on
مظاهرة “حلب ورسائلها” .. الصورة الكابوس التي تُحاصر “الأسد”
آلما عمران – ميكروسيريا
صورة مظاهرة أحياء حلب الشرقية بالأمس، كانت صورة مصغرة لـ سوريا المستقبل كلها . سوريا بجغرافيتها الموحدة، التي لا مكان فيها لـ بشار الأسد لا سلماً، ولا حرباً.
هذه الصورة يعرفها الأسد “الصغير” بتفاصيلها، بل سبق له خلال الهدنة الأولى الفاشلة، التي أعلن عنها أواخر شباط/ فبراير الفائت أن عاينها جيداً، من خلال عودة المظاهرات السلمية التي اندلعت على امتداد الخارطة السورية مطالبة بسقوطه، اللهم باستثناء تلك المناطق الواقعة كلياً، في قبضة الاحتلال الإيراني والميليشيا المذهبية – الطائفية.
ما يُعطي مظاهرات أحياء حلب المحاصرة نكهتا المميزة، هو خروجها تحت التهديد المُعلن بتعرضها الوشيك لإبادة شاملة ، وتحويلها إلى “غرزوني” أخرى. وكأنها تقول لـ “بوتين والأسد، ودمستورا، ومجلس الأمن مجتمعاً، وقبل هؤلاء للحلفاء والأصدقاء، وباسم ثورة السوريين، حلوا عن ( .. ).
مظاهرات يعتلي فيها “الأطفال أكتاف الآباء” هي ثورة منتصرة لا محالة، وتحمل رسائلها للجميع ، وأولهم” بوتين – خامنئي – الأسد- أوباما”، وهي رسائل بسيطة وواضحة وحتى مصورة مثل (عبثاً تحاول لا فناء لثائر).
هذه الرسائل جاءت عفوية، ولا تستثني الفصائل المقاتلة، ليس فقط بإعلانها الصمود ورفضها الاستسلام، بل أيضاً باختيارها علم الثورة والجيش الحر، أي الاعتدال والمواطنة وحكم القانون لا “أحكام الشريعة”، وهي بطبيعة الحال الصورة الأولى للثورة التي تربك الأسد، ولطالما حاول دفنها تحت أنقاض البراميل المتفجرة، أو تهشيمها بالصواريخ، أو رجمها بتهمة “التطرف”.
ثم هي أيضاً رسائل هامة لتركيا، بأن وقوفها مشكورة مع الشعب السوري في نكبته، لا يمنحها حق الوصاية عليه، وأن سلطتها على الفصائل المقاتلة لا تنسحب بالضرورة على المدنيين الثائرين، وأن صورة مظاهرات أحياء المدينة المحاصرة أمس، هي صورة مكررة للسوريين، الذين تظاهروا خلال هدنة شباط الأولى، وبالتالي ناطق رسمي باسمهم.
ولا شك أن العرب بدورهم معنيين بالرسائل، خصوصاً دول الخليج وفي مقدمتهم السعودية، على اعتبار أن اليدين مغسولتين من مصر السيسي..
هؤلاء القادة ،رغم شدة الضغوط عليهم في الملف اليمني، إلا أنهم يدركون بأن الحسم في المواجهة مع المشروع الإيراني هو في سوريا، وهي خط الدفاع الأمامي عن دولهم، وعن عروبة المنطقة، وأن الانحناء أمام الضغوط اليوم، يعني الهزيمة المُذلة غداً، وهذا ما يدفع السوريون ضريبة تفاديه من دمائهم نيابة عن العرب، الذين لا تزال حساباتهم بين “مترددة” وخائفة.
يبقى “الشركاء” في الوطن، وهؤلاء لا حول ولا قوة، تناحة غير مفهومة، ترفض الاقرار بأن الحالة الوحيدة الممكنة لبقاء أسدهم، هو استمرار الحرب إلى ما لا نهاية، إذ أن هزيمة الثورة عسكرياً رغم استحالته، يعني عودة الطابع السلمي إلى صدارة المشهد. وهذا أسوأ ما يمكن أن يحدث لإيران والأسد، وأكثر ما يُحرج بوتين، بالتزامن مع أفول زمن العسل الأمريكي.