اجلبوا أسد سورية ومؤيديه للحساب الآن


أحمد عيشة

01

مقاتلو المعارضة الجرحى يجلسون في الجزء الخلفي من سيارة إسعاف، في حي تسيطر عليها الحكومة من حلب في سورية يوم الخميس. (صور جورج كورفاليان/ وكالة الصحافة الفرنسية/ جيتي

لخمس سنوات ونصف السنة، قامت الحكومة السورية بتعذيب شعبها، وإطلاق النار عليهم وقصفهم بجميع الأسلحة بما فيها استخدام الغازات دون تعرضها للعقاب، حيث الخسائر البشرية الناجمة واضحةً للجميع: نحو 500،000 قتيل و 11 مليون نازح. منذ بدء التدخل العسكري الروسي قبل عام، ساءت أحوال  أكثر من مليون شخصٍ يعيشون في أربعين منطقة محاصرة، تحاصر سبعة وثلاثون من تلك المناطق القوات الموالية للحكومة.

في حين يخضع شعبه لوحشية لا تُوصف على غرار القرون الوسطى، يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بتعطيل المبادرات الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام الدائم لبلاده، فليس الأسد وحده من أفشل الخطة الدبلوماسية الأخيرة، ولكن شاركته أيضا روسيا، المتهمة بقصف عنيف لقافلة المساعدات التابعة للامم المتحدة لمدة ساعتين في أيلول/ سبتمبر.

ومنذ ذلك الحين، قُتل وجُرح  2500 شخصًا على الأقل في المناطق الشرقية من حلب، وسط قصف بشعٍ من الطائرات السورية والروسية، كما اعترضت روسيا على نحو ساخر على قرار للأمم المتحدة من شأنه أن يحظر المزيد من الضربات الجوية على المدينة.

لقد حان الوقت لكي تتصرف الولايات المتحدة على نحو أكثر إيجابيةً في سورية، لتعزيز أربعة أهداف مبررة: وضع حد للقتل الجماعي للمدنيين، وحماية ما تبقى من المعارضة المعتدلة، وتقويض الروايات المتطرفة عن لامبالاة الغرب تجاه الظلم، وإجبار الأسد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. يجب على الولايات المتحدة ألا تشتغل في صفقات تغيير النظام، ولكن يجب أن تقدّم زمرة الأسد ومؤيديه إلى المحاسبة قبل فوات الأوان، فالعالم لن يتسامح مع تقاعسنا.

عواقب استمرار التقاعس مروعة. لم تسعَ سياسة الولايات المتحدة أبدًا للتأثير بشكل حاسم في الوضع التكتيكي على الأرض. أبقتنا القيود والسياسة غير الواقعية من التقييم على تسليح المجموعات لمحاربة النظام غير قادرين على محاربة الدولة الإسلامية على نحوٍ فعال، أو دفع الأسد نحو المرحلة الانتقالية. كانت سياسة الولايات المتحدة وإستراتيجيتها بشأن سورية غير مترابطة، كونها ركزت عسكريا على المجموعة التي كانت من أعراض الحرب الأهلية دون أي وسيلة لتحقيق هدف السياسة المعلن: رحيل الأسد.

كان من الممكن ملء الفجوة في هذه الإستراتيجية من خلال برنامج تدريب وتجهيز شامل للسوريين المعتدلين لمحاربة الدولة الإسلامية، ومقاومة قوات النظام بشكل حاسم. للأسف، لقد سمحنا لهذا النسيج الضام/المترابط بين إستراتيجيتنا لمكافحة الدولة الإسلامية، وسياستنا لإزالة الأسد حيث تتعرض -المعارضة السورية المعتدلة– لهجوم مستمر من جانب النظام وروسيا.

لسنوات قلنا يمكن ألا يكون هناك أي نتيجة عسكرية في سورية، ولكن الروس وحلفاءهم دفعوا بالبعد العسكري للأزمة لتعزيز الموقف السياسي للنظام، وباسم محاربة “الإرهاب” للتخلص من المعارضة، بمن في ذلك السوريين المعتدلين الذين قررنا أنه  يتوجب أن يكونوا جزءًا من عملية الانتقال السياسي من دون الأسد، وقد استمدت هذه الأهداف من عدم رغبتنا بالاشتباك مع النظام، والآن أيضًا الروس.

يبدو أنَّ إدانة الإدارة الأمريكية لروسيا، وتوقعاتها لموسكو بمستنقع يشابه الفيتنامي، ليس إلا سوء تقدير لحسابات موسكو. ستحمي روسيا مصالحها بأي وسيلة وبإصرار، بما في ذلك مهاجمة المدنيين وقوافل المساعدات التابعة للامم المتحدة. التوقع بأن روسيا سوف تُنهك في “مستنقع” سورية وتصبح طيعةً دبلوماسيًا يتجاهل حقيقة واقعة، إذ أظهرت روسيا قدرة فائقة على الاختباء خلف سياسة سيئة والقتال تحت الشدائد.

في نهاية المطاف، يجب أن تكون روسيا فلاديمير بوتين -أو يبدو على الأقل أنها- في حالة صعود، كما هو الحال في أوكرانيا، على طول الحدود مع حلف الناتو، وفي سورية وحتى في ليبيا، فإصلاح علاقتها مع تركيا وتحسين الروابط في أماكن أخرى يزيد من تعقيد سياسة الولايات المتحدة.

