on
حسم الموصل بعيد: داعش” يعزز قواته ويستعين بسلاح الانتحاريين
أنهت معارك الموصل يومها الحادي عشر أمس الخميس، وسط تصاعد التصريحات السياسية والعسكرية التي تؤكد أن الحسم لن يكون قريباً في ظل اشتداد المعارك على مختلف المحاور وتعثّر تحرير بلدات تلكيف وبعشيقة، في ظل تكثيف تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) لهجماته الانتحارية وتعزيز قواته بعناصر من سورية.
وقالت مصادر عسكرية عراقية إن “القتال يشتد ضراوة مع كل عملية تقدّم نحو الموصل”. وبحسب ضباط في الجيش العراقي تحدثت معهم “العربي الجديد”، فإن “المعارك في يومها الحادي عشر شهدت تحرير قرية الفاضلية من قِبل البشمركة وقرية الصقلة من الجيش العراقي التي انسحب منها التنظيم بعد قتال قصير بفعل الطيران الأميركي”.
وتواجه القوات العراقية تحدياً جديداً من خلال تكثيف التنظيم هجماته الانتحارية والكمائن التي ينفذها عبر انتحاريين أيضاً. وحول ذلك قال العقيد محمد حسين الخالدي من قيادة عمليات تحرير نينوى لـ”العربي الجديد”، إن “داعش يتّبع أسلوباً جديداً في القتال”، مشيراً إلى أن “هناك انتحاريين مسلحين يهاجمون القوات العراقية المشتركة ويقاتلون بواسطة أسلحة خفيفة وقاذفات، وبعد نفاد ذخيرتهم يفجرون أنفسهم بأحزمة ناسفة”، لافتاً إلى أن “هناك أسلوباً آخر هو سيارة مفخخة يقودها انتحاري ويعتليها انتحاري آخر يمسك برشاش ثقيل مثبت على السيارة، وهذه أساليب لم نألفها مسبقاً في القتال ضد داعش”. وأوضح أن “داعش يحاول الالتحام معنا أو الاقتراب لأقصى مسافة ممكنة بهدف تحييد الطيران الدولي وجعله غير قادر على قصفه”، لافتاً إلى أن القوات العراقية قد تحتاج إلى عشرة أيام أخرى لتحرير كافة أطراف الموصل قبل الانتقال إلى مرحلة الهجوم على المدينة.
كما علمت “العربي الجديد” أن المئات من مقاتلي تنظيم “داعش” وصلوا إلى الموصل قادمين من سورية، مستغلين سوء الأحوال الجوية والضباب الذي لفّ المنطقة للانتقال من دون قدرة الطيران على اكتشاف ذلك. وبحسب مصادر من داخل المدينة، فإن أغلب مقاتلي التنظيم هم من جنسيات أجنبية وعربية مختلفة ودخلوا المدينة وتوزعوا على جبهات القتال عبر محاور الموصل السبعة.
فيما أكد معاون قائد المحور الشرقي لمعركة الموصل العميد الركن محمد فتحي عبد الله، في حديث لـ”العربي الجديد”، ارتفاع عدد قتلى تنظيم “داعش” منذ بدء المعارك إلى نحو 800 قتيل، مضيفاً أن “غالبية القتلى من الجنسية العراقية وباعوا أنفسهم ووطنهم” على حد وصفه، لافتاً إلى أن “الخطة تسير بشكل ممتاز حتى الآن ونتوقع أن تكون هناك عقد وصعوبات في طريقنا لكن الأهم أننا لن نتوقف”.
الحضور التركي
وما يزال المحور الغربي المرتبط من الاتجاه الغربي الجنوبي مع سورية ومن المحور الغربي الشمالي مع تركيا مفتوحاً مع مدينة الموصل، ويلفه هدوء شبه تام، وهو ما دفع بالكثير إلى إطلاق تحليلات حول سبب تركه، بين إفساح المجال للتنظيم للخروج من المدينة وتجنيبها دماراً واسعاً، وبين مخطط لجعل الموصل كإسفنجة تستقبل مقاتلي “داعش” من سورية بهدف القضاء عليهم، وهو ما قد يكون أحد دوافع التدخّل التركي في ملف الموصل لأسباب تتعلق بأمنها القومي فضلاً عن مخاوف من انتقال مسلحي التنظيم إلى مناطق حدودية معها على طول الأراضي الممتدة بين البلدين والتي تبلغ أكثر من 300 كيلومتر.
