ناشطون من اليرموك ينفون تجريف “داعش” “مقبرة الشهداء”

27 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016
8 minutes

غسان ناصر

نفى ناشطون فلسطينيون من داخل مخيم اليرموك المحاصر، خبر قيام عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تجريف قبور قادة الثورة الفلسطينية في “مقبرة الشهداء القديمة”، وخاصة قبور قادة حركة “فتح”: ممدوح صيدم (أبو صبري)، وخليل الوزير (أبو جهاد)، ورفيق دربه سعد صايل (أبو الوليد)، وكذلك قبر القائد محمد العباس (أبو العباس) أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية، وقبر القيادي عبد المحسن أبو ميزر (عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير)، وقبر القيادي زهير محسن (أمين عام منظمة الصاعقة وعضو تنفيذية م.ت.ف).

وأكد الناشطون لـ (جيرون) أن تنظيم الدولة الإسلامية دمّر -أخيرًا- شواهد في “مقبرة الشهداء الجديدة”، الواقعة في آخر شارع اليرموك فحسب، وكان التنظيم قد دمر -في وقت سابق من العام الماضي- قبر جهاد جبريل (نجل أمين عام الجبهة الشعبية – القيادة العامة، أحمد جبريل، الموالي لنظام الأسد)، غير أن عناصر التنظيم المتشدد لم يمسّوا ــ حتى يوم 19 من الشهر الجاري ــ قبور القادة الفلسطينيين بأذى، وهي الواقعة في “مقبرة الشهداء القديمة” التي تقع في منتصف المخيم، بالقرب من المدينة الرياضية في جنوبي العاصمة دمشق.

وكان ناشط فلسطيني قد تمكن -قبل ثلاثة أسابيع- عند دخوله المخيم؛ للمشاركة في دفن إحدى قريباته ممن سُمح بدفنها داخل المخيم، حيث يسمح النظام وتنظيم “داعش” بدفن الموتى من اللاجئين الفلسطينيين، بعد أخذ الموافقات المطلوبة من الجانبين المتحاربين، تمكن من التقاط عدد من الصور لقبور القادة الفلسطينيين، تبين أنه لا صحة -أيضًا- لما تناقلته وسائل إعلام مختلفة من أن قصف النظام قد طال -أخيرًا- قبر خليل الوزير (أبو جهاد) أو غيره من قبور في المقبرة القديمة.

رفض إسرائيلي لدفن “الوزير” في الضفة الغربية..

وسرت إشاعات -في الأيام القليلة الماضية- مفادها أن عناصر من “داعش” “أقدمت على اقتراف جريمة بحق فلسطين والفلسطينيين، حين دنّسوا ودمروا مقبرة قادة الثورة الفلسطينية في مخيم اليرموك للاجئين في سورية”.

وعلى الرغم من البيانات المنددة التي صدرت عن بعض التنظيمات الفلسطينية، إلا أن أطرافًا من داخل اليرموك سارعت إلى تأكيد أن الجزء الذي فيه قبور القادة لم يجرف، كما قيل، وإنما تم تحطيم شواهد عدد من القبور، ولم يعرف ما إذا كان بينها قبري (أبو جهاد) و(أبو الوليد). وتجنبًا للأسوأ، تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب لنقل رفات القائد خليل الوزير (أبو جهاد) إلى الأراضي الفلسطينية، وتحديدًا إلى رام الله، لكنه قوبل برفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، التي أشارت إلى أن “منسق شؤون المناطق بحكومة الاحتلال “يؤاف بولي موردخاي” رفض طلبًا للسلطة بنقل رفات خليل الوزير (أبو جهاد) من سورية إلى الضفة الغربية المحتلة، في عُقب توارد أنباء، تحدثت عن اعتداء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على رفاته في مقبرة في مخيم اليرموك بدمشق”.

كما طالبت حركة “فتح” (إقليم نابلس)، بنقل رفاتي خليل الوزير (أبو جهاد) وسعد صايل (أبو الوليد) إلى الأرضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، بعد ما ورد من معلومات عن قيام “داعش” بالاعتداء على “مقبرة الشهداء” في مخيم اليرموك. وأكدت الحركة في بيان صادر عنها، أن “هذه القوى الظلامية ولدت؛ لتكون أداة تدمير في الأمتين العربية والإسلامية، مستندة إلى عقائد مشوهة جعلت منهم وحوشًا بربرية”.

