هيئة رعاية “مصابي الحرب” في الداخل السوري إمكانيات محدودة وجهود فردية تنتظر الدعم


حين تشتد الحروب تزداد معاناة الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفًا، ورغم “حنّية” الوطن على أبنائه إلا أنه في زمن الحرب، يحترق بمن فيه، لذا تجد في سوريا عشرات الآلاف من المصابين بعد مرور ست سنوات على الثورة، إلى جانب أولئك الذين باتوا تحت الثرى.

غابت الإحصائيات الدقيقة عن عدد المصابين بإعاقات دائمة وبترٍ للأطراف في سوريا، بسبب صعوبة إجرائها نتيجة استمرار المعارك وأعمال العنف الدائرة، ولكن إحصائيات الأمم المتحدة بما يخص الحروب في العالم، أكدت أن كل قتيل يقابله خمسة جرحى، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية في كانون الأول من عام 2015، أن نسبة المصابين بإصابة بالغة نتيجة الحرب في سوريا بلغت نحو 10% من تعداد السكان، مع تحذير المعنيين من ازدياد نسبة الإصابة جراء استمرار الحرب، لكن رغم ذلك لم تحدد المنظمة العدد بشكل دقيق، مكتفيةً بالنسبة المئوية.

هيئة لرعاية المصابين

نظراً لارتفاع نسبة إصابات الحرب، وقلة المؤسسات المعنية بمعالجة الضحايا، لجأت مجموعة من المحامين والأطباء والمهندسين، لتأسيس هيئة لرعاية مصابي الحرب في سوريا، من مدنيين وعسكريين، ونسقت عملها ضمن قطاعات متعددة، والتي دُعمت من قبل قائد جيش الإسلام السابق، زهران علوش، بحسب ما قال رئيس الهيئة، المحامي محمد راغب نبهان، وتابع “بعد وفاة علوش توقف الدعم فاعتمدنا على المساعدات الشخصية، وحاليًا ستقوم منظمة راف القطرية بدعم هذه الهيئة بعد أن قمنا بإجراء مقابلة معهم، ومن المتوقع توقيع العقد معهم خلال أيام”.

وأضاف نبهان، لـ”صدى الشام”: “إننا المنظمة الوحيدة في الداخل التي تخدم مصابي الحرب، وتشرف على نحو أربعة آلاف مصاب في معرة النعمان، وكذلك يتوزع عملنا بين محافظة إدلب و حماة”.

بات تركيب أطراف اصطناعية، أمرًا صعبَ المنال بالنسبة للسوريين في الداخل والخارج، نتيجة الكلف المرتفعة التي تتـراوح بين 500 و1200 دولار أمريكي، ما يجعـل الحصول عليها وتوفيرها غالبًا يتم عن طريق منظمات دولية وجمعيات، وهي بدورها غير قادرة على تغطية كافة المصابين نتيجة كثرة عددهم.

وأوضح نبهان أن “عملية تركيب الأطراف والمفاصل التي تنطوي تحت القطاع الطبي في الهيئة، تتم من خلال توقيع عقود مع عدة منظمات مختلفة، تقوم بدورها بتأمين الأطراف وتركيبها للمصاب، مثل منظمة القلوب الرحيمة”.

ونفى رئيس الهيئة وجود دعم كبير للمرأة السورية التي أصيبت بعاهات جسدية، فقد اقتصر الدعم فقط على القطاع الطبي، معللاً سبب ذلك بـ”قلة الدعم المادي، وبالتالي قلة التجهيزات المتاحة”، مضيفاً أنه “يتم دعم النساء في المجال الطبي، بإشراف طبيب ومجموعة من الممرضين”.

أما بالنسبة للقطاع الإغاثي، ونظراً لقلة الموارد المتاحة أمام الهيئة، فإن دعم المنظمة للمصابين محدود، ولكنها بالرغم من ذلك تحاول إعالة النساء من ذوي الإصابات اللواتي فقدن المعيل، بحسب تعبيره.

وأشار رئيس الهيئة إلى أن “القطاع الإغاثي يعتمد في تمويله على عدد من الأفراد الذين يقدمون المساعدات النقدية، وتوزّع على المصابين حسب الحاجة، وهي مساعدات متواضعة مقارنة مع عدد المصابين الكبير”.

تأهيل مصابي الحرب

وفيما يخص القطاع المهني في الهيئة، القائم على تأهيل مصابي الحرب مهنياً، فهو يقوم بعمله تحت إشراف عدد من المدربين، كما يقيم دورات متنوعة لتعليم المصابين مهارات مختلفة تتوافق ورغباتهم.

وأكد نبهان أنه “يوجد عدد من النشاطات التي يتم تعليمها للمصابين، كالحلاقة ودورات التحرير الصحفي التي تستغرق حوالي شهر، أما دورات الخياطة فغالبًا ما تكون سريعة وقصيرة لا تتجاوز الـ15 يومًا، ويكون تعليم المصاب بحسب رغبته”.

وتابع نبهان “ندرب في المركز الصغير المصابين على عدة آلات للخياطة وبعض أجهزة الكمبيوتر، ويتم نقل المصابين بسيارة خاصة بالهيئة، كما نقدم للمصاب الذي يتبع الدورة مبلغًا ماديًا رمزيًا كتشجيع له في نهاية الدورات، ونقوم بإعداد بعض الدورات المهنية خارج المكتب، بعد استئجار صالة لعدة أيام”.

تقديم الدعم النفسي

مع ارتفاع أعداد مصابي الحرب كان لا بد من الاهتمام بمجال التأهيل النفسي في الدرجة الأولى، بالاعتماد على الاختصاصيين النفسيين، الذين يقومون بالإشراف على الجانب النفسي للمصاب، والعمل على دمجه ضمن المجتمع.

وقال المحامي نبهان: “يزور المرشدون النفسيون خمسة مرضى كل أسبوع، ويعالجوهم ضمن موجز الدعم النفسي المتوافر لدينا، سواء كان دعمًا معنويًا أو ماديًا”.

أما المشرف على الجانب النفسي في الهيئة، المحامي شحود المحمد، فقد أكد لـ”صدى الشام”، أنه يتم علاج مصابي الحرب في مركز الهيئة، في حين أن بعض الحالات يزورها أطباء متخصصون ويقدمون الخدمات النفسية لها.

ومع استمرار الحرب في سوريا، يلاحظ تدني مستوى الاهتمام بجرحى الحرب والمصابين والمتضررين الذين تعترف بهم الأمم المتحدة كضحايا نزاعات، وخصصت لهم يومًا عالميًا يوافق في الثالث من كانون الأول كل عام، للتأكيد على حقهم في الحياة والانسجام بين الناس العاديين.

إضاءات:
تُعلّم الهيئة المصابين عددًا من النشاطات منها الحلاقة ودورات التحرير الصحفي والخياطة.

المساعدات التي تقدم لمصابي الحرب متواضعة مقارنة مع عددهم الكبير داخل البلاد.

تركيب أطراف اصطناعية للمصابين أمر صعب المنال في الداخل والخارج، بسبب الكلف المرتفعة التي تتـراوح بين 500 و1200 دولار.

تغيب الإحصائيات عن عدد المصابين بإعاقات دائمة وبترٍ للأطراف بسبب صعوبة إجرائها نتيجة استمرار المعارك



صدى الشام