on
خبراء دوليون يرون ضرورة الهجوم على الرقة بالتزامن مع عملية استعادة الموصل
بعد مرور الأسبوع الأول من معركة الموصل، أجمع خبراء دوليون على أن الوقت قد حان لشن عملية عسكرية علي مدينة الرقة السورية، بالتزامن مع عملية استعادة الموصل، لاسيما أن العملية الأخيرة لن تكون سهلة أو قصيرة المدى. وسيستخدم فيها تنظيم "الدولة الإسلامية" جميع تكتيكاته العسكرية وفي مقدمتها انسحاب قادته المعروفين بالقتال الشرس لتلك المدينة الواقعة على بعد 400 كيلومتر إلى الغرب.
الخبراء الدوليون قالوا في أحاديث منفصلة، إن البدء في هجوم متزامن على الرقة سيشكل حصاراً حقيقاً على "تنظيم الدولة"، يمنعه من الاحتفاظ بالموصل من جهة ـ أو التمدد في غرب العراق وشرق سورية من خلال انسحاب الجزء الأكبر لمقاتليه هناك.
فيما ذهب خبير منهم إلى أن إحراز تقدم في أي عملية عسكرية في الرقة مرهون بعاملين، مشاركة القوات التركية التي ستحدث فارقاً في حال تدخلها ووجود إدارة أمريكية جديدة قادرة على الالتزام تجاه تركيا مقابل مشاركتها.
وقبل يومين، أعرب الرئيس التركي، "رجب طيب أردوغان"، عن استعداد بلاده للتحرك نحو الرقة دون مشاركة منظمات إرهابية، قائلاً: "إذا كانت قوات التحالف مستعدة للتحرك معنا سنقوم بما يجب ضد داعش في الرقة أيضاً، لكن دون مشاركة تنظيم ب ي د وي ب ك، لا نريد تنظيمات إرهابية معنا".
فيما دعا أمس وزير الدفاع الأمريكي "أشتون كارتر" للبدء في عملية لعزل "تنظيم الدولة" في مدينة الرقة بالسرعة الممكنة، بالتزامن مع الهجوم الحالي على الموصل معقل التنظيم في العراق.
يأتي الإعلان عن إمكانية هجوم مماثل على مدينة الرقة عقب مخاوف دولية من هروب قيادات "تنظيم الدولة" إلى غرب العراق وشرق سورية، لاسيما أنه مع انطلاق معركة الموصل، أحاطت قوات الهجوم المدينة من جهاتها الثلاث الشرقية والشمالية والجنوبية، تاركة معبراً للتنظيم للانسحاب كما فعلت في معركة الفلوجة في السابق.
"أندريس كريج"، أستاذ الدراسات الدفاعية في جامعة كينجز في لندن (بحثية حكومية)، قال إن الاستعداد لشن عملية هجوم على مدينة الرقة سيكون بمثابة حصار حقيقي لـ"تنظيم الدولة" الذي يمني نفسه بالانسحاب للرقة وإدارة الحرب من هناك، قائلاً: "التعامل باستراتيجية مع داعش هو ما ينقص".
وأضاف: "أعتقد أنه حان الوقت في التفكير جدياً في هجوم متزامن مع الموصل (..) خاصة بعد ما عانينا منه من عدم وجود استراتيجية حقيقية لنهاية المعركة، فالتحالف لم يركز قبل المعركة على أسئلة هامة مثل كيف لا نضمن عودة داعش هنا أو هناك؟ ماذا سيحدث بعد تحرير المدينة؟ من سيحكمها ويدير شؤونها؟".
وأضاف الخبير الدولي أنه على الجانب العملي فإن هزيمة "تنظيم الدولة" في الموصل ممكنة، وقال: "أعتقد أن التحالف قادر على اغتنام الفرصة إذا تمكن من محاصرة المدينة"، مضيفاً: "لكي يحدث ذلك، يتطلب الأمر إغلاق الممر الغربي، ووقتها سيتمكن عدد قليل فقط من عناصر داعش من الهروب لسورية، في إشارة للهروب للرقة".
