درعا بين جبهات القتال والمصالحات المحلية
27 أكتوبر، 2016
مضر الزعبي: المصدر
اتبعت قوات النظام منذ مطلع العام الجاري أساليب جديدة في تعاطيها مع الأهالي في محافظة درعا، فسعت إلى إتمام المصالحات المحلية عن طريق تقديم مجموعة من العروض، وفي نفس الوقت عملت على الجانب العسكري بهدف الضغط على الحاضنة الشعبية، وركزت في عملها على المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية التي تشكل عمق المناطق التي يسيطر عليها الثوار في المحافظة.
المناطق المستهدفة
ركزت قوات النظام بشكل أساسي على منطقتين في محافظة درعا وهما (طريق دمشق – درعا القديم) وامتداد (أوتوستراد دمشق – درعا)، فهذه المناطق لها أهمية كبيرة لدى تشكيلات الثوار وقوات النظام لكونها عقدة المواصلات الرئيسية في المحافظة.
وقال الناشط أحمد الديري لـ “المصدر” إن قوات النظام ركزت خلال العام الجاري على تعزيز مواقعها في محافظة درعا من خلال السيطرة على عقد الموصلات الرئيسية في المحافظة وفتح خطوط إمداد جديدة لقواتها، فشنت حملة عسكرية بغطاء جوي روسي على مدينة الشيخ مسكين التي تشكل المدخل الشمالي لطريق دمشق – درعا القديم، وسيطرت عليها أواخر شهر كانون الثاني/يناير الماضي، وبعدها توجهت نحو بلدة عتمان التي تعتبر المدخل الجنوبي للطريق، مطلع شهر شباط/فبراير الماضي، وسيطرت على البلدة بعد أسبوع من القتال ضد تشكيلات الثوار.
وأردف أنه بسيطرة قوات النظام على مدخلي الطريق ازداد الضغط على مدينة داعل وبلدة ابطع الواقعتين على نفس الطريق، لتبدأ قوات النظام بتقديم العروض للأهالي من أجل إتمام المصالحات، فعملت على تقديم العروض منذ نهاية شهر شباط/فبراير.
وأشار إلى أن اتفاق وقف الأعمال العدائية نهاية شهر شباط/فبراير كان السبب وراء إنهاء حملة قوات النظام العسكرية على المنطقة، مما أدى إلى رفض الأهالي عروض قوات النظام التي استمرت حتى مطلع شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وشنّت قوات النظام هجوماً عسكرياً باتجاه مدينة داعل وبلدة ابطع بعد فشل مساعي المصالحات المحلية على مدار ستة أشهر.
عروض قوات النظام
وقال الناشط هاني العمري لـ “المصدر” إن عروض قوات النظام كانت هي الأكبر بالمقارنة مع العروض في السابق، حيث سمحت للأهالي الذين يملكون أراضي في مناطق سيطرتها بزراعتها، وذلك عبر قرار صدر مطلع الشهر الحالي، والذي كان ذو وجهين، حيث اعتمد على سياسة الترهيب والترغيب، من خلال السماح للأهالي بزراعة أراضيهم للمرة الأولى منذ أربعة أعوام، في المقابل هددت من يرفض زراعة أرضه بأن أقوم هي بزراعة أرضه.
وأضاف بأن قوات النظام تعمل على إتمام المصالحات من أجل الاستفادة من الأيدي العاملة، نتيجة للأزمة في المحاصيل الزراعية، لذلك تعتمد على السيطرة على المنطقة من خلال المصالحات المحلية بعيداً عن سياسة التهجير التي كانت تستخدمها في الماضي، ولاسيما من خلال السيطرة على مدينة الشيخ مسكين.
وأشار إلى أن قوات النظام قدمت لأهالي المدن والبلدات الوقاعة على طريق دمشق – درعا القديم والأوتوستراد الدولي مجموعة من العروض ومنها فتح الطرقات والسماح بإدخال المساعدات الإغاثية والمحروقات وإيقاف القصف مع إعادة للخدمات.
إجراءات عقابية
اعتمدت قوات النظام على مجموعة من الإجراءات العقابية بحق السكان المدنيين، عقب فشلها في إتمام المصالحات المحلية.
وقال سعيد الحريري الناشط في المجال الإغاثي بريف درعا الغربي لـ “المصدر” إن قوات النظام عندما فشلت بإتمام المصالحات حاولت استخدام الخيار العسكري، فشنت حملة عسكرية بمساندة الميلشيات الموالية لها باتجاه مدن وبلدات ريف درعا الغربي، وسيطرت مطلع شهر أيلول/سبتمبر الماضي على عدد من المزارع والمعامل غربي أوتوستراد دمشق – درعا باتجاه طريق دمشق درعا القديم، وأصبحت على بعد أقل من 3 كم عن مدينة داعل وبلدة ابطع، وتزامنت الحملة على داعل وابطع مع استهداف قوات النظام بمختلف أنواع الأسلحة، ومنها القنابل العنقودية والصواريخ الفراغية، مما تسبب بتهجير أكثر من 60 ألف من سكان البلدتين وإغلاق المدارس والأسواق.
وأشار إلى أن قوات النظام اعتمدت منذ منتصف الشهر الجاري على أسلوب جديد بعد فشل الخيار العسكري بفرض المصالحات، ففصلت مناطق سيطرة الثوار عن باقي مناطق محافظة درعا والعاصمة دمشق بهدف الضغط على الحاضنة الشعبية، ولاسيما الطلاب وكبار السن من الذين يراجعون الأطباء في تلك المناطق، فتم إغلاق طريق الأوتوستراد (الغارية الغربية – خربة غزالة) الرابط بين مناطق الثوار ومركز مدينة درعا الخاضعة لسيطرة النظام والواصل بالعاصمة دمشق، إلا أن النظام أعاد فتح الطرقات يوم الأحد 23 تشرين الأول/أكتوبر في محاولة لكسب ود الحاضنة الشعبية.
رد فعل تشكيلات الثوار
اعتمدت تشكيلات الثوار في الآونة الأخيرة على الأسلوب الأمني من أجل إيقاف مخططات النظام، فبدأت تتبع الخلايا التي تعمل لصالح النظام في مناطق سيطرتها.
وقال القائد الميداني في الجيش الحر أحمد الزعبي لـ “المصدر” إن تشكيلات الثوار انتقلت بحربها مع النظام إلى الجانب الأمني، والذي يعتمد عليه النظام بشكل أساسي عن طريق زرع الخلايا في مناطق الثوار، من أجل العبث في المنطقة وزرع الموت عن طريق الاغتيالات، بالإضافة لنشر حالة من الخوف في أوساط الأهالي، ونقل أخبار تحركات الثوار.
وأشار إلى أنه تم كشف خليتين تعملان بالتنسيق مع رئيس فرع الأمن العسكري في الجنوب العميد وفيق الناصر، وتعمل هذه الخلايا في مناطق حساسة تشرف على طريق دمشق – درعا القديم، وقد تم كشف أمر إحداها بعد تتبع لواء الكرامة العامل في ريف درعا الغربي للخلية في مدينة داعل، وأدى كشف أمرها لفضح الخلية العاملة بريف درعا الشرقي على طريق الأوتوستراد، وداهمت فرقة الحمزة بالتعاون مع جيش اليرموك وكر الخلية، مشيراً إلى أنه ما يزال هناك عدد من الخلايا، ولا سيما أن النظام يعتمد على خلط الأوراق في حربه مع الثوار.
[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]