ما الذي سيفعله “سنّة” العراق الغاضبون بعد هزيمة الدولة الإسلاميّة؟


ترجمة – حسين عيسى


الصورة: قبّة سامرّاء وقد أعيد بناؤها.

بينما كان داعية سنّي بارز يصف كيف سيمهّد زوال الدولة الإسلاميّة لعهد جديد من التصالح السني-الشيعي، قام جندي شيعي يخدم على حاجز يقع خارج مدينته سامرّاء بمقاطعة تأمّلاته قائلًا: “قام ناسكم بتفجير مزاراتنا”، ومن ثمّ أمر الشيخ “صلاح الطه” بالخروج من السيّارة. تُرك الشيخ ينتظر بضع ساعات في الشمس ريثما يستيقظ الضابط الآمر من قيلولته؛ لتعود مشاعر الاستياء إلى الشيخ، وليقول إنّ سامرّاء، والواقعة على بعد 125 كيلومترًا (80 ميلًا) شمالي بغداد، لم تعد مدينته، فقد سيطرت الميليشيّات الشيعيّة على المدينة القديمة وطردت سكّانها السنّة.

بدلًا من التعايش السهل الذي كان في سامرّاء في الماضي –حيث ازدهرت أعمال أهل السنة من جرّاء إدارتهم للفنادق والمطاعم التي يرتادها الحجّاج الشيعة- تُقسم المدينة الآن إلى قسمين: جزء خارجي، حديث العهد، وكثير الهيجان شكّله المهجّرون السنّة، ويحيط بقسم داخلي هو عبارة عن بثر أشبه بمدينة مهجورة يُديرها تكتّل من الميليشيّات الشيعيّة. يوجد في مركز مدينة سامرّاء القبّة المطليّة بالذهب والتي تعلو ضريحي إمامَي الشيعة؛ العاشر والحادي عشر، واللذين قام الجهاديّون بتفجيرهما في عام 2006، ومن ثمّ تمّ ترميمهما بحلّة أكثر بهاءً. لا يزال القليل من السنّة الذين باستطاعتهم عبور عتبة المزار الصلاة فيه، لكن تمّ فصل الموظفين السنة الذين كانوا يخدمون هناك، وتوقّف الأزواج السنة عن الوقوف أمام أبوابه المرصّعة بالزخارف يوم زفافهم.  يقول عضو مجلس محلّي سنّي: “نريد التحرّر من الاحتلال العسكري.”

يقوم الحجّاج الشيعة، تحت حماية الميليشيّات الشيعيّة، بالاحتفال بمناسبة مرور 1400 سنة على ظلم السنّة والمستبدّين الذين قتلوا أئمّتهم المؤسّسين. يقوم سنّة سامراء بالصعود على “مَلْوِيَّتِهم”: المئذنة البرجيّة التي قام الخلفاء العباسيّون بتزيين عاصمتهم بها منذ 1200 عام، وذلك عندما حكموا العالم الإسلامي من تلك المدينة الملتوية على نهر دجلة. يعتلي، الآن، علم الميليشيّات ذلك الصرح أيضًا، ومن الممكن، لو أراد الجندي على الحاجز، أن يُمنع الوصول إليه، حيث يقول: “يرقد أولياؤنا هناك، لا تمشوا على قبورهم.”

 

الانحدار طويل الأمد

خسر السُّنة، على امتداد القرن الماضي، معظم عواصمهم التي حكم، منها، خلفاؤهم في الماضي إمبراطوريّتهم الواسعة، فمن أنقاض مدينة الرملة الفلسطينيّة إلى بغداد، سيطرت القوى الاستعماريّة على الهلال الخصيب من العثمانيّين، و قسّمته لما أصبح يُعرف اليوم بفلسطين، ولبنان وسورية والعراق، وعلى الرغم من أنّ السنّة ما زالوا يشكّلون الأغلبيّة في قلب العالم الإسلامي، إلّا أنّهم يعيشون في عديد الأماكن كسكّان تابعين، حيث يشكّل السنة نسبة 85 في المئة من الـ 26 مليون لاجئ أو مهجّر من الشرق الأوسط، كما تعني الحروب الهائجة في كلّ من سورية والعراق وليبيا واليمن أنّ عملّية نزع الملكيّة لم تنتهِ من أخذ مجراها الكلّي بعد.

