كأمّة، هل نصبح أكثر وضاعة من أي وقت مضى لنفحص أسنان اللاجئين؟
27 أكتوبر، 2016
أحمد عيشة
انشغال بريطانيا مع عدد قليل من الأطفال في كاليه يخفي التهرب الدنيء من واجباتنا الإنسانية على الساحة الأوروبية
اللاجئون في كاليه: ” خطة خيرية لمساعدة الأطفال المعزولين، شيء، وجهد ملائم للوفاء بمسؤولياتنا كأوروبيين، شيء آخر “الصورة: العمل الصحفي / REX / شترستوك
ما الذي نشاهده كلَّ صباحٍ، بعد تصويت بريخت، عندما ننظر في المرآة؟ أهي القوة العالمية العظمى الأولى التي تعرف مكانها في عالمٍ مترابطٍ جزئيًا ومن صنعها، وتتولى المسؤوليات الناتجة عن ذلك؟ أم أنها مكان محروم من الاختلاف ومجوف من الرحمة؟ وحيث يناقش المسؤولون ووسائل الإعلام إمكانية أن تقوم السلطات البريطانية بفحص الأسنان للتحقق من أعمار اللاجئين الذين ستسمح لهم بدخول البلاد من كاليه، كان من الممكن أن يكون هذا القرار رائعًا.
اقترح الفكرة ديفيد ديفيس، النائب المحافظ عن مونماوث. هناك كثير من الأعضاء المنتخبين في مجلس العموم ذوو عقول تبحث عن الحقيقة ومهارات الحكم الرشيد. إذا ما درسنا سجل ديفيز، آخذين في الحسبان، ربما، هجومه على زواج المثليين بـأنه: “نباح مجنون” ودعوة عصابات مقيدين معًا لآباء عاجزين، سرعان ما يتضح أنه ليس واحدًا منهم، ولكنه كان يعرف ما يكفي كي يفهم بأنه في هذا الزمن الحانق يمكن أن يُطلق العنان لاقتراحه غير الإنساني، ويراقبه وهو يكسب شعبية.
يعلم أنه يمكن الاعتماد على جريدة “ذَ سَن، the Sun” لتبني الفكرة مع نكتة على صفحتها الأولى: “أخبرينا عن الأسنان،” في عنوان رئيس لها. كان يعلم أن فكرته ستمنحه الشهرة ، إن لم يكن اليوم، فذات صباح ، وسيكون هناك على برنامج اليوم. كان ذلك له مرة أخرى، يشحذ السيوف مع بيرس مورغان، في برنامج صباح الخير يا بريطانيا، مصرًا: “نحن في حاجةٍ إلى أن نكون عاقدي العزم حول هذا”.
استمرت الحماسة حتى وقت متأخرٍ من الصباح، إلى أن تدخلت وزارة الداخلية معلنةً عن فكرةٍ غيرِ أخلاقية، لكنه كان يعرف بأن فكرة قد تم رفضها على الفور لأنها قذرة منذ عام مضى ستجد مكانها في خطاب عام يتسمم بالرذيلة والوضاعة المتزايدة، كما يعرف بأننا عندما ننظر في المرآة، لسنا في أفضل أحوالنا.
يمكن للمرء أن يثير اعتراضًا عمليًا لما كان قد اقترحه ديفيز، وهو التخوف من أن يتم إدخال اللاجئين البالغين إلى البلاد كأطفال، جمعية أطباء الأسنان البريطانية، مشدوهة، لم يفعلوا ذلك قائلين بأن الاختبارات التي يريدها “وسيلة غير دقيقة لتقييم العمر”.
