حلب .. غرزوني أخرى أم أفغانستان جديدة تخلع هيبة القيصر ؟

23 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016
4 minutes

عماد أبو سعيد – ميكروسيريا

شنت طائرات الأسد غارات مكثفة على أحياء حلب الشرقية بالتزامن مع قصف عشوائي بالمدفعية على أحياء صلاح الدين والمشهد والشيخ سعيد، كما طال القصف ريف حلب الغربي، وخان طومان جنوباً، وكفر حمرا شمالاً، في حين تحاول قوات الأسد والميلشيا الشيعية التابعة لإيران التقدم في حي صلاح الدين.

بالمقابل استهدف مقاتلو المعارضة بالقذائف، مواقع جيش الأسد والميلشيا الطائفية في أحياء الشهباء الجديدة ودوار السلام والحمدانية وصلاح الدين في غرب وجنوب المدينة.

هكذا انهارت الهدنة الهشة أصلاً، لتبدأ المرحلة الثانية من عملية إبادة وحرق  أحياء حلب الشرقية على طريقة “غرزوني”.

صحيفة “السفير” الموالية للأسد، كانت نقلت عن  مصدر روسي “أمس” قوله: إن القوات الروسية في سورية تلقت الأوامر من الرئيس فلايمير بوتين بحسم معارك حلب خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة. بهدف تجنيب موسكو المزيد من الضغوط الدولية.

وسواء أكان ما نقلته الصحيفة، بشأن أوامر “بوتين” دقيقاً أم لا، إلا أنها تتسق مع التحركات الميدانية لجيش الأسد والميليشيا الشيعية، إذ تزامنت مع عبور قوافل من التعزيزات العسكرية الكبيرة إضافة إلى ناقلات دبابات “ت 90” لطريق “أثريا – خناصر” متجهة شمالاً، إضافة إلى زيادة الضغط على  جبهات الملاح والليرمون شمال غرب المدينة.

لاشك بأن الروس، كانوا  يدركون جيداً بأن شروطهم تعجيزية ، إلى درجة أن رجلهم “دي مستورا” نفسه اعتبر  بأن الهدنة وعمليات إجلاء الجرحى هي “متواضعة” إلى درجة لا يمكن هضمها، خصوصاً مع رفض موسكو فتح معبر إنساني في  الكاستيلو  ورفض إخلاء الجرحى، حيث عادت قافلة أهلية حلبية أدراجها بعد يوم طويل من المفاوضات دون السماح لها بإخلاء جريح واحد، عدا رفض مناقشة أوضاع مقاتلي المعارضة والقبول ببقائهم في المدينة، بحال قبول مقاتلي جبهة فتح الشام لاقتراح المبعوث الدولي بالخروج منها، الأمر الذي أثبت حقيقة أن الهدنة ما هي إلا مناورة روسية لامتصاص الضغوط الدولية لا أكثر.

ولعل ما صرح به  المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أمس عن أن الأوضاع الراهنة لا تتيح الشعور بالتفاؤل إزاء قرب انتهاء الصراع في سورية، يشي بالتطورات القادمة، وهو محاولة فرض الحل السياسي وفق الرؤية الروسية – الإيرانية، التي لا ترى بديلاً من بقاء الأسد، من خلال فرض الاستسلام على “حلب الشرقية” أو حرقها بالكامل، لكنها مهمة لن تكون سهلة، ولا يُمكن انجازها خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة وفقاً لأوامر بوتين، الذي يدرك أكثر من غيره صعوبة المهمة، وهو ما عبر عنه الناطق باسمه “بيسكوف” حين قال في حديثه “للقناة 1” الروسية: “بطبيعة الحال بودنا أن نكون متفائلين، ونؤكد أنه من المتوقع الانتصار قريبا على الإرهاب وتحقيق التسوية السياسية في سورية، ولكن المعلومات المتوفرة لدينا لا تتيح لنا اتخاذ موقف متفائل كهذا بلا هموم”.

الحقيقة أن الهم الأكبر الذي سيواجه بوتين وحلفاءه هو إعادة فرض “بشار الأسد” رئيساً على سورية، دون التورط في أفغانستان أخرى، وحرب مقاومة شعبية طويلة،  تخلع هيبة القيصر الكاذبة، قبل أن تخلع  عميله الصغير.