صابونة بشار … وغار حلب


ناصر علي – ميكروسيريا

إن صحت الرواية أو لم تصح فلا أسخف من نظام بشار الأسد في تعاطيه مع الشعب السوري، وفي وجهة نظره القاصرة القروية التي ينظر من خلالها إلى بشر خطّوا التاريخ بصناعاتهم وحضارتهم.

ليست حلب مدينة طارئة، ولا بلدة صغيرة تتسول اسمها، ولا تجمعاً بشرياً ولد بالصدفة فقط على خارطة الكوكب المعمّر.. فكيف يفكر القاتل القاصر الذي عاد إلى عقل قريته الطارئة، والتي صنعت بالقتل وتهريب السلاح، والتشبيح من سليمان الوحش إلى الأبله شيخ الجبل.

تقول القصة إن طيران الأسد ألقى مئات ألاف مناشير الاستسلام على حلب الشرقية وتدعو لخروج الحلبيين مقاتلين ومدنيين من معابره، ولكن لم يخرج أحد حتى تلفزيون الدنيا التقى أسرة تحدثت فقط عن الحصار والتجويع ولم تتطرق للاستسلام، وكان يراد منها أن تشكو ظلم “الإرهابيين”، والتغزل بهواء الحرية المنعش في أحضان الوطن.

مع المناشير ألقى الطيران كما تداولت بعض المواقع صابون ومناشف وشفرة حلاقة، وألقى بالأمان لمن يخرج، وجاء الرد من المقاتلين الصابونة والشفرة لشوارب الأسد، ولأشياء أخرى، وآخر أجاب أننا سنهدي الأسد في حلب المفخخات والمفاجأت القادمة لما بقي من جيشه وشبيحته.

الصابونة التي ألقاها طيران الأسد بالتأكيد ستستدعي في عقل أغلب السوريين الذي أدوا الخدمة العسكرية كيف يتعامل ضباط النظام مع الصابون العسكري الذي هو من حصة المجندين، ومن أهم أدوات نظافتهم خصوصاً أولئك الذين يخدمون في الفرق البعيدة عن المدن والقرى، والخاضعين لدورات (الأغرار)، وهنا لا تصل من الحصص إلا القليل، فصابونة الجيش محببة لدى الضباط ونسائهم، فهي مصنعة من أفضل أنواع الزيوت، وصابونة الجيش عشيقة بيوت الضباط ورؤوس أبنائهم.

لا يذهب سوري إلى حلب من بقية المحافظات إلا ويتم الطلب منه أن يجلب معه زعتر الناصر وصابون الغار، والأخير هو من أفخر أنواع الصابون، ويعود تاريخ صناعة صابون الغار في حلب إلى ما قبل 2000 عام قبل الميلاد، ويغلب زيت الزيتون على صناعة الصابون الحلبي وغيره من أنواع الصابون التقليدي حيث تتشابه طريقة الصنع والمواد المستخدمة إلا أن الفارق الوحيد هو إضافة نكهة الغار(كما تقول ويكيبيديا).

غار حلب اليوم ليس صابونها، غار حلب هو تاج الغار الذي يزين هامة مدينة وشعب رفضا التوقيع على الاستسلام لقاتل .. لا يقرأ التاريخ، ولا يدركه .. قاتل قاصر…