لكن جوهر القضية ليس هنا. هل نحن أمة من شأنها أن تنحدر إلى معاملة البشر المعرضين للهجوم كمن يرمي إليهم بالمساعدة وكأنهم من الماشية، ويصنفهم ويجمعهم ويجسّ أعضاءهم ويتفحصها؟ هل نحن راغبون في تعريض هؤلاء الذين يتوجب إنقاذهم من الخطر لمزيد من المخاطر بإجراءات من شأنها ألّا تنتج أي فائدة مضمونة؟ “إنه من غير الملائم وغير الأخلاقي أن تُصور الناس بالأشعة إن لم تقدّم لهم فائدة صحية “، تحذر جمعية طب الأسنان. هل وصلنا إلى مرحلةٍ يمكننا فيها أن نطبق مجموعة إجراءات وقائية على المهاجرين قبل أن نطبقها على أنفسنا؟
في حين انهارت مبادرة الأسنان لـ: ديفيز تحت وطأة تناقضاتها، قال متلقوها الكثير عن مزاجنا حول العلاقة مع أزمة اللاجئين الأوروبية وتحديدا المشاكل المستمرة في كاليه. يوم الثلاثاء، وفي أثناء كتابة هذه الصفحات/السطور، برنار كازينوف Cazeneuve وزير الداخلية الفرنسي، خرج عن لهجته الدبلوماسية التي تتطلبها مهنته مطالبًا الحكومة البريطانية أن تكثف جهودها لتحديد المهاجرين الأطفال وإعادة توطينهم.
وجهة نظر عديد البلدان هي نفسها كوجهة نظر بريطانيا، وضيعة، وانطوائية، فاشلة في القيام بأدوارها. تيم فارون، في كلمته التي ألقاها في مؤتمر الحزب الليبرالي الديمقراطي، متحدثا في مواجهة عامل إغاثة بينما كان يوزع زجاجات المياه على اللاجئين على الساحل اليوناني، “أوقفوا توزيع زجاجات المياه”، “خذوا بعض اللاجئين السخيفين”، ولكن بإشارةٍ، وربما بدليلٍ على أننا مترددون في نصيبنا من المشاركة. في تموز/يوليو قال تقرير صادرٌ عن لجنة مجلس اللوردات في الاتحاد الأوروبي: “نستنكر استمرار معارضة حكومة المملكة المتحدة لإظهار التضامن مع شركائها الأوروبيين في المساعدة على انتقال هؤلاء الأطفال.” وقبل ذلك بشهر، عندما وافق القادة الأوروبيون على نظام طوعي لتقاسم عبء اللاجئين في جميع أنحاء القارة، انسحبت المملكة المتحدة.
وهذا يكمن في جوهر المناقشات. انشغالنا بالأطفال المهاجرين يعكس حقيقة أنهم كأطفال سيواجهون أقل مقاومة عامة، هذا أمر لا مفر منه، وبالمناسبة، يستحق الثناء. رأينا صورًا لآلاف المهاجرين الذين يصلون بعد رحلة محفوفة بالمخاطر، وقاتلةٍ أحيانًا، رحلة على ساحل البحر المتوسط. ولكنها فقط صور آلان، الطفل الكردي البالغ من العمر ثلاث سنوات، الذي غرق على شاطئ تركي، هي التي وخزت الضمير العام.
ومع ذلك، دعونا لا نخلط بين ما نقوم به مع ما يجب أن نفعله. خطة المساعدة الخيرية للأطفال المعزولين –آملين الشباب الصغار، مع ميزات الأسنان ودمى الدببة لإثبات ذلك- هي شيء والمسعى الصحيح للوفاء بمسؤولياتنا كأوروبيين، فيما إذا كنّا لا نزال أعضاء في الاتحاد الأوروبي، هو شيء آخر.
لربما يكون المهاجرون المنقولون من كاليه شبابًا بما يكفي لتبديد كل الشكوك، وقد يكون، كما يرى بعضهم، أنهم شبان زادت التجارب والسنون من أعمارهم، ولكن بما أننا نفحصهم من حيث البلوغ أو العلامات الجسدية، يجب ألا نغفل عن السبب، الذي يجعل مسألة التحقق من السن في غاية الأهمية نحن نريد أن نفعل الصحيح مع مجموعة من الأطفال، ولكنها في الواقع وسيلة للتهرب من واجبنا لأن نفعل الشيء الصحيح.
اسم المقالة الأصلي As a nation would we ever sink so low as to check refugees’ teeth? الكاتب Hugh Muir ، هوغ موير مكان وتاريخ النشر The guardian- الغارديان، 19/10 رابط المقالة https://www.theguardian.com/commentisfree/2016/oct/19/refugees-teeth-britain-children-calais-europe المترجم أحمد عيشة
[sociallocker] [/sociallocker]