في نهاية المطاف، لم يتبق لنا إلّا خياران. أولًا، يجب على الولايات المتحدة أن تشجع حلفاءها الأوروبيين وتنضم إليهم في فرض مجموعة تصعيدية من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا والهيئات والأفراد الذين يدعمون الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في سورية وأوكرانيا وغيرها.

الخيار الثاني، وهو الذي لا يزال يعتقد الروس أن الولايات المتحدة لن تفعله: تصعيد الصراع. يجب على الولايات المتحدة تحدي الوضع الراهن، وتضع حدًا لجرائم الحرب التي يرتكبها النظام، وبالقوة إذا لزم الأمر، هذه الضرورة لا تتطلب قرارًا كبيرًا إلى حدٍّ ما.

في الواقع، حتى الآن، قد يكون تحذيرًا متحفظًا أكثر فعاليةً، لأن إعلانًا عامًّا وكبيرًا من المؤكد أنه سيزيد في استقطاب الوضع أكثر.

في البداية على الولايات المتحدة أن تنقذ حلب، إذ تقوم دمشق وموسكو وطهران بحرق المدينة استعدادًا لهجومٍ بريٍّ محتمل، وكما خلصت كل من وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون، فإن خسارة المعارضة في حلب تقوض بشدة أهداف الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب في سورية. رمزية المدينة وقيمتها الإستراتيجية لا مثيل لهما، والسماح بأن تسقط من شأنه تمكين الروايات المتطرفة بشكل كبير، حيث ستجني جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة ثمار عيوبنا.

لإنقاذ حلب، على الولايات المتحدة وحلفائها تسريع تقديم المساعدة الفتاكة، وغير الفتاكة، للجماعات المصنفة بالمعارضة المعتدلة، وذلك في نطاقٍ أوسع، وتتمثل الغاية من هذه المساعدة تمكين الخطوط الأمامية الأخرى في شمالي وجنوبي سورية، لإجبار القوات الموالية للنظام على صرف الانتباه عن حلب، وينبغي أيضا تزويد جماعات المعارضة بوسائل قصف مطارات النظام العسكرية، وكثير منها يقع بالفعل ضمن مرمى النيران غير المباشرة ومدى صواريخ المدفعية.

في الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة استخدام الآليات القائمة المتعددة للضغط من أجل وقف جديد للأعمال القتالية الصارخة في سورية، وبأنها ستواجه الانتهاكات بعواقب عسكرية أمريكية. مثل هذا الاتفاق يجب أن يعمل المستحيل بسبب التعنت المحتمل لدمشق ومؤيديها، يجب على الولايات المتحدة جمع “تحالف الراغبين” مهدّدين جدّيًا بعملٍ عسكريٍّ ضد البنية التحتية العسكرية للأسد.

إن الشروع في مثل هذا التسلسل سيؤدي بالتأكيد إلى الاستخدام الفعلي للقوة الموجهة عقابًا لسورية. ينبغي أن يستهدف أي عمل المرافق والمعدات العسكرية السورية المشاركة في قصف المدنيين، مثل المطارات العسكرية والطائرات، ومخازن الأسلحة ومواقع المدفعية. ينبغي لنا أن نتوقع أنه من الممكن أن تختلط عن عمد القوات والمعدات السورية مع الروسية كعمل رادع، حيث سيعقد هذا إستراتيجيات الاستهداف، ينبغي ألا نفوت فرصة لضرب العناصر والوحدات السورية المسيئة، مع الحفاظ على عمليات محاربة الدولة الإسلامية في أي مكان آخر.

وإضافة إلى ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة النظر في إنشاء ودعم قوة مهمات من قوات العمليات الخاصة الإقليمية، والتي يمكن أن تلعب دورًا استشاريًا في مساعدة جماعات المعارضة الموثوقة في مهاجمة معدات النظام.

صدقية الولايات المتحدة كقائدٍ ومدافعٍ عن العالم الحر يجب إنقاذها من الدمار المروع في سورية. لم يفت الوقت بعد لفرض القانون والأعراف الدولية، ومع ذلك لا يمكننا أن ننتظر حتى استلام إدارة جديدة في واشنطن. الأحداث تتحرك بسرعة كبيرة جدًّا، وبشار الأسد ليس هو الحل للأزمة السورية، وهو الشريك المحتمل الأقل تأهيلًا في مكافحة الإرهاب، بعد أن قضى  كثيرًا من السنوات الست عشرة الماضية في مساعدة وتحريض القاعدة، وعلى ما يبدو، الدولة الإسلامية كذلك. يرافق العمل بالتأكيد المخاطر، ولكن السماح للأحداث بالاستمرار كما تتكشف يعني رفع الكلفة كثيرًا من أجل مستقبل، لا مفر فيه من تدخل الولايات المتحدة

جون ألين، وهو جنرال متقاعد من مشاة البحرية الامريكية، قاد قوة المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان من عام 2011إلى عام 2013،  والتحالف الدولي لمواجهة الدولة الإسلامية من عام 2014 إلى عام 2015.

 تشارلز ليستر، هو زميل باحث في معهد الشرق الأوسط ومؤلف “الجهاد السوري: تنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية وتطور التمرد”.

 

اسم المادة الأصليBring Syria’s Assad and his backers to account now
الكاتبJohn Allen and Charles R. Lister جون آلين وتشارلز ليستر
مكان وتاريخ النشرthe washinton post، 21/10/2016
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/bring-syrias-assad-and-his-backers-to-account-now/2016/10/21/554b56ba-97a6-11e6-bb29-bf2701dbe0a3_story.html?utm_term=.8ce07f97f5d9
المترجمأحمد عيشة

 

 




المصدر