بدورها أكدت عائلة صايل في قرية كفر قليل جنوب نابلس -مسقط رأس أبو الوليد – أن المعلومات التي توافرت لديها تشير إلى قيام “داعش” بتجريف شواهد قبري (أبو الوليد) و(أبو جهاد)، دون نبشها، واستنكرت العائلة -في بيان صدر عنها قبل أيام- مثل هذه “التصرفات المشينة والخارجة عن ديننا وعاداتنا، خاصة أنها تطال الشهداء”.

وقالت عائلة صايل في بيانها، إن “ما حصل من تجريف لقبور الشهداء يقودنا إلى القلق من إقدام تلك التنظيمات المتطرفة على أفعال أكثر شناعة”. وطالبت العائلة الجهات الرسمية بالعمل على نقل رفات قادة الثورة الموجودة في مقبرة اليرموك؛ ليدفنوا في وطنهم بكرامة وعزة.

شهود عيان: ما حدث تكسير بعض الشواهد

من جهته، كتب صبري صيدم (وزير التربية والتعليم العالي في السلطة الفلسطينية) على صفحته في “فيسبوك”: “لا دقة للمعلومات حول تجريف مقبرة الشهداء في اليرموك”، مضيفًا أن المعلومات المتوافرة لديه؛ بناءً على روايات شهود عيان، تفيد بأن ما حدث هو تكسير بعض الشواهد من تنظيم “داعش”.

ولفت صيدم إلى أنّ المقبرة التي تضم رفات والده، إضافة إلى عدد كبير غيره، بينهم أعضاء “لجنة مركزية فتح” سابقين، وقيادات نضالية من فصائل أخرى، قد سبق وأن تعرضت لأضرار جسيمة من جراء القصف، وحالة الحرب القائمة في سورية.

من ناحيته، أكد مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير في سورية، السفير أنور عبد الهادي، أن عناصر تنظيم “داعش” حطمت شواهد قبور قادة الثورة الفلسطينية، بعنوان “عقيدتهم التكفيرية”، عادًا المساس بقبورهم “إساءة لتاريخ الثورة الفلسطينية، ورسالتها الوطنية، وعملًا جبانًا، ومدانًا”.

وكانت صحيفة “الاتحاد” الحيفاوية قد نشرت -قبل أيام- أن “مرتزقة تنظيم التكفير والذبح والخراب (داعش) أقدموا هذا الأسبوع على اقتراف جريمة بحق فلسطين والفلسطينيين، حين دنّسوا ودمروا مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية في مخيم اليرموك للاجئين في سورية. وهم بهذا يواصلون ويكمّلون جرائم أعداء فلسطين والفلسطينيين” مضيفة أن “جريمة حثالات التكفير من “داعش” لم تمس البعد المعنوي والعاطفي لجميع الفلسطينيين فحسب، أينما كانوا، بل إنها تصب فعليًا في خدمة مشاريع تدمير وتقويض ومحو الذاكرة الفلسطينية ومآثرها ومعالمهما ورموزها. لذلك فإن الاعتداء على مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية هو فعل تآمر وعمالة لامحدود الانحطاط”.

هذا ويُشار إلى أنه منذ أن دخل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى مخيم اليرموك في الشهر الرابع من العام 2015؛ وحتى الآن، لم تتوقف الانتهاكات التي يمارسها بحق أهالي المخيم، من أعمال الإعدام الميداني والجلد والاحتجاز، واغتيال ناشطي المخيم الإغاثيين، والحصار، فخلال شهري آب/ أغسطس، وأيلول/ سبتمبر من العام الحالي، فرض التنظيم حصارًا مطبقًا على عشرات الأهالي داخل مناطق سيطرة جبهة “فتح الشام” داخل المخيم. كما أوقف العملية التعليمية في مدارس المخيم كافة، وأمر بفرض مناهجه الخاصة على التلاميذ، في وقت يوجد فيه نحو 1500 طالب في المخيم؛ ما أدى إلى حرمانهم من الاستمرار في التعلم، ويأتي كل هذا في ظل الأوضاع الصعبة، والحصار الظالم الذي يعيشه الأهالي -أصلًا- من قوات النظام على المخيم منذ العام 2013، والذي ذهب ضحيته 187 من أبناء المخيم؛ نتيجة الجوع ونقص الأدوية.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]