لا يوجد أيّ مكان آخر يتجلّى فيه ذلك الضياع أكثر من العراق، البلد الذي ينظر إليه السنّة، منذ القرن السادس عشر، كالحصن ضدّ تقدّم شيعة إيران في اتّجاه الغرب، لكن قام الغزو الأميركي، في عام 2003، بقلب الأمور لمصلحة الأغلبيّة الشيعيّة في العراق: فتَحْتَ مسمّى “قلع جذور طغيان صدّام حسين”، قام قادتهم الجدد باستبدال جيش جديد مرتكز على الشيعة بالجيش القديم وطبقة ضبّاطه السنّة  ، و من خلال عمليّة “اجتثاث البعث”، تمّ تطهير الحكومة من المسؤولين السنّة في الحزب الحاكم، و كما تشعّ الآن ابتسامات “آيات الله” عبر البلاد بأسرها من الأمكنة التي كانت تبتسم فيها نصب تماثيل صدام حسين في السابق، و لا يُرى أيّ وجه سنّي، و تقول راية معلّقة على سيّارة جيب عسكريّة: “دولة الحسين” (ثالث الأئمّة الشيعة.)

اتسمت السنوات العشرة الماضية بالصعوبة، فتحت راية “محاربة الإرهاب”، قام مقاتلون أهليّون أكردًا وشيعة بطرد الملّاك السنّة من أراضيهم، ابتداءً من جنوبي وشمالي العراق ومن ثم من وسطه، وكما تضع حواجز التفتيش السنة تحت حصار شيعي وتمنع بشكلٍ كبير من عودة جماعيّة لأهل السنة، ويقول ضابط استخبارات كردي: “هم يهجّرون العرب من القرى بإطلاق تسمية داعش عليهم”، وكما يعيش سادة تلك المنطقة السابقون الآن في خيم في المخيّمات. لا وجود لأرقام دقيقة، لكن ربّما قد تمّ تهجير 2.5 مليون من أصل 7 ملايين سنّي عربي في العراق، يوجد معظمهم الآن في كردستان العراق حيث عليهم تجديد تصاريح إقامتهم كلّ أربعة أشهر، كما لو كانوا على أرض أجنبيّة، كما غادر ما يقارب ال 1.5 مليونًا العراق، إنّ المرور على طول العراق الآن أشبه بزيارة المدن القديمة الميتة التي خلّفتها روما القديمة في سوريا. يقول سليم الجبّوري -والذي يُعدّ بوصفه رئيسًا للبرلمان، أرقى المسؤولين العرب السنّة منصبًا-  مشتكيًا: “لا أستطيع العودة إلى دياري”؛ حيث تتحكّم الميليشيّات الشيعيّة بمدينته الأم في محافظة ديالى، ويقول بأنّها لن تمنحه التصريح للقيام بذلك، وكما يوهَن أقاربه في سجون سريّة، و حتّى إنّ مسجده المحلّي السنّي قد تحوّل إلى مسجد شيعي.

لا تعدّ سياسات تهجير السكّان بالأمر الجديد في العراق، حيث قام الرئيس الأسبق، السنّي، باتباعها بشكلٍ واسع ضد الشيعة والأكراد، ولكن بسبب وقوعهم فيها إلى هذه الدرجة الكبيرة، يصعب على أهل السنة تحمّلها، وقام الرائد “رعد حمداني”، آخر قادة الحرس الجمهوري لصدّام حسين والمنفي الآن في العاصمة الأردنيّة عمّان، بعنونة كتابه بـ”قبل أن يغادرنا التاريخ”.

في مقاهي إربيل، يُمضي المتحدّثون الغاضبون، من الأنبار، أيّامهم في مشاهدة فيديوهات الزوجات والبنات في الصحاري الغباريّة، من دون دور استحمام، يروين المجازر التي تعرّض لها أقرباؤهنّ الذكور على يد الميليشيّات الشيعيّة بعد استعادة الفلوجة من قبضة داعش، ويقول مسؤول سنّيّ في بغداد: “أميركا رعت الأكراد، وإيران رعت الشيعة، أمّا نحن، السنّة، فإنّنا كالأطفال المعنّفين، نحن يتامى العراق.”

