غلاءٌ وقطعٌ للماء والكهرباء… هدنة حي القابون تفاقم معاناة ساكنية


image-3

عدي عودة: المصدر

يعاني أهالي حي القابون الدمشقي الخاضع لهدنة مع النظام، من المعاملة السيئة من قبل الحواجز التابعة لقوات النظام، فضلاً عن عدم توفر المواد والخدمات الأساسية، إضافة إلى خرق قوات النظام للهدنة بين الفينة والأخرى.

“أبو علاء” الرجل الخمسيني لم يتمكن من شراء احتياجاته من داخل الحي نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها في الحي إلى ضعفي سعرها عن مناطق سيطرة النظام، فقرر أن يذهب إلى مناطق سيطرة النظام لعله يأتي بها بسعر أقل، وعند وصوله إلى أحد الحواجز في مناطق سيطرة النظام، انهال عناصر الحاجز عليه بالشتائم بحجة أنه يأخذ البضاعة “للإرهابيين”، في حين سرق عناصر حاجز آخر بعض بضاعته، وأخذوا منه أموالاً مقابل إدخال الأكياس التي سيدخلها إلى الحي، فقرر عدم الخروج من الحي مرة أخرى، نظراً لإهانته وإهانة أغلب سكان الحي في ظل هدنة مزعومة.

وبات بعض الأهالي يلجؤون إلى الزراعة في تأمين مستلزماتهم الغذائية، حيث اعتمد معظم أهالي الحي على زراعة المساحات الصغيرة المجاورة لمنازلهم أو أسطحها، إضافة إلى تجفيف الخضراوات كـ (البندورة والكوسا والباذنجان والبامية وحتى الملوخية”، لعلها تقيهم الجوع في فصل الشتاء.

ويعاني أهالي حي القابون من نقص في كافة الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء، وحتى موارد التدفئة الآن في فصل الشتاء باتت بسعر مرتفع، فسعر ليتر المازوت في مناطق سيطرة النظام 225 ليرة، أما في القابون فسعره يصل إلى 450 ليرة سورية، وحتى الحطب بات بسعر مرتفع عن السنة الماضية، فسعر كيلو الحطب الآن 160 ليرة، ومعظم حطب الحي رطب يصعب إشعاله.

وأغلب الأوقات المياه مقطوعة عن الحي، وإن توافرت يوجد صعوبة كبيرة في إخراجها إلى الخزانات بسبب انقطاع الكهرباء، فعملت إحدى المؤسسات في الحي على مشروع كباسات المياه التي تعمل بالطريقة اليدوية، وحفرت 23 بئراً و27 كباساً بجانب الآبار في مختلف حارات الحي، بتكلفة 1700 دولار أمريكي لكل بئر، وقدر عدد المستفيدين من المشروع بنحو 15 ألف شخص من أهالي الحي الذين يقدر عددهم الكلي بنحو 120 ألف نسمة.

ورغم الهدنة التي يعيشها الحي إلا أنها تعتبر حصاراً مصغرا، فكل المواد الغذائية تدخل من طريق حي برزة بتدقيق كبير وأسعار مرتفعة، إضافة إلى أن قناصات قوات النظام المتواجدة على أطراف الحي تستهدف بين الحين والآخر المدنيين العزل.

ويذكر أن حي القابون في وضع وقف إطلاق النار منذ بداية شباط 2014، ويقع شرق العاصمة دمشق، ويتوسط أحياء تشرين وبرزة المجاورين له، ويعد من أوائل الأحياء الثائرة في العاصمة دمشق، حيث خرجت أول مظاهرةٍ فيه بتاريخ 25 آذار/مارس من العام 2011، مطالبة بالحرية وإسقاط النظام، ليبدأ المسير في ركب الثورة السورية.

ولم يخطر على بال أهالي الحي أن الثمن الذي سيدفعونه سيكون باهظاً جدا، حيث ارتكبت قوات النظام أول مجازرها في الحي في الجمعة العظيمة بإطلاق النار العشوائي على المتظاهرين، ما تسبب بمقتل خمسة أشخاص وإصابة العشرات من المدنيين، تلتها مجزرة أسرى الحرية، والتي راح ضحيتها ستة عشر متظاهرا.

وشهد الحي أول معاركه في حزيران من عام 2012 والتي أطلق عليها مسمى “معركة الباصات”، نسبة لاستهداف الثوار خمسة باصات مبيت للشبيحة على أوتوستراد دمشق حمص، والذي يعد أهم طرق الامداد بالنسبة للنظام، تلتها المعركة الثانية والتي كان من المقرر فيها أن تكون معركة تحرير دمشق، وكانت بعد عدة أيام من المعركة الأولى، ودامت قرابة الأسبوع، خسر النظام خلالها عدداً كبيراً من جنده وآلياته على الأوتوستراد الدولي، حينها حقد النظام على ثوار الحي وأهلهم، فانتقم منهم عن طريق هدم منازلهم ومحالهم التجارية في المنطقة الصناعية، لعيش بعدها الحي في هدنة دامت سنة كاملة.

وفي 19 حزيران/يونيو من العام 2013 بدأت المعركة الكبرى، واستعمل النظام فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، وتسببت تلك المعركة بهدم حارات بأكملها فوق رؤوس قاطنيها، وبلغ عدد المنازل التي تهدمت قصفاً وجرفاً حوالي 1600 منزل وألف محل تجاري، فيما بلغ عدد الضحايا الموثقين من أهالي الحي 840 قتيلاً، بينما وصل عدد المصابين من المعركة الأخيرة إلى 380 مصابا.

وأما عائلات الحي التي عادت بداية الهدنة، بلغ عددها 3400 عائلة، أغلبهم قضى فترة المعركة في المدارس والمساجد خارج الحي.





المصدر