on
من دون أيّ تعليق
إبراهيم صموئيل
تنشغل اليابان -هذه الأيام- بمسألة طارئة، جديدة، لا عهد للنظام الإمبراطوريّ، ولا للحياة السياسيّة، ولا للشعب اليابانيّ، بمثلها من قبل.
ذلك أن الإمبراطور الحالي، شعر برغبة عميقة في التنحّي عن العرش، بعد بلوغه أربعة وثمانين عامًا من العمر. بيد أن شعوره هذا اصطدم بعقبة كبيرة، وهي أن دستور البلاد وقوانينها لا تتضمَّن، بالمطلق، أيَّ نصّ صريح أو ضمني، ولا أيّ إشارة من قريب أو من بعيد إلى إجراءات تُتخذ في حال تنحّي الإمبراطور، ذلك أن التنحّي غير وارد بالمطلق لأيّ سبب كان، إلاّ بحلول أجل الإمبراطور، وهو ليس تنحّيًا منه، بطبيعة الحال.
الأمر الآخر، أن الإمبراطور، ومهما كانت شدّة رغبته بالتنحّي، لا يجوز بحال الإعلان عنها صراحة، بل لا بدّ من المواربة، والتلميح غير المباشر، ومن بعيد؛ وهو ما قام به عبر كلمة مسجّلة، مستشيرًا نجليه الشابّين بنصّها، تمّ بثّها عبر الشاشات الصغيرة على الشعب اليابانيّ، مبيّنًا فيها فتور همّته جرّاء تقدّمه في السنّ، آملًا من الحكومة إيجاد الحلول والمخارج اللازمة.
إثر ذلك، قام رئيس الوزراء بتشكيل لجنة خاصّة لدراسة ومعالجة هذا الموضوع، وطرح الحلول الملائمة. ولم تنتهِ اللجنة من عملها ـ بَعْدُ ـ حتى كتابة هذا النصّ، فيما يمكث الإمبراطور منتظرًا، وكلّه أمل بالتوصّل إلى مخرج ملائم، يحقق أمنيته وأمله بالتنحّي عن العرش، ليس بسبب مرضٍ ألمَّ به، ولا بسبب أجلٍ وافاه -طبعًا- بل لرغبة انتابته؛ جوهرها أنه تكفي ثلاثة عقود، أو أقلّ، من تربّعه على عرش الإمبراطورية في اليابان، وأنه بات من الضروري أن يتولى غيره، هذا المنصب.
والجدير ذكره، أن المحللين اليابانيين يرون أن خلف هذه الرغبة بالتنحّي التي ألمح إليها الإمبراطور الحالي، تكمن رغبة أكبر وأعمق وأبعد، تتمثّل في تكريس تقليد أو نظام إمبراطوري، يُفسح في المجال للجالس على عرشه من التنازل عنه لآخرين، وهو لمّا يزل حيًّا.
المصدر