التهجير إلى الرقة عرض النظام لثوار التل بريف دمشق


مهند شحادة

تترقب مدينة التل -في ريف دمشق- ما ستؤول إليه الأمور، وكيف سيكون مصيرها ضمن سياسة التهجير أو التغيير الديمغرافي التي ينتهجها النظام السوري في محيط العاصمة، وكان آخر حلقاتها المعضمية بالريف الغربي، وإن كانت كل المعلومات الواردة من التل تُفيد بأنه -حتى اللحظة- لم يجرِ أي تحركٍ فعلي من قوات النظام تجاه المدينة، كما لم تبدأ مفاوضات جادة بهذا الخصوص، باستثناء إلقاء طائرات النظام، وعلى مدى يومين، قصاصات ورقيّة تطالب فيها ثوار المدينة بالاستسلام أو الخروج.

قد تبدو خيارات التل محدودة، كغيرها من مناطق الثورة في ريف العاصمة، خاصةً أن المدينة التي أبرمت هدنة مع النظام قبل حوالي الثلاث سنوات، تعيش حصارًا جزئيًا منذ نحو عام، نتجت عنه أوضاع إنسانية سيئة لأكثر من مليون ونصف المليون إنسان، يعيشون فيها، أكثر من 75 بالمئة منهم نازحون من المناطق الساخنة.

فصائل التل ترفض التهجير وتختار القتال

تبدو الثورة في ريف دمشق الآن في أضعف أحوالها، لأسباب وعوامل عديدة، ربما من أهمها تخاذل المجتمع الدولي، وقبوله بخطط النظام في تهجير المناطق الخارجة عن سيطرته؛ ما جعل الأخير يتمادى في هذه السياسة؛ إذ بات واضحًا أن هذا الخيار لن يقف عند منطقة أو بلدة، وإنما سيشمل مناطق العاصمة ومحيطها، وفق ما يؤكده ناشطون من ريف دمشق، ويبدو أن مدينة التل ستكون -قريبًا- في مواجهة خيارات صعبة، واجهتها قبلها مناطق كثيرة، وربما أقربها بلدة الهامة.

في هذا السياق، قال الناشط وسيم التلاوي لـ (جيرون): “فيما يتعلق بتهجير ثوار المدينة، أو إفراغها من المسلحين، لا شيء واضح بهذا الخصوص حتى اللحظة، إلا أن طائرات النظام ألقت قبل أيام قصاصات ورقية، تُطالب فيها بتسليم المدينة وترحيل المقاتلين باتجاه الرقة، وكذلك لدينا معلومات أن النظام طلب من مسؤول لجنة المصالحة بالمدينة، أبو حسام جاموس، إبلاغ المقاتلين بالخروج وهو ما حصل، فكان رد الفصائل العاملة في مدينة التل تشكيل غرفة عمليات موحدة،  ضمت كلًا من (فرقة القصاص، جماعة الغرباء، لواء شهداء التل، لواء شهداء الشام وغيرهم)،  واتُفق على المقاومة والقتال أو الموت على أرض التل، رافضين فكرة التهجير رفضًا قاطعًا، وأعتقد أنه لا يمكن القبول بشروط النظام؛ لأنه من الصعوبة بمكان تسليم المدينة للميليشيات الطائفية، وتسليم أبنائنا المطلوبين للنظام، بحجة أنهم متخلفين عن الخدمة الإلزامية، وأخيرًا القبول بأن يتحول الثوار إلى ما يُسمى الجيش الوطني، وتشكيل حواجز مشتركة مع ميليشيات النظام بعد كل هذا الدمار والدماء”.

أوضاع إنسانية سيئة

لا تتوقف الصعوبات التي تعانيها مدينة التل عند احتمالات متوقعة يمكن أن تواجهها؛ إذ إن الوضع في المدينة من الصعوبة بمكان، ولا سيما مع انعدام فرص العمل وقلة مصادر الدخل للمواطنين، وهو ما أكده التلاوي بقوله: “الوضع الإنساني سيئ جدًا وعلى كافة المستويات، فالأسعار مرتفعة جدًا (كيلو الرز تجاوز 700 ليرة سورية، في حين وصل كيلو السكر إلى 550 ليرة، وكذلك معظم الخضار أسعارها مرتفعة)، في ظل الحصار وضعف القوة الشرائية للمواطنين الذين ترتفع نسب البطالة بينهم؛ لأسباب عديدة، أهمها الخوف من الاعتقال على حواجز النظام، أضف إلى ذلك أن الشتاء مقبل، والمحروقات شبه مفقودة، وفي حال توافرها فأسعارها باهظة؛ بسب احتكار بيعها من أحد سماسرة النظام المعروف لأبناء المدينة بلقب (المنفوش)، أما بالنسبة للوضع الطبي، فلا يختلف كثيرًا؛ حيث لا يوجد داخل المدينة سوى مستشفى وحيد، يفتقر إلى أبسط الأدوات والأدوية العلاجية، وكذلك العيادات، لا يوجد في المدينة أي أدوات لمساعدة المرضى المحتاجين لغسيل الكلى وغيرها من الأمراض المزمنة”.

نقص في الخبز والماء

أكد التلاوي أن وضع الكهرباء في المدينة سيئ جدًا، إذْ أن التيار الكهربائي لا يعمل أكثر من 4 ساعات خلال اليوم وأحيانًا أقل، عكس المناطق المجاورة للتل، مثل حرنة ومعربا وضاحية البعث ومنين وغيرها، وهذا عقاب جماعي فرضه العميد المسؤول عن المدينة، قيس فروة، من مرتبات الحرس الجمهوري، وأضاف “هناك أيضًا عوز للمياه؛ فمن ثلاث عشرة بئرًا لم يبقَ في المدينة سوى سبع آبار؛ لتخديم مليون ونصف المليون إنسان، وهناك نقص في مادة الخبز، فالنظام يمنع فرن التل من العمل، ويمنع دخول الطحين إلى المدينة؛ حتى يبقى فرن حرنة يعمل دائمًا، ويتحكم بالأسعار؛ لأن صاحب الفرن أو المسؤول عنه على علاقة مع القيادة العسكرية للنظام، وتجدر الإشارة إلى أنه -قبل أيام- منعت حواجز النظام قافلة مواد غذائية خاصة بإحدى الجمعيات الخيرية من الدخول إلى المدينة، علمًا أن الأولى تأخذ أكثر من نصف المعونات، قبل أن تسمح لأي قافلة أو سيارة مواد غذائية بالدخول”.




المصدر