من أجل “سورية المفيدة” الأسد يُدخل معضمية الشام في عجلة التهجير


 

نهاية الأسبوع الماضي، دخلت معضمية الشام عجلة التهجير التي يقوم بها نظام الأسد ضدّ المعارضين له في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، حيث أقلّتْ الحافلات الخضراء مئات الأطفال والنساء والمقاتلين إلى إدلب، المعقل الأبرز للمعارضة السورية شمالي البلاد.

 

وقال الناشط الإعلامي في الثورة السورية، داني القاضي، لـ”صدى الشام”، وهو أحد المهجّرين مع عائلته من مدينة المعضمية إلى إدلب: “مع وصولنا إلى ريف إدلب توزعنا على عدة مناطق، في البداية كان هناك نقطة تجمع، وبعدها توزعنا إلى مناطق في مدن وقرى سرمين وبنش وآفس وبعض المخيّمات المخصصة للنازحين والمهجّرين ومناطق أخرى لم أحفظ أسماءها”.

ووصلت آخر دفعة من المهجّرين “قسرًا” من مدينة معضمية الشام في ريف دمشق الغربي إلى إدلب فجر يوم الخميس الماضي 20 تشرين الأول، وذلك تنفيذًا لاتفاق بين أهالي المدينة ونظام الأسد بعد حصار دام أكثر من ثلاثة أعوام.

وأضاف القاضي: “في أول يوم لنا في إدلب كان التجمع بمدرسة وبعدها تم توزيع الأهالي على منازل مجهزة، ولكن الوضع في المدرسة كان سيئًا، فتحرك الناس فورًا، وليس لدي معلومات تؤكد في ما إذا بقي في المدرسة أحد”.

وبلغ عدد الواصلين إلى إدلب قرابة الـ 1650 شخصًا هم 620 مسلحًا من مقاتلي المعارضة السوريّة مع عائلاتهم، وعدد من الجرحى والمرضى.

 

مقاتلو دمشق إلى إدلب

 وعن مقاتلي الجيش الحر، أكّد القاضي أن “بعضهم بقي مع عائلاتهم، بينما توجه البعض كمجموعات إلى منازل قريبة من مقرات المعارضة السورية المسلحة في عموم المناطق التي ذكرتها سابقًا”.

وكانت الحافلات الخضراء قد حملت الأربعاء 420 مقاتلًا من مدينة المعضمية و200 من داريا وكفرسوسة والمزة، كانوا قد نزحوا سابقًا إلى المعضميّة، بينما بقي في المدنية قرابة 2500 مقاتل.

وأبدى الناشط الإعلامي تخوفه من الوضع الجديد في إدلب، مشيرًا إلى “وجود عادات مختلفة بين أهالي المدينة وأهالي المعضمية”، ولكنه أثنى على الأهالي في إدلب، وحركة أحرار الشام، مشيرًا إلى أنّهم كانوا “متعاونين ولم يقصروا في استضافة المهجريين وتلبية متطلباتهم”.

وأكّد القاضي “عدم دخول أي جريح من المهجرين إلى الأراضي التركية”، لافتًا إلى أنّ الجرحى والمرضى “تلقوا العلاج والإسعافات اللازمة في مراكز طبية بريف إدلب، ثم نقلوا لنقطة التجمع الرئيسة وتم نقلهم لاحقًا إلى منازل أو مخيمات”.

وعبّر القاضي عن “رغبته الشديدة وحبه للعمل الإعلامي بالثورة السورية”، مؤكدًا عزمه العودة إلى العمل في حال لم تواجهه “صعوبات” في الأيام القريبة.

 

استقرار في قرى إدلب

بدوره، قال الناشط الواصل من المعضمية إلى إدلب، وسيم الأحمد، إنّ بعض الواصلين استقرّوا في منازل في عدّة مناطق منها “سرمين، بنش، وحزانو”، والباقون استقروا في المدارس وبعض المخيمات، ومنها مخيم الطين بالقرب من سرمين.

