‘بيع السلاح في الجزيرة السوريَّة: تجارة الإدمان على التجاوزات’
27 أكتوبر، 2016
جيرون
“أبيع قطع سلاح خفيفة، تتضمّن مجموعة مختلفة من الطلقات، إضافة إلى إيصال مجموعة صغيرة من أنواع مختلفة إلى الزبائن”، هكذا يقول (تامر)، الفتى البالغ من العمر /14/ عامًا فقط، وهو يُرتّب الأكياس؛ لكي يسهّل عملية البيع في إحدى أسواق القامشلي، بتدبير من أشخاص يُعدّ تهريب السلاح عملهم الوحيد.
على الرغم من المنع الحاصل من الهيئات الأمنيَّة التابعة لما يسمى بـ (الإدارة الذاتية)، من خلال منع استخدام السلاح دون ترخيص مسبق، إلّا أن الإحصاءات غير المُعلنة، والتي تتسرّب كشفت النقاب عن نسب كبيرة من الأطفال يتاجرون بالسلاح، أو يستخدمهم تجّار السلاح القدماء؛ لتسهيل عملية البيع والإتجار، إضافة إلى استغلال الفئة العمريَّة ما بين الـ 14 إلى 18 عامًا؛ لتمرير أنواع مختلفة ممنوعة من التجارات.
إدخال السلاح والأطفال
على الرغم من الإجراءات المتّخذة مما يدعى (الأسايش)، إلّا أنّ هناك تجاوزات من التجّار “المجهولين” في إدخال السلاح إلى المنطقة، وبطرق متنوّعة، هذا السلاح يأتي بكمياٍت كبيرة، ويدخل إلى البلد متجاوزًا الحدود، العملية تكون صعبة ومُعقّدة، وتستوجب -أيضًا- موافقات من جهات خفيَّة؛ ليتمّ إدخالها إلى البلد، ويقول أحد مهرّبي السلاح في المدينة، والذي رفض الكشف عن اسمه: “الطرق لإدخال السلاح تتنوّع، وذلك بحسب الأموال التي تُدفع لإدخال السلاح إلى المنطقة، ولعل أسهل طريقة هي الاستفادة من عناصر النظام السوري الذين يقومون ببيعنا الأسلحة فرديًا، إضافة إلى الجنود على الحدود التركية والعراقيَّة مع سورية”.
نفى مصدر في هيئة مكافحة الجريمة المُنظّمة التابعة للميليشيا الكرديَّة في الجزيرة استخدام القاصرين في تجارة الأسلحة، وقال: “إن الأطفال والقاصرين غالبًا ما يُستَغلوا في تجارة المخدّرات كون التجّار يعتمدون على القاصرين، لأنَّ الشبهات تكون بعيدة عنهم من السلطات المختصَّة، ولكن بخصوص تجارة السلاح، فإنّ العملية تكون نادرة، كون السلاح بحاجة إلى قوة عضلية لنقله من مكان إلى آخر”. وعن الإحصاءات بخصوص استخدام الأطفال في تجاراٍت ممنوعة، قال: “بخصوص الإحصاءات نحن لدينا تحفُّظ على التصريح عن الأرقام، ولكن النسبة يُعلَن عنها بين الحين والآخر، موثّقًة بالصور والاعترافات”، وتابع “في الآونة الأخيرة دوهم سوق القامشلي الرئيس؛ بناءً على معلومات واردة، واعتُقلت مجموعة من الأشخاص الذين يقومون باستخدام الأطفال واستغلالهم لبيع أسلحة صيد، ولا تندرج تحت إطار الإتجار النظامي للسلاح، وسيق المتهمون إلى المحاكمة وفق الأصول القانونيَّة”.
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تسهيل السلطات الأمنية الكردية مهمّة إدخال السلاح إلى البلد، وذلك عن طريق غضّ النظر -في بعض الأحيان- لقاء الحصول على سلاح من النوعيَّة الجيَّدة عن طريق مساعدة مهرّبي السلاح، وهذا التساهل يضفي شرعيَّةً ما على حركة المهرّبين عبر الحدود والمعابر التي تعد ممنوعة على المدنيين في الوقت الرَّاهِن، بحكم التشديدات الأمنية.
الأسس
يقول الاختصاصي الاجتماعي سعد محمد لـ (جيرون): “الأساس الحقيقي لانتشار حالات استغلال الأطفال والقاصرين في تجارة الممنوع، يتأتّى من درجة الفقر والتشرّد الاجتماعي، وغياب رقابة الأسرة، فمن المعلوم أنّ الأوضاع الاقتصادية السيئة للبلد وحالة الحرب، تدفع الآباء -في أغلب الأحيان- إلى إهمال الأبناء؛ ما يترتّب عليه تجاوزات خطرة بحقّ القاصرين. وإن استمرّت فسوف تخلق جيلًا عنيفًا مدمنًا على التجاوزات والاختلاف الاجتماعيّ”، وعن العقوبات بخصوص المتاجرين بالسلاح، أوضح: “لا يوجد قانون عقوبات تابع للإدارة الذاتية الكرديَّة، على الرغم من الهيئات المختلفة التي تبتّ في أمور الناس ضمن ما يطلقون عليه (مقاطعة الجزيرة) التي تضمّ كل مدن محافظة الحسكة، هناك اعتماد -فحسب- على قانون قديم، موضوع سابقًا، والذي هو قانون العقوبات السوري”.
بسبب تخبّط القوانين والعقوبات في الجزيرة، التي يتقاسم فيها النظام والمليشيات الكردية السيطرة، بات من الضروري إعادة النظر في أغلب تلك القوانين، وفرض حراسة اجتماعية على القاصرين، وحمايتهم من استغلال تجّار الأزمة، وزيادة التوعية، وفرض إجراءات قانونية أشدّ نفعًا، حفاظًا على الجيل الجديد من الانسياق خلف العنف وإدمان التجاوزات.