وكما ذكر المؤرّخ الإسلامي الكبير ابن خلدون، في أحد أعماله الكلاسيكيّة “المقدّمة”، فإنّ القوّة تعدّ إحدى الطرق المشروعة الأربعة لكسب السلطة، غالبًا ما كانت ردود السنّة تتّسم بالعنف، وبتعبيراتٍ مختلفة (من القاعدة إلى الدولة الإسلاميّة)؛ حيث قاتل السنّة لاستعادة العراق، وقد لقي الخليفة “أبو بكر البغدادي” على الأقل في البدء، دعمًا سنيًّا واسعًا لإعادة سيطرته على الأراضي التي طردهم منها الأكراد والشيعة. وبينما قامت الدولة الإسلاميّة بتطهير أراضيها من غير السنّة، فقد تجنّبت وإلى حدّ كبير القتال على أرضٍ شيعيّة. يستذكر الفريق حمداني كيف ناداه ضبّاطه في الموصل، واحدًا تلو الآخر، لإلقاء تحيّة الوداع قبل التوقيع.

عُرفت الموصل، منذ أيّام رشيد رضا، وهو إصلاحي إسلامي في أوائل القرن العشرين، كمكان لخليفة معتدلٍ مُحتَمل، ولربّما سيكون باستطاعة السنة استعادة شرفهم وعظمتهم من جديد، يُضيف حمداني.

لكنّ حكم الجهاديّين يُعتبر بمنزلة “صحوةٍ” فظّة، حيث يقول رجل سنّي منفي من الموصل: “اكتشفنا متأخّرين جدًّا أنّ السنّة كانوا أولى ضحايا الخلافة”؛ فلمدّة عامين قام الأطفال بحضور الإعدامات الميدانيّة، وكما يتعلّمون العدّ عن طريق إحصاء أعداد المرتدّين الذين تمّ قتلهم بوساطة التفجيرات الانتحاريّة؛ كما تمّ إغلاق الجامعات، ودمّرت القواعد الصناعيّة، أمّا المدن فقد تعرّضت للتخريب من جرّاء قصف التحالف الدولي، ومدفعيّة الميليشيّات وألغام الجهاديّين المنسحبين.

لكن حالما تخسر الدولة الإسلاميّة في العراق والشام الموصل، أكبر معاقلها، أين سيتّجه أهل السنّة الغاضبين والذين تمّ سلب ملكيّاتهم؟  قد يتشبّث كثير من الناس بالدولة الإسلاميّة، خوفًا من الهجمات الانتقاميّة على أيدي الميليشيّات الشيعيّة واليزيديّة. في الواقع، واستنادًا إلى ما سبق، سيتّجه بعضهم نحو المزيد من العنف العدمي.

لقد أدّت كل مرحلة من تأكّل أراضي السنة إلى إطلاق نوبة من الجهاد، تحكم على المنطقة (و كثير من البقاع الأخرى من العالم)  بعقودٍ من الأذى، و تقوم الآن الدولة الإسلاميّة بالتحضير لما بعد سقوط الموصل، مستبقةً تحوّلها من خلافة ماديّة (مسيطرةٍ على أقاليم وأراضٍ) إلى خلافة تجريديّة (أو شكليّة)، حيث قام البغدادي بتعيين خليفة له، معتمدًا على الاستثمارات الماليّة والخبراء والموالين الأشدّاء في الخلايا النائمة، وأحاديث المؤيّدين على شبكات التواصل الاجتماعي في إعادة إحياء إستراتيجيّة القاعدة في التوحّش ودبّ الفوضى.

