ارتفاع عمالة الأطفال في الجزيرة السوريَّة ولا مبالاة مجتمعية

30 أكتوبر، 2016

جيرون

“أستيقظ الساعة السابعة صباحًا؛ كي أبدأ العمل في سوق الخضار، وأبقى في السوق؛ حتّى تنفد بضاعتي، ومن ثم أعود بعدئذ إلى صالون حلاقة؛ كي أتعلّم الصنعة”، هكذا يقول محمد، الطفل البالغ من العمر 12 عامًا، والذي تابع قائلًا: “لا أملك فرصًة للتعليم؛ بسبب طول ساعات العمل، فأبي هاجر منذ عام تقريبًا إلى أوروبا، ونحن ننتظره لكي يرسل في طلبنا، إنهم يقولون بأنّ الحياة هناك جميلة وأنّ الأطفال ممنوعون من العمل!”.

نسب مرتفعة

على الرغم من أنّ المنظمات المدنية فاعلة ونشطة في الجزيرة السورية، لكن الإحصاءات -بخصوص عمالة الأطفال-  ضئيلة؛ لأسباب تتعلّق بانشغال المنظمات بأمور أخرى، وتجاهُل هذا الموضوع إلّا بالنذر اليسير من خلال بعض النشاطات وحملات التوعية.

وعن النسب المتعددة للأعمال التي يمتهنها الأطفال يقول المرشد الاجتماعي، حسين زيد: “ترتفع نسب التسوّل لدى الأطفال ممن هم أقل من 7 سنوات في مناطق الجزيرة، وعلى الخصوص مدينة الحسكة وأريافها التي تعيش حالة مزرية بالنسبة لظاهرة عمالة الأطفال، كما أنّ امتهان أعمال خطرة بالنسبة لفئة الأطفال، كالعمل في المجال الميكانيكي أو أعمال البناء ذات الطابع الخطر”، ويرجع زيد الأسباب إلى: “غياب فرص العمل بالنسبة للآباء، أو موت الأب في الاشتباكات الأمر الذي يفقد الأسرة معيلها ويضطّر الأبناء الصغار للعمل أملًا في الحصول على ما يسدّ الرمق في ظلّ الأوضاع الاقتصادية السيئة”.

أعمال ضارّة

يرى المهتمّون بالشأن المدني أن أغلب المهن التي يزاولها الأطفال تعتبر مهنًا ضارّة بالصحة النفسانية والجسمانيَّة للطفل، الأمر الذي يؤثّر على المورد البشري في سورية مستقبلًا، وعلى هذا الأساس لا بدّ وأن تتصرّف الجهات المعنيَّة في الجزيرة السورية كي تعثر على حلول للقضاء على هذه الظاهرة، وفي هذا السياق يقول مهند حسو الذي يشغل منصب مدير مدرسة إعدادية في مدينة القامشلي: “بلغت نسب التسرّب الدراسي ذروتها في العام الحاليّ، وأغلب من يهجرون التعليم يضطرون إلى العمل لتدبير نفقات العيش أو فقدان معيل الأسرة”، ومن ثم مضيفًا: “للأسف ليست هناك موانع أو عقوبات تجاه من يتسرّب من المدرسة؛ بغرض العمل أو لأي غرض آخر، فضلًا عن تجاهل نسب الاعتداءات على الأطفال في أثناء أوقات عملهم وحمايتهم من الضرر الحاصل”.

حلول المنظمات المدنيَّة

تشير الأحوال إلى فقر المخططات المتسمة بطابع الحلّ بالنسبة لظاهرة عمالة الأطفال من قبل منظمات المجتمع المدني، وأرجعت العاملة في المجال المدني نسرين محمد الأسباب إلى “ارتفاع نسب الفقر في المنطقة، بالإضافة إلى حركة النزوح التي أدّت إلى ارتفاع نسب البطالة على خلفيّة ارتفاع أعداد السكّان وعدم التوافق بين فرص العمل ونسب السكّان المرتفعة، وفيما عدا ذلك، التمويل القليل بالنسبة لمشاريع من هذا النوع تبطء عملية إيجاد الحلول إلّا بعد فترة زمنية طويلة”.

وعن الحلول والاستراتيجيات التي من الممكن أن تحدّ من ارتفاع نسب عمالة الأطفال، وقالت “قامت العديد من المنظمات المدنية المتوزّعة في أنحاء الجزيرة السورية بتوفير فرص تعليميّة لمن لا يستطيعون إتمام تعليمهم لأسباب ماديَّة أو فقدان معيل الأسرة أو فقر حاله وتمّ التنسيق مع منظّمات أوربيَّة مختصَّة للعمل على وضع خطط توعوية بهدف التقليل من نسب هذه الظاهرة في أقلّ تقدير إن كان القضاء عليها كليًا أمراً مستحيلًا في الوقