on
أكثر من 24 مليون يورو في أسبوع نرويجي مساعدات للسوريين
صفاء مهنا
انتهت -منتصف ليل الأحد/ الاثنين- في النرويج فعاليات حملة التبرعات، التي انطلقت منذ أسبوع لدعم اللاجئين السوريين في أماكن وجودهم كافة، خاصة في دول الجوار السوري (لبنان والأردن وتركيا)، حيث أُعلن عن انتهاء الحملة الساعة الثانية عشرة ليلًا، بوصول المبلغ المجموع إلى ما يقارب 220 مليون كرون نرويجي، أي ما ينوف على 24 مليون يورو.
وكانت منظمة الصليب الأحمر النرويجي، وهي المسؤولة عن تنظيم هذه الحملة، قد أعلنت بداية الأسبوع الماضي عن انطلاقها، وسوّقت لها عبر الإعلام، منذ مدة طويلة، وجاءت هذه الحملة بدعم البنك المركزي النرويجي (DNB)، والبنك النرويجي (sbarabanken)، ونقابة العمال النرويجية.
حيث انطلقت برعاية الملكة سونيا ملكة النرويج، وابنتها الأميرة ميريت، وبدعم مباشر من شبكات التلفزة النرويجية، خاصة التلفزيون النرويجي الرسمي بقنواته الثلاث، ورافقتها ببث مباشر في أكثر من مرحلة، وبمتابعة إخبارية تضمنت تطور أرقام المبالغ، والحد الذي تصله كل يوم خلال مدة الحملة، إلى الإعلان عن توقف الحملة والاحتفالات داخل مبنى التلفزيون بنجاحها.
وكانت العاصمة أوسلو مركز انطلاق تلك الحملة، وقد شارك فيها على مستوى البلاد نحو 100 ألف متطوع، يحملون علبًا عليها شعار الصليب الأحمر النرويجي، مع سيارة خاصة لذلك، وملصقات من الواقع السوري، حيث طبعت كمية كبيرة من الصور للضحايا وللدمار في سورية، وكذلك للاجئين وللأطفال ومعاناتهم، كذلك قامت بعض المكتبات بطباعة (بروشورات)، متعلقة بالحملة قبل بدايتها بثلاثة أيام، إضافة إلى عرضها بعض الكتب للبيع، حيث سيحول 50 بالمئة من قيمة الكتاب لصالح اللاجئين السوريين.
وقد أعلن الصليب الأحمر أن الهدف من هذه الحملة، هو تشجيع الناس على التبرع؛ لأجل جمع أكبر ما يمكن من مبالغ جمعًا شعبيًا، وبطريقة منظمة، مع لفت النظر للمعاناة التي تعترض حياة اللاجئين السوريين في الدول التي يوجدون فيها، والمخيمات التي يتوزعون عليها.
في هذا السياق، شددت الحملة على ضرورة مساعدة الناس في المناطق المحاصرة، وبينت معاناتهم والأوضاع القسرية التي يكابدونها؛ نتيجة القصف والدمار الذي يحيط بهم وببيوتهم، ونتيجة الحصار الخانق الذي يفرضه النظام السوري والدول التي تدعمه.
الجدير بالذكر أن ما ساعد على انتشارها بهذا النجاح، هو انطلاقها على المستوى الشعبي بذلك العدد الضخم من المشاركين، والذين هم في غالبيتهم أطفال، وكانت آلية تحركهم بانتشارهم في أنحاء المدن والبلدات النرويجية، يحملون علبًا خاصة مختومة بالشمع الأحمر لجمع التبرعات؛ حيث يجري تبديل الشخص الجامع كل ساعتين في المناطق المركزية، وذلك وفق جدول مناوبات تُنظم من الهيئة المسؤولة عن الحملة، وذلك لجمع أكبر مبلغ ممكن في المنطقة، كما ساهمت رعاية الملكة وابنتها في انتشار الحملة، حيث كان لظهورهما بين الناس، وعلى شبكات التلفزة أثر محفز؛ لدعم التخفيف من آثار أكبر كارثة إنسانية تتعرض لها بلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
هذا وشارك في هذه الحملة -أيضًا- عدد من المنظمات الأهلية التي ترعاها الحكومة، والشركات العامة والخاصة، على مستوى المناطق النرويجية، وقد تعهدت بعض الشركات والمؤسسات، بتقديم ما لا يقل عن 45 بالمئة من معدل الدخل الشهري، فيما تعهدت شركات أخرى بتقديم نسبة 75 بالمئة؛ لتصل إلى شركات أخرى؛ فتتعهد بتقديم 100 بالمئة من معدل دخلها الشهري، وكانت الحملة في منتصف الأسبوع، وبحسب الرقم الظاهر على شاشات التلفزة، استطاعت جمع نحو 28 مليون كرونة ونصف المليون، فيما جمع يوم الأحد، وهو اليوم الأخير في الحملة ما يزيد عن 180 مليون كرون نرويجي.
هذه الحملة التي عاشتها النرويج خلال أسبوع؛ لأجل اللاجئين السوريين، ليست الأولى من نوعها للتعبير عن التعاطف مع المشكلات الإنسانية، ولكنها الأكبر بهذا الزخم الشعبي والإعلامي على مستوى البلاد. يُذكر أن المكتبات النرويجية في عام 2014، ترسل حوالي 150 ألف كرون نرويجي أسبوعيًا إلى مخيم الزعتري في الأردن، أي ما يزيد عن 16 ألف يورو.
أما القراءة السياسية لحملات كهذه، كما أوردها الناشط الفلسطيني السوري جمال يانس، الموجود في النرويج والمشارك في الحملة الأهلية، هي “أن مثل هذه الحملات تهدف إلى إثبات النظرة الإنسانية التي تتصف بها النرويج، والحفاظ عليها كميزة لهذه الدولة ضد الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية، والجرائم التي تمس القوانين والأنظمة الدولية التي يفترض أنها تحمي الإنسان في ظل الحروب والنزاعات، تلك القوانين التي تُعدّ من صلب المجتمعات الحديثة، والتي تعد النرويج من أهم الدول التي تسعى للحفاظ عليها”؛ وبذلك يرى يانس أن “هذه الحملة تأتي من الشعب النرويجي للدفاع عن دولتهم ومجتمعهم وقيمهم الإنسانية في المرتبة الأولى”.
وأخيرًا يشار إلى أن هذه المبالغ التي جُمعت في تلك الحملة، ترسَل مباشرة إلى مراكز الصليب الحمر النرويجي في لبنان، وتحديدًا في صور وصيدا والبقاع، وذلك لعلاج المرضى والمصابين، وتأمين الأدوية والسكن الطبي المجاني، وهذا ما دأبت عليه المنظمة منذ ثلاث سنوات، كذلك لمركز الصليب الأحمر النرويجي في الزعتري، وبالتعاون مع منظمة المساعدات النرويجية التي كانت أول منظمة دولية تصل إلى مخيم الزعتري منذ إنشائه.
المصدر