الذي يحمي حقوق المكونات الاجتماعية السورية دون استثناء، بعيدًا عن الدخول في مسائل الأقليات والطوائف والمذاهب، إلا أن التوجه العام الذي طغى على خطاب المعارضة السورية كان يسير باتجاه آخر، حيث أصرّت الوثائق التي صدرت عن المعارضة، وخاصة وثيقة العهد الوطني الصادر عن مؤتمر القاهرة، على ذكر الحقوق القومية لبعض الأطراف الوطنية، والتغاضي أو التعامي عن حقوق الأطراف الأخرى، هذا الأمر لم يكن مقبولاً من قبلنا، وكان هناك إصرار من قبلنا على إلغاء ذكر أطراف بعينها، أو إضافة الحقوق التركمانية أيضًا، وهذا ما حصل بعد ذلك، وبهذا الشكل اضطرت الحركة التركمانية إلى تغيير خطابها وفق المعطيات المفروضة من خطاب المعارضة”.
وتابع: “الآن تتحدث الحركة التركمانية عن دولة سورية، تُعطى فيها سلطات واسعة للإدارات المحلية دون الدخول في متاهات الفيدرالية، التي نرى أن لها في الدول ذات البنية الضعيفة تأثيرًا سلبيًا على مستقبل الدولة وتماسكها، إلا أننا في السياق نفسه، نرى أنه من غير الممكن مجابهة الحركة التركمانية لتوجه فيدرالي كهذا في حال اتجه بقية الشركاء في الوطن إليه، عندها سيكون لنا حديث آخر في سبيل التجربة إن فُرضت علينا”.
بالمقابل، رحّب القيادي الحزبي التركماني السوري باللامركزية الإدارية المحلية، فيما لو كانت خيارًا سوريًا شاملًا، وقال: “نحن نسعى إلى توسيع صلاحيات وسلطات الإدارات المحلية، وبالتالي؛ إلى اللامركزية الإدارية للدولة، أما اللامركزية السياسية فنراها عنصر ضعف للدول التي لم تحقق تطورها الصناعي والتجاري، وليس هناك قوى سياسية أو عسكرية تركمانية تقول بغير ما نقوله”.
وأضاف: “لدى المكون التركماني في سورية تصوّر إسلامي معتدل، بعيد عن الفهم الراديكالي، ويسعى إلى دولة ديمقراطية يحكمها الدستور الذي يحمي حقوق الجميع، وجميع التشكيلات العسكرية التركمانية تدور في فلك هذه التصورات العامة للمجتمع التركماني، وتُشكّل بهذا النحو مرآة تعكس التصور العام للمكون التركماني في سورية”.
ويضم (جبل التركمان) نحو 27 قرية، تجمع ما يزيد عن 80 ألف تركماني من أجل إبعاد خطرهم عن الساحل معقل النظام السوري، كما سهّلت روسيا والنظام لميليشيات كردية سورية بأن تتمدد صوب مناطقهم، ما عده كثير من التركمان تهديدًا وجوديًا، وسعت تركيا لدعمهم عسكريًا؛ لوجود مصلحة لها في وقف التمدد الكردي غرب نهر الفرات في شمالي سورية.
ويُشار إلى أن التركمان مواطنون سوريون من أصل تركي، وهم جزء من الشعب السوري، وخلال فترات زمنية نسي معظم التركمان الذين استقروا في سورية أصولهم القومية؛ بسبب اندماجهم الإيجابي في المجتمع السوري، والاختلاط والتزاوج والانصهار، وقد نالوا نصيبهم من ظلم الاستبداد ككل السوريين، وينتشرون في معظم المحافظات السورية، ويتركزون في القرى التركمانية المنتشرة في شمالي سورية خصوصًا، ووقف التركمان السوريون إلى جانب المعارضين لنظام بشار الأسد منذ بداية الثورة عام 2011 وحتى اليوم.
المصدر