وفي هذا السياق، أكد وزير الدفاع التركي، فكري إيشيق، أن بلاده تقدّم الدعم الجوي في محاربة تنظيم “داعش” في الموصل، وأنهم بحثوا بالتفصيل مع وزراء دفاع الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، مسألة زيادة تقديم القوات التركية الدعم في عملية تحرير الموصل. وأكد إيشيق في تصريح صحافي أمس، أن بلاده ترغب بتحسين علاقتها مع بغداد، مشيراً إلى أن ذلك يصب في مصلحة البلدين. وشدد على أن عدم الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، لا يصب في مصلحة تركيا قائلاً: “استناداً لهذا المفهوم، تركيا ستقدم ما بوسعها لدعم عملية الموصل”.
من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن أكثر من 3 آلاف من القوات المحلية العراقية التي أشرفت تركيا على تدريبهم يخوضون معارك ضد تنظيم “داعش” ضمن القوات المشاركة في عملية تحرير الموصل. وأوضح جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الأستوني يورغن ليغي في العاصمة تالين التي يزورها، أنّ بلاده تساند التحالف الدولي بالموصل عبر إشراك 4 من طائراتها الحربية، وأنّ أنقرة موجودة في كل خطوة نحو مكافحة التنظيم. وفي ما يخص الخلاف الحاصل بين الحكومتين التركية والعراقية بسبب وجود قوات تركية في معسكر بعشيقة القريبة من مدينة الموصل، أفاد جاويش أوغلو أنّ بلاده تسعى لحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام وفد تركي الأسبوع الفائت بزيارة بغداد للتباحث في هذا الشأن.
وبالنسبة للوضع على الأرض ومحاور القتال حتى مساء أمس الخميس، فأوجزته مصادر عسكرية كالتالي: القوات المهاجمة موجودة في المحور الجنوبي الغربي على أطراف مدينة الشورة ومن المحتمل مهاجمتها في وقت لاحق من نهار الجمعة. أما في المحور الجنوبي الشرقي، فهناك مليشيات “الحشد الشعبي” بزي الشرطة الاتحادية عند أطراف الحمدانية والنمرود على بُعد 25 كيلومتراً عن مركز الموصل و15 كيلومتراً عن أول أحياء الموصل. وفي المحور الشرقي، توجد قوات البشمركة في محور برطلة على بُعد 30 كيلومتراً من مركز المدينة ونحو خمسة كيلومترات فقط عن أول أحياء الموصل وهو حي كوكجلي. فيما توجد القوات العراقية المشتركة في المحور الشمالي الذي يشمل تلكيف وباطنايا والحقول، وهي على بُعد 20 كيلومتراً من مركز الموصل و11 كيلومتراً عن أول أحياء المدينة من الجانب الشمالي. فيما علمت “العربي الجديد” أن التحالف الدولي أوقف منذ فجر أمس الخميس القصف على بلدة تلكيف بسبب تقارير أكدت سقوط ضحايا مدنيين خلال عمليات القصف بعدما ثبت عدم دقة التقارير التي يتلقاها حول مواقع التنظيم داخل المدينة.
دور المليشيات والأكراد
ومع استمرار المعركة، لا تزال اعتراضات تبرز على دور مليشيات “الحشد الشعبي”. وأفاد مسؤولون في مجلس محافظة نينوى الذي يتخذ من أربيل مقراً مؤقتاً له، بأن غالبية أفراد مليشيات “الحشد” المشاركين بمعركة الموصل يرتدون ملابس الشرطة الاتحادية ويستقلون عربات حكومية، إلا أن كل فصيل منهم يضع علمه الخاص.
مقابل ذلك، أكد رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، أن قوات “البشمركة” الكردية لن تدخل مدينة الموصل. وقال البرزاني أمس خلال مؤتمر صحافي عقده في محور الخازر عند أطراف الموصل، إنه لا يمكن تحديد الوقت الذي ستدخل فيه القوات العراقية إلى الموصل، معتبراً أن هجوم “داعش” على محافظة كركوك يمثّل محاولة للتغطية على فشل التنظيم في معركة الموصل.
من جهته، قال رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم إن العراق لن يتلقى التعليمات من أي بلد حول من يشارك في معركة الموصل، رافضاً خلال المؤتمر الصحافي ذاته مشاركة أي مقاتل غير عراقي في المعركة. جاء ذلك بعد اجتماع بين البرزاني والحكيم لبحث استمرار التعاون بين القوات العراقية وقوات “البشمركة” الكردية خلال عمليات الموصل.
صدى الشام