"كريج" رسم تحد آخر أشد خطورة من فرار عناصر من "تنظيم الدولة" للرقة بقوله: "الاستيلاء على القرى المختلفة الموجودة على أطراف الموصل بمثابة تحدٍ يجب أن ينتبه له التحالف حيث من المرجح أن تكون مفخخة عبر الألغام التي تزرعها داعش علي جنبات الطريق، لهذا وجب على التحالف أن يكون حذراً للغاية وبالتالي من الممكن أن يكون هذا سبباً في المضي قدماً ببطء نحو الموصل، حتى لو كان تحرير المدينة في النهاية المطاف سيكون بتكلفة إنسانية ضخمة".
وتابع: "سوف تلجأ داعش لجميع التكتيكات العسكرية التي تجعلها تستمر في القتال حتى النهاية سواء من خلال الهجمات الانتحارية ونصب الكمائن والقنص والشراك الخداعية من أجل إبطاء تقدم قوات التحالف (..) لديهم أميال من أنظمة الأنفاق داخل المدينة مما يسمح لهم بالظهور فجأة خلف القوات المتقدمة".
مشيراً إلى قدرة التنظيم على الكر والفر، وبالتالي يجب أن يستولى التحالف على شارع شارع ومنزل منزل، واصفاً المعركة بأنها أقرب ما تكون إلى حرب المدن في شكلها الأندر.
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بردفورد البريطانية "أفشين شاهي" توقع في حديثه، ألا تكون عملية استعادة الموصل سهلة، مرجعاً السبب لوجود عوامل كثيرة يمكن أن تطيل المعركة، منها مناورة "تنظيم الدولة" الذي لا يعرف بعد ما إذا كان سيختار استراتيجية الانسحاب مثلما فعل في الفلوجة عند تشديد الحصار عليه أو المقاتلة حتى النهاية مثلما حدث في معركتي الرمادي ومنبج حتى لو على حساب خسارته في النهاية. وهو السيناريو الذي نلاحظه ويجعل التحالف وبقية الأطراف حذرة في التعامل معه.
وأضاف "شاهي": "على الأغلب فإن فرض حصار التنظيم وشل في حركته في غرب العراق وشرق سورية أصبح ضرورة ملحة الآن".
من جانبه، قال يزيد صايغ باحث رئيسي في مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط في بيروت (خاص): "لا أعتقد أن هناك قدرة عسكرية حالية في سورية قادرة علي هزيمة "تنظيم الدولة" في الرقة، فليس هناك من الأطراف الرئيسية في سورية طرف قادر على استعادة المدينة، فقط المشاركة التركية العسكرية التي ستقوم بعمل فارق كبير في تلك المعركة.
وأضاف صايغ: القيام بعملية عسكرية متزامنة في الرقة على المدى القريب ليس مرجحاً بالنسبة لي قبل انتخاب إدارة أمريكية جديدة قادرة على تقديم التزامات لتركيا في مقابل مشاركتها.
وتسعى الولايات المتحدة لتثبيت أقدامها في الرقة، من خلال استعمال "قوات سورية الديمقراطية" المنضوية تحت راية تنظيم "ب ي د" الذراع السوري لمنظمة "بي كا كا"، وهو ما ترفضه تركيا وتقول بوضوح إن مشاركتها مرهونة بعدم مشاركة التنظيمات الإرهابية.
وعقب بدء عملية استعادة الموصل، بمشاركة الجيش العراقي إلى جانب قوات البيشمركة الكردية وعدد من المجموعات العشائرية التي قامت القوات التركية بتدريبها، بالإضافة إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تعالت المخاوف من أن تكون المعركة المقبلة في الرقة، بسبب انسحاب أعداد كبيرة من مقاتلي التنظيم إلى المدينة.
المصدر