النمو الألماني فاق التوقعات هذه السنة

26 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016

أظهرت بيانات اقتصادية ومؤشرات النمو الصادرة أخيراً في ألمانيا انتقال الاقتصاد إلى وضع أفضل مما كان متوقعاً هذه السنة. وبعدما كانت مراكز ومعاهد بحوث اقتصادية ألمانية أفادت في خلاصة دراسة مشتركة صدرت مطلع الشهر الجاري بأن «الاقتصاد الألماني يشهد حالياً مرحلة ازدهار وسطي مدعوم من سوق عمل ثابتة ومن استهلاك قوي»، أظهر مؤشر «إيفو» أمس ارتفاعاً غير منتظر في النمو على كل المستويات تقريباً.

وأشار معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ إلى أن مؤشر نمو أعمال الشركات الألمانية السبعة آلاف التي يستطلعها شهرياً لتحديد مجريات تحركها، ارتفع في شكل غير متوقع من 109.5 إلى 110.5 نقطة، علماً أن القسم الاقتصادي في وكالة «رويترز» ذكر أمس أن معظم الاقتصاديين والخبراء الذين استطلع آراءهم أكدوا أنهم ينتظرون ركوداً في الاقتصاد الألماني. وقال رئيس معهد «إيفو» كليمنس فوست: «الانتعاش في ألمانيا يواصل طريقه بوضوح»، مشيراً إلى ان إجابات الشركات كانت أكثر إيجابية من المرة السابقة في ما يتعلق بتوقعات أعمالها للأشهر الستة المقبلة. ومعلوم أن الاقتصاد الألماني نما 07 في المئة في الربع الأول من العام الحالي و0.4 في المئة في الربع الثاني، في وقت ينتظر خبراء البنك المركزي معدل نمو أقل قليلاً في الربع الثالث.

وكان «معهد ماركيت» أصدر أول من أمس نتائج استطلاع لمديري الشراء في الشركات الألمانية، أظهر توقعات إيجابية للمرحلة المقبلة، خصوصاً لمناسبة عيد رأس السنة. وارتفع مؤشره إلى 53.7 نقطة، بزيادة 1.1 نقطة، كما أظهرت مؤشرات قطاعات الصناعة والخدمات تحسناً جيداً. وأشارت دراسة أجريت أخيراً بطلب من الحكومة الألمانية، الى أن الاقتصاد سيحقق نهاية العام الحالي نمواً نسبته 1.9 في المئة، في مقابل 1.7 في المئة العام الماضي، علماً أن بعض الخبراء يعتقد بأن معدل النمو سيرتفع إلى 2 في المئة بعد البيانات الأخيرة.

وأضافت الدراسة أن النمو المتوقع عامي 2017 و 2018 سيبلغ 1.4 و 1.6 في المئة على التوالي، في حين أشارت الحكومة الألمانية إلى أن خبراءها ينتظرون نمواً نسبته 1.8 في المئة خلال العام الحالي، بزيادة 0.1 في المئة مقارنة بتوقعاتهم السابقة. ولفتت إلى أن الاقتصاد الألماني «يعاكس حالياً تيار النمو المتراجع في الاقتصاد العالمي». وفي ما خص عام 2017، تنتظر برلين معدل نمو أضعف، أي ما بين 1.4 و1.5 في المئة، على أن يبلغ 1.6 في المئة عام 2018.

وقال وزير الاقتصاد والطاقة زيغمار غابرييل إن «الانتعاش خلال العام الحالي قوي على رغم المصاعب الكبيرة التي تحيط بنا وتعثر النمو في العالم». وأضاف أن «النتائج السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستبرز في المرحلة المقبلة، ومن الصعب الآن تقدير حجمها في عدد كبير من القطاعات، والمحاذير المتوقعة في ازدياد». وإزاء هذه الوقائع، تنتظر الحكومة الألمانية أن يستمر الاستهلاك الداخلي في الاستحواذ على الجزء الأكبر من النمو، فيما الصادرات سترتفع بوتيرة أبطأ من الواردات حتى عام 2018.

وتوقع معهد «إيفو» أن تتقدم ألمانيا على الصين نهاية العام الحالي لتحتل المرتبة الأولى لجهة حجم صادراتها إلى العالم وقيمتها. ورأت وزارة الاقتصاد الألمانية أن النمو الضعيف في الاقتصاد العالمي لا يشكل قاعدة مثالية للشركات القائمة على التصدير لزيادة الاستثمارات في أعمالها، متوقعة أن تبدأ الشركات الألمانية في زيادة وتيرة الاستثمار في آلاتها وتجهيزاتها ومنتجاتها عام 2018.

وفي ما يتعلق بسعي البنك المركزي الأوروبي منذ سنوات إلى رفع معدل التضخم إلى نحو 2 في المئة، أعلن مكتب الإحصاء المركزي في فيسبادن أن أولى الإشارات سُجّلت أخيراً بعدما ارتفعت كلفة المعيشة في ألمانيا إلى 0.7 في المئة الشهر الماضي، في مقابل 0.4 في المئة أو أقل خلال الأشهر الماضية. وفي حال استمر هذا التطور، «فسيكون ايجابياً لأنه يعزز حركة النمو الاقتصادي في البلاد» وفقاً لخبراء ينتظرون استمرار ارتفاع التضخم خلال العام المقبل، على الأقل في ألمانيا.

وتعليقاً على وضع سوق العمل الألماني، قال رئيس قسم النمو في معهد بحوث الاقتصاد في برلين فرديناند فيشتنر: «لا تزال في وضع جيد، وكذلك الاستهلاك الخاص والشخصي إلى جانب الإنفاق الحكومي على خطوات دمج اللاجئين». وأضاف أن «الاستهلاك يساعد في تعزيز السوق الداخلية، وننتظر أن تبقى البطالة العام المقبل عند أدنى مستوياتها، أي عند 6.1 في المئة»، متوقعاً زيادة فرص العمل بمقدار نصف مليون وظيفة.

ولفت إلى أن الصناعة الألمانية، على عكس السنوات الماضية، لن تساهم على المدى المنظور إلا بدور أقل من المتوسط في مجال دعم النمو. وتوقع ارتفاع وتيرة الاستثمارات الداخلية والصادرات خلال الأشهر المقبلة، ولكنه حذر من الأزمات التي تعصف بالعالم حالياً ومستقبلاً. ولفت إلى أن «البريكزيت» قد يؤثر سلباً في الاقتصاد الألماني، على اعتبار أن المواجهة المتوقعة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على شروط الخروج، والعلاقات الاقتصادية المالية والتجارية اللاحقة بينهما، ستخلخل ثقة الشركات بأعمالها. ورأى خبراء أن تزعزع ثقة الناس بالعولمة، يمكن أن يؤثر في نهج الحكومات وينعكس سلباً على الاقتصاد الألماني والأوروبي والدولي.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]