 

أمل جديد  

يتحدّث الجهاديّون الأكثر براغماتيّة عن العودة إلى عضويّة القاعدة، أو بالأحرى إلى عضويّة فروعها والتي تطوّرت في سورية إلى حركات أقلّ وحشيّة. لحسن الحظ، فإنّ عددًا أكبر بكثير يتساءل، الآن، عن منفعة الجهاد ككلّ؛ فكثيرًا ما باءت المشاريع الجهاديّة لإعادة كسب المعاقل السنيّة، عن طريق استخدام مستويات بربريّة من العنف، بالفشل؛ متسبّبة بالمزيد من التراجعات؛ لذلك فإنّ خطط الجهاديّين الضخمة للعودة تفقد حاليًّا جاذبيّتها في صفوف العديد من القبائل السنيّة والرموز الدينيّة، ويقول ضابط مخابرات كردي: “اعتقدوا أنّه في إمكانهم احتواء إيران، لكن ذلك أدّى إلى نتائج عكسيّة، وها هم السنّة الآن مهجّرون في جميع أنحاء العالم.”

نمت في الماضي، ومن قلب مظالم كهذه، وبشكل متكرّر، عدّة حركات نضاليّة، لكن في هذه المرّة، يتوقّف السنّة للتفكّر، ويصرّ السيّد الجبوري على أنّ السنّة “قد تعلّموا، وبأقسى الطرائق، تكاليف التطرّف”، ويتحدّث، كغيره، عن القيود التي يفرضها ضعف السنّة وعن حاجتهم إلى مزيد من البراغماتيّة. تشجّع التغيّرات الأخيرة، الحادثة في العراق، أولئك الذين قاموا بإدانة حكومة ما بعد عام 2003 على طرح السؤال عن إمكانيّة تحقيق التوافق معها، حيث يصرّ بعض المتشدّدين على حقيقة كون الحكومة فاسدة جدًّا، وتابعةً لإيران وعاجزة إلى درجةٍ كبيرةٍ لا يمكن إصلاحها، بينما يقوم قلّةٌ منهم بالاستماع.

يبدو أنّ حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، أكثر إنصافًا من سابقيه، وقد وعد بالحدّ من الميليشيّات الشيعيّة، كما يبدو أنّ بعض قادة الشيعة الأخرين يقرّون بخطورة ترك الظروف التي أدّت إلى إنتاج الجهاد من دون معالجة، ففي عام 2008، قامت القوّات العراقيّة والأميركيّة بطرد القاعدة خارج الموصل، ولكنّ ذلك لم يقد إلّا إلى وضعٍ أسوأ. لقد أشار مجلس الشعب في بغداد عن استعداد ما للإصلاح، بقيامه مؤخّرًا بإصدار، وبشكل غير بارع، قوانين جديدة معدّلة فيما يتعلّق باجتثاث البعث، حيث يقول شيخٌ يدّعي تمثيل مجلسه لـ 70.000 رجل قبائل منفيّون في عمّان: “إذا ما تمّ إلغاء قوانين اجتثاث البعث العقابيّة، كما فعل الأكراد في الشمال، فإنّ الأغلبيّة سترجع إلى العراق”.

من مؤشرات الأمل ما بعد الدولة الإسلاميّة، أنّ الجاليات السنيّة تعجّ بمجموعة من المقترحات للمضي قدمًا، وتدور في معظمها حول بعض الصيغ من اللامركزيّة والحكم الذاتي، والتي قد توفّر ملاذًا آمنًا لملايين السنّة من المهجّرين، يقول علي سمير، وهو شيخ قبيلة المحامدة في الفلوجة: “لطالما كنّا أشدّ المؤيّدين لعراقٍ موحّد، كلّ ما نريده الآن هو إقليمنا الخاص بنا”، وعلى ما يبدو أنّ انتقاله إلى مدينة إربيل، عاصمة حكومة إقليم كردستان المتمتّع بحكم ذاتي، قد زوّده بمثال يقتدى به. يتحدّث مسؤولون أكراد مستقلّو التفكير، وتوّاقين إلى حوز الدعم لرؤيتهم بولايات متّحدة عراقيّة، عن منافع دولة سنيّة متّصلة بالمملكة العربيّة السعوديّة والأردن.

