شركات المواقف المأجورة في دمشق تتعدى على أملاك السوريين الخاصة


تخسر خزينة “محافظة دمشق” ملايين الليرات سنوياً، نتيجة منح المواقف المأجورة والمرائب لشركات خاصة، عبر استثمارها بطريقة المناقصات، والتي غالباً ما تشهد عمليات تلاعبٍ لترسو مناقصة استثمار هذه المرائب والمواقف على شركات مقرّبة من النظام.

شركة واحدة تملك 900 موقف

حرمت “محافظة دمشق” نفسها من الإشراف على استثمارات المواقف المأجورة، مقابل منحها إلى تجّار مقرّبين من النظام، ليقوموا باستثمارها بأنفسهم والتلاعب بتسعيرتها، واستملاك المواقف المأجورة على الطرق. هذا الكلام أقرَّ به قبل أيام عضو مجلس الشعب التابع لنظام الأسد معتز السواح، الذي قال “إن هناك مواقف سيارات خاصة خلف فندق الشام يستثمرها البعض دون وجه حق، وهناك ارتفاع في تسعيرة المرائب الخاصة في المحافظة فهي ضعف تسعيرة المرائب في القطاع الخاص”.

شركة “سيريا باركينغ” هي الشركة الأبرز التي تتولّى مهمة استثمار كل المواقف المأجورة في دمشق ومعظم ما تبقى من مناطق تحت سيطرة النظام، بمعدّل 900 موقف ضمن العاصمة دمشق، حيث تتحكّم هذه الشركة بالأسعار وتقرها حسب ما تقتضيه مصلحتها تحت رعاية حكومة النظام وموافقة محافظة دمشق.

وكانت صحيفة محلّية، انتقدت تسليم استثمارات المواقف المأجورة لصالح شركات بعينها، مشيرةً إلى أن الأجدى هو استثمارها مباشرة وعدم تسليمها للشركات، حيث بلغت المرابح السنوية لهذه الموقف المأجورة حوالي 500 مليون ليرة سورية، في حين تبلغ القيمة الإجمالية التي يدفعها المستثمر 32 مليون ليرة فقط.

الكراجات في قبضة الشركات

عمدت الحكومة لمنح الـ 14 كراج الموجودين في العاصمة دمشق، إلى شركات خاصّة لتستثمرها وتجني من ورائها أرباحاً، كانت من المفترض أن تعود لمحافظة دمشق وتنعكس على الخدمات المقدمة للمواطنين.

وبحسب تصريح سابق لمدير هندسة المرور والنقل في محافظة دمشق التابعة للنظام، فإن العاصمة تحتوي على 10 مرائب وهي: “مرآب النعناع الطابقي، مرآب الجهاد، مرآب النصر، مرآب برج دمشق، مرآب الفردوس، مرآب عرنوس، الصوفانية، باب توما ومرآب الأمير”، وجميع هذه المرائب خاصّة باستثناء مرآبين اثنين عامين وهما “مرآب الربوة في منطقة الربوة ومرآب المواصلات في شارع الحمراء وسط دمشق”، لكن هذين المرآبين أيضاً لم تستفد منهما المحافظة بل تم منحهما للقطاع الخاص للاستثمار.

ويُقسم مرآب النصر إلى قسمين، الأول مرآب النصر الساعي وقدرته الاستيعابية 95 سيارة، والنصر مشتركين يستوعب 220 سيارة، كما يستوعب مرآب الجهاد ميموزا 65 سيارة، أما الصوفانية فقدرته الاستيعابية 250 سيارة ولكن لا يدخله يومياً أكثر من 25 سيارة بسبب وضع المنطقة الأمني، وكذلك مرآب الأمين في حي الأمين بدمشق القديمة ذات الأغلبية الشيعية، وذلك وفق ما يشرح موظّف في أحد مرائب دمشق لـ”صدى الشام”.

ارتفاع التسعيرة

منذ أن مُنحَت هذه الشركات الحق في استثمار المواقف الطرقية والكراجات، بدأت برفع الأسعار على خدماتها، دون الأخذ بعين الاعتبار الأسعار التي حدّدتها محافظة دمشق، ما انعكس على وضع السوريين الذين يعيشون هناك.

وبلغت تسعيرة الموقف المخصّص لسيارة واحدة في المواقف الطرقية 80 ألف ليرة سنوياً، إضافة إلى 20 ألف ليرة قيمة اللوحة، وهي تُدفع للمرّة الأولى، وهذا الرقم ينطبق على القطاع الخاص، أما سيارات القطاع العام فبلغت التكلفة السنوية لها 50 ألف ليرة للسيارة الواحدة.

فور حصولها على حق الاستثمار، بدأت الشركات المستثمرة للمواقف الطرقية والكراجات برفع الأسعار على خدماتها، دون الأخذ بعين الاعتبار الأسعار التي حدّدتها محافظة دمشق

أما مواقف السيارات الكبيرة، فتُحسب التسعيرة بشكلٍ ساعي، حيث تكون الكلفة 50 ليرة للساعة الأولى، و30 ليرة للساعات الباقية، لكن هذه الأموال لا تعود لخزينة المحافظة، وإنما للمستثمرين الذي مُنحوا هذه المواقف والمرائب.

وفي مطلع عام 2015، عدّلت محافظة دمشق هذه الأسعار لتصبح أجرة الوقوف والاشتراك في المرائب المُستثمرة ذاتياً من المحافظة 50 ألف ليرة بشكلٍ سنوي، أو7 آلاف ليرة بشكلٍ شهري.

ورفعت المحافظة السعر إلى 75 ليرة للساعة الأولى في المواقف الطرقية، و50 ليرة للساعة الثانية، على ألا تزيد نسبة الساعات عن ست، وفي حال تجاوزها الست تُحسب يوماً كاملاً، حيث تبلغ تكلفة الوقوف اليومي 500 ليرة سورية من الثامنة صباحاً حتى العاشرة ليلاً.

وكانت التسعيرة في الساعة الواحدة على الموقف المأجور قبل الثورة تبلغ 35 ليرة سورية، لكنها ارتفعت لتصبح 50 ليرة سورية، و100 ليرة للمخالفة، حيث لم يتبقَّ شارع في العاصمة دمشق وإلّا وزُرعت عليها آلة وبات الشارع موقفاً مأجوراً.

تعدٍ على أملاك السوريين

يشتكي عدد من المواطنين من وضع زرع المواقف أمام كل حيّزٍ فارغٍ على طول الأرصفة والطرقات، ويعتبر صهيب، وهو أحد سكّان دمشق، أن وضع مركز توقّف أمام دكّانه على أوتوستراد ركن الدين يعتبر “تعدّياً على الأملاك الخاصة للسوريين”.

يقول صهيب لـ “صدى الشام” إنه مضطر لركن سيارته مقابل دكّانه ليتمكّن من مراقبتها منعاً للسرقات التي تحصل باستمرار في وضح النهار، مشيراً إلى أن مركز التوقّف الذي وُضع أمام مكانه يجبره على اختيار حلّين، إما ركنها في مكانٍ بعيد أو أن يدفع أجرة ركنها في موقف مأجور ما سيكلفه مبلغ 500 ليرة يوميًا.

واعتبر أن “الحيز الذي يكون فارغاً أمام المباني والمحلات الاقتصادية يجب أن يكون ملكاً لسيارات أصحابها وليس لجشع هذه الشركات التي تستثمر أي رصيفٍ تجده أمامها”.



صدى الشام