التحرش أزمة مضافة إلى أزمات السويداء


سارة عبد الحي

تشهد السويداء هذه الأيام ظواهر غير مألوفة، غريبة عن المجتمع، كالسرقة والنصب والاحتيال، وعمليات الخطف وطلب الفدية، والتعدي على الأرصفة والممتلكات العامة والخاصة دون رقابة، وصولًا إلى انتشار وبيع المخدرات في بعض أوساط المراهقين علنًا. أما الأمر الذي بدا أنه حالة استفزاز اجتماعي، وأدّى إلى توتر وغليان الشارع، فهو تعرّض طالبات المدارس بعد خروجهن من مدارسهن للتحرش اللفظي حينًا، والجسدي أحيانًا أخرى، على مرأى ومسمع السلطات الأمنية في المدينة.

وأكد بعض الأهالي لـ (جيرون) أن هناك عددًا لا يستهان به من الشبان العاطلين عن العمل، يتجمعون قرب مدارس البنات، منهم من يركب دراجات نارية، ومنهم من يقود سيارات خاصة، يُطاردون الفتيات الصغيرات بدراجتهم، ويطلبون منهن مرافقتهم، بتهديد أحيانًا، في حين يتحرش بعضهم بالفتيات جسديًا، ويحاولون إرغامهن على الصعود إلى سياراتهم الخاصة.

يجري كل هذا، بينما دوريات الشرطة التي طالب الأهالي بوضعها عند بوابات المدارس تشاهد كل شيء، ولا تفعل شيئًا، وعند سؤال الشرطة عن سبب عدم تدخلهم واعتقالهم المتحرشين، تكون الإجابة دائماً “لا أوامر لدينا بذلك، ومهمتنا فقط تخويف هؤلاء”.

وفي الآونة الأخيرة، تحاول ما يسمى “اللجان الشعبية” الانتشار عند أبواب المدارس والشوارع القريبة؛ للتخفيف من هذه الظاهرة، بحسب ادعائهم، بينما أكد مصدر حقوقي داخل محافظة السويداء لـ (جيرون)، أن توزيع هؤلاء على مدارس البنات لحمايتهن في أثناء خروجهن، هو إيعاز أمني؛ لتعويم تلك اللجان من جديد، وإظهارها بمظهر المدافع عن العرض والشرف، ولكن نتيجة ذلك، فيما إذا تطورت الأمور، ستؤدي إلى اصطدم بين الأهالي أنفسهم، وذلك؛ بسبب غياب القانون والضابطة العدلية التي تحفظ الأمن.

وحول ذلك، قال يحيى الأوس، الصحافي والناشط  في مجال حقوق المرأة، لـ (جيرون): “التحرش الجنسي -بهذا الشكل- نتيجة طبيعية لغياب الأمن، وتغوّل المجموعات الخارجة على القانون، خاصة وأنها تجد الدعم والحماية من أفراد في السلطة نفسها”، وأضاف: “لا يتعلق الأمر -بالتأكيد- بغياب الأمن وتدهور القيم الأخلاقية فحسب، بل في غياب التشريع القانوني الذي لا يُجرّم التحرش ضد النساء عمومًا، لصالح قوانين ضبابية لا تُسمّي التحرش الجنسي صراحة، بل تستعيض عنه بعبارات فضفاضة، مثل الآداب العامة أو ما شابه، كما أن التحرش بالأطفال في مجتمع يعدّ محافظًا كمدينة السويداء، هو فاتحة لفتنة حقيقية، يمكن القول إنها مسكوت عنها حاليًا، ولكنها ستجلب تبعات أخرى، ومزيد من الفوضى قد تنذر بانفجارات خطِرة”.

وفي هذا السياق، وجه الصحافي مروان مهنا نداءً إلى أهالي السويداء، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، قال فيه: “في ظل الأزمة التي يمر بها وطننا، وتفشي ظاهرة الانحلال الأخلاقي في المحافظة، لا بد من التحرك وبشكل كامل؛ حتى نُبقي على من تبقى من أبنائنا الشرفاء، إننا اليوم نمر أمام أخطر ظاهرة في المجتمع، وهي  تجمع أولاد الشوارع (الزعران) أمام مدارس البنات في المحافظة، والتشبيح على الدراجات النارية أمام البنات، والتحرش فيهن على مرأى من الجميع، يجب علينا جميعًا المطالبة، والوقوف وقفة واحدة حيال ما يجري أمام مدارس بناتنا”.

لا أحد يعرف إن كانت هذه الظاهرة ستتوقف عند هذا الحد، أم ستبقى “العصابات” تتنامى وتحتل الشوارع؛ لتؤدي إلى انفجار السويداء، خاصة أن الأمر لا يتعلق بالسياسة، وإنما بالشرف والأعراض.




المصدر