لكن لتلك الفكرة العديد من النقّاد؛ حيث يشجبها القوميّون بوصفها انحدارًا سيقود باتّجاه التقسيم، وكوصفةٍ لزيادة حدّة المعارك بين السنة والشيعة، والذين سيتصارعون على الحدود؛ بينما تظهر انتقادات أخرى تلك الفكرة بأنّها غير قابلة للتطبيق اقتصاديًّا، حيث عُدَ وقوع  كردستان في أزمة دَين درسًا عن مدى عدم قابليّة تلك الولايات الصغيرة على الحياة بمفردها، حتّى بوجود النفط (والذي تفتقده المناطق السنيّة العربيّة)، ويقول قائدٌ قبليٌّ من الأنبار: “إذا وضعت الموصل وتكريت والفلوجة معًا، فإنّها ستتقاتل فيما بينها على التفوّق”. أمّا النموذج الأكثر شعبيّة، فهو إعطاء بعض السلطات لوحداتٍ أصغر (كالأقاليم الموجودة حاليًّا على سبيل المثال)، وقد تشجّع الانتخابات المحليّة، المزمع عقدها في الربيع المقبل، السنّة على المشاركة بشكلٍ أكبر في النظام السياسي.

02
الصورة: هل سيستطيع العبّادي إبقاءها موحّدة؟

إنّ إعادة تشكيل العراق بتلك الطريقة محفوفة بالعديد من الصعوبات، فبينما يقبل السياسيّون الشيعة لامركزيّة الخدمات، كالصحة والكهرباء، يقومون بلجم الحكّام الإقليميّين والمسموح لهم ببناء قوّات أمنهم الخاصّة والتي قد تنافس وجود الميليشيات، حيث يقول قائد إحدى الميليشيّات: “سيشجّع ذلك على حرب طائفيّة أخرى ستدوم حتّى يسقط العراق”. وعلى الرغم من ذلك، يقوم التحالف، بقيادة جهاز الشرطة الإيطالي “كارابينييري”، بتدريب 900 رجل شرطة كلّ ثلاثة أشهر، وقد عاد 95 في المئة من سكّان تكريت بعد الفراغ من تشكيل قوّات الشرطة المحليّة فيها، ويناقش شيخ قبلي في الأنبار بتحريك قوّة قد تستطيع إعادة فتح الأوتستراد الواصل بين بغداد والأردن، الأمر الذي سيتمّ تمويله جزئيًّا عن طريق الرسوم.

لكن في النهاية، ليعمل المحيط، على السنّة أن يثقوا بالمركز، يؤيّد يحيى قصيبي، والذي يدير مؤسسة فكريّة-بحثيّة عراقيّة في عمّان، توزيع مقاعد مجلس النوّاب بين الطوائف، بطريقةٍ مماثلة لما حصل في لبنان عند نهاية حربها الأهليّة الطويلة. كما سيكون على دول الخليج، بقيادة المملكة العربيّة السعوديّة، أن تعمل مع العراق وتعامله كدولة شقيقة عربيّة، وليس كدولة تابعة لإيران، وأن تدعم إعادة إعمار الأقاليم السنيّة الممزّقة، وفي هذا الخصوص يشتكي مسؤول كبير في الأمم المتّحدة قائلًا: “منذ أن أصبح سليمان ملكًا، لم نحصل ولو على قرشٍ واحدٍ من السعوديّين.”  الأمر الذي سيكون حاسمًا لكلّ ما سبق، هو ديمومة وجود أميركيّ، يقول الشيخ من الفلوجة: “لقد سلّم الغرب العراق لإيران، نريد من أولئك الذين جلبوا تلك المأساة علينا –الأميركيّين والبريطانيّين- أن يعودوا. نريد أقليمًا تحت الحماية الأميركيّة لكي ننقذ الأنبار من أن تتحوّل إلى جسر إيرانيّ في اتّجاه المتوسّط.”

تواجه مساعي المصالحة صعوبات كثيرة، لكن وعلى الأقل بدأت الطوائف بالتحدّث من جديد، وأنهت المقاطعة فيما بينها، يقول نائب سنّي في البرلمان: “في الماضي كان نوّاب كل طائفة يجلسون منفردين في زاوية من زوايا مطعم البرلمان، لكنّنا الآن نتجادل جالسين على الطاولات نفسها.”

يعتمد إطفاء نيران الانشقاق على الدول التي تتحكّم بالعراق، كإيران والمملكة العربيّة السعوديّة، لكنّ تبقى استعادة الدور السنّي في عراق ما بعد الدولة الإسلاميّة كنقطة انطلاق جيّدة لتخفيف وهجها.

“مركز حرمون للدراسات المعاصرة”