ثعلبان يلبسان لباس الواعظين


 نعيم مصطفى – ميكروسيريا

هما دولتان مستعمرتان مارقتان مجردتان من الأخلاق والقيم، لا يهمهما سوى مصالحهما، وسوى الهيمنة والسيطرة على الشعوب الضعيفة وإذلالها. ولا يتجرآن على الدول القوية لجبنهما وخساستهما. إنهما الوحشان أمريكا وروسية. فلم نجد في تاريخهما الأسود سوى استهداف الدول الضعيفة (أفغانستان والعراق وشعب سورية…) بحجج واهية هذه تقول من أجل إقامة الديمقراطية وتلك تقول من أجل تطهير البلاد من المنظمات والفصائل الإرهابية. وكلاهما يلبس لباس الثعلب الماكر، ويريد الاحتلال والقتل والتشفي، وتجريب أسلحته الجديدة ولا يأبه بالأرواح التي تُزهق أكانت رجالاً أم أطفالاً أم شيوخاً أم نساءً حاملاً بين جنباته ثقافة حق القوة في صنع ما يشاء .

دخلت روسية منذ عام إلى سورية، وشرعت تنفث أحقادها على الشعب السوري، وتصب عليه جام أسلحتها الثقيلة والمحرمة دولياً، من  الصواريخ والقنابل الفوسفورية والارتجاجية، ولا تميز بين بشر وحجر وشجر، وعدّاد القتل في سرعة وازدياد يوماً بعد يوم، وإذا ما سُئلت من قبل المنظمات الحقوقية وأصحاب الضمائر الحية بأي ذنب تقتلون هؤلاء الناس؟!، ولماذا تقصفون المستشفيات والمساجد والمدارس ؟!! فيقولون ومن دون تردد ولا وازع أخلاقي إننا نحارب الإرهاب، لكن بلادهم بعيدة جغرافيا آلاف الأميال عن هذه الدول، ولكنهم يسوغون عربدتهم بأنها ضربات وقائية  خشية من تمدد الإرهابيين بعد حقبة من الزمن، والغريب في الأمر أن أمريكا تنتقد نظيرتها في الإجرام وتشن عليها حرباً كلامية لا هوادة فيها، وتعريها أمام المجتمع الدولي فيكون ردة فعل روسية التمادي في القتل والإمعان في القصف، وعلى المقلب الثاني نجد أمريكا تتوجه إلى العراق، وإلى الموصل تحديداً لتمارس السيناريو نفسه، ففي الموصل أكثر من مليون ونصف شخص، في حين تزعم أمريكا أنها تستهدف الإرهابيين وهم بضعة آلاف ، ويبدأ مسلسل القتل والقصف والتهجير العشوائي وإذا بروسيا الوديعة الحنونة اللطيفة تسلط لسانها عليها، وتدلف لها المواعظ والنصائح فتقول على لسان رئيسها المجرم المستبد: إننا قلقون على المدنيين في الموصل، وعلى أمريكا أن تكون حذرة من استهداف الأبرياء أي أن الدولتين تتبادلان الأدوار وتمارسان العربدة والصلافة والوقاحة في أرض العرب والمسلمين دون روادع أخلاقية وإنسانية لأنهما بالأساس مجردتان منهما (وإذا اختلف اللصان ظهرت الحقيقة).

فمتى  تفيق الدول العربية والإسلامية من سكرتها، وتنهض من كبوتها وتجمع قواها وكلمتها على قلب رجل واحد، وتعيد أمجادها وسيادتها وعزتها وكرامتها التي افتقدتها منذ مئات السنين الفارطة؟!.