نزار قباني.. العاشق للمرأة والوطن


رلى العلواني

شاعر الرومانسية والمرأة، حقوقي ودبلوماسي، تعلّق بالشعر وعشقه، فنثر قصائده لتصير منارات للعاشقين، وعشق الوطن فأشعر له، وكتب عن الجلّاد والمستبد والوطن الجريح.

ولد نزار توفيق قباني في مدينة دمشق، في 21 آذار/ مارس 1923، من أسرة دمشقية عريقة، تُدعى عائلة (أقبيق)، من أصل تركي، عمل والده في صناعة الحلويات، وكان أحد رجالات الثورة السورية ضد الفرنسيين، وجدّه أبو خليل القباني كان رائد المسرح العربي آنذاك، وكان نزار محبًا للشعر منذ طفولته، واشتهر بأشعاره الرومانسية حول المرأة.

تزوج مرتين، الأولى من ابنة عمه (زهرة)، والثانية من العراقية (بلقيس)، التي كانت من أهم مصادر إلهامه في كتابة الشعر، سرعان ما قُتلت  بانفجار -من تدبير وتنفيذ النظام السوري- دمّر السفارة العراقية في بيروت، تاركة أثرًا كبيرًا في نفسه، فرثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها.

درس الحقوق في جامعة دمشق، وتخرج منها عام 1945، ثم التحق بالسلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية السورية، وتنقل بين عواصم عدة، وفي عام 1959، عمل سفيرًا لسورية في لندن، وكان متقنًا للغة الإنكليزية، وفي فترة الوحدة بين سورية ومصر عُيّن سكرتيرًا ثانيًا للجمهورية المتحدة في سفارتها بالصين، إلى أن قدّم استقالته عام 1966، متفرغًا لكتابة الشعر.

بدأ رحلته الشعرية في عمر 16 سنة، وأصدر أول دواوينه عام 1944، بعنوان “قالت لي السمراء” حينما كان طالبًا في كلية الحقوق، وله عدد كبير من الدواوين الشعرية تصل إلى 35 ديوانًا، أهمها “مئة رسالة حب”، “الرسم بالكلمات”، “طفولة نهد”…. أسس دارًا للنشر؛ لنشر أعماله وأسماها “منشورات نزار قباني”، وكان له دور كبير في تطور الشعر العربي الحديث، بدأ بشعر الغزل والحب والمرأة، ثم توجّه نحو السياسة بعد نكسة 1967، وكانت قصائده لاذعة للحكومات والرؤساء، وعلى وجه الخصوص حكم البعث السوري، وقد مُنع في إثرها من دخول سورية، ومن أشهر قصائده السياسية “هوامش على دفاتر النكسة”، “متى يعلنون وفاة العرب”.

كان عاشقًا لدمشق، لحاراتها وياسمينها ومشربياتها، لنسائها وزينتها وبيوتها الدافئة، وكتب عنها قصائد في رائعة، حوّل بعضها مُلحّنون إلى أغان، كما حرص عدد من المغنين العرب على الاستفادة من أشعاره البديعة ككلمات لأغانيهم، ويصعب ذكرهم لكثرتهم، فكانت في واقع الأمر الحامل الحقيقي لاشتهار تلك الأغاني وأولئك الفنانين.

عاش قباني مآسي عديدة في حياته التي بدأت بانتحار شقيقته الصغرى، ثم فقده لوالدته وزوجته، إلى وفاة ابنه توفيق، وبعد مقتل زوجته بلقيس، انتقل إلى العيش في لندن، حيث قضى فيها 15 عامًا، إلى أن وافته المنية في 3 نيسان/ أبريل 1998، نتيجة إصابته بنوبة قلبية، بعد أن أمضى خمسين عامًا في كتابة الشعر، تاركًا موروثًا كبيرًا من الكتابات والدواوين الشعرية.

رفض النظام السوري إقامة جنازة له، فتصدى للمهمة محبّوه وعشاق شعره ومثقفو سورية، وسط استياء السلطات، فأقيمت له جنازة شعبية مهيبة، شارك فيها كثير ممن أحب الرجل وشعره، الذي كان دائمًا، نسمة للعاشق، وسيفًا في وجه الجلاد.




المصدر