وعن تقديم المساعدات للمهجرين، أكّد الأحمد أن المساعدات “تأتي من الأهالي في إدلب، وبعض الجمعيات والمعارف الشخصية”، منوهًا إلى أن العمل يتم حاليًا من أجل التواصل مع منظمات لتأمين حاجات المهجرين.

وتأتي عملية تهجير أهالي مدينة المعضمية الثائرة ضد نظام الأسد ضمن عمليات التهجير القسري وسياسة التغيير الديموغرافي التي يتبعها النظام بعد إجبار المعارضة على توقيع اتفاقيات مصالحة أو مغادرة المدينة كما حدث في “داريا وقدسيا والهامة وحي الوعر”.

ويعمد نظام الأسد إلى حصار المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والتصعيد العسكري ضدها بدعم من الطيران الروسي والميليشيات الأجنبيّة، ثم يجبرها على الدخول في مصالحات تقوم على أساس تهجير أهالي المنطقة.

وباتت الحافلات الخضراء التي يقوم نظام الأسد بنقل المهجرين قسرًا عبرها، رمزًا يهدد به نظام الأسد والمؤيّدون له المعارضين والثائرين في حال عدم الاستسلام.


مناشير على حلب للخلاص

 

وبالتزامن مع وصول المهجرين إلى إدلب، ألقت طائرات نظام الأسد آلاف المناشير الورقية على مناطق حلب الشرقية، التي يحاصرها نظام الأسد، وتضمنت المناشير في إحدى جانبيها صورة للحافلات الخضراء تحت مسمى “طريق الخلاص”، وهي الحافلات ذاتها التي نقل عبرها المهجرون من المعضمية إلى إدلب، فيما يحتوي الجانب الثاني صورة جثة كتب إلى جانبها “لا ترمي بنفسك إلى التهلكة”، في تهديد صريح لأهالي المدينة بالموت المحتم في حال عدم مغادرة المدينة.

ويقول مراقبون ومحللون إنّ “نظام الأسد وحلفاءه يسعون من خلال عمليات التهجير القسري إلى إجراء تغيير ديموغرافي في سوريا ليتمكنوا خلاله لاحقًا من إنشاء ما يسمى بـ”سوريا المفيدة”، والتي تضم الساحل السوري إضافة لمدن حمص وحماة ودمشق.

وتدعم روسيا نظام الأسد بالغارات الجوية والخبراء العسكريين، وتزوده بالسلاح الثقيل والفتّاك، بينما تدعمه إيران بالسلاح والمال والميليشيات الطائفية في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود “سورية المفيدة”.

ويرى خبراء بأن نظام الأسد يسعى لجمع مقاتلي المعارضة السورية في شمالي سوريا ليتمكن لاحقًا من توجيه ضربات قاضية تمكّنه من القضاء عليهم.

وتحاصر قوات نظام الأسد أيضًا حي الوعر في حمص ومدن مضايا والزبداني والغوطة الشرقية، بينما تقوم بالتضييق على المدنيين في الأحياء ذات الغالبية السنية الخاضعة لسيطرتها في دمشق وحمص، حيث دفعت الآلاف إلى الهجرة خارج البلاد هربًا من الاعتقال التعسفي أو الخدمة الإلزامية ضمن قوات النظام، إضافة لعمليات الخطف التي تقوم بها الميليشيات الداعمة لقوات النظام.

 

إضاءات:

نظام الأسد وحلفاؤه يسعون من خلال عمليات التهجير القسري إلى إجراء تغيير ديموغرافي في سوريا ليتمكنوا لاحقًا من إنشاء ما يسمى بـ”سوريا المفيدة”.

تدعم روسيا نظام الأسد بالغارات الجوية والخبراء العسكريين وتزوده بالسلاح الثقيل والفتّاك، بينما تدعمه إيران بالسلاح والمال والميليشيات الطائفية.

باتت الحافلات الخضراء التي يقوم نظام الأسد بنقل المهجرين قسرًا عبرها رمزًا يهدد به نظام الأسد والمؤيّدون له المعارضين والثائرين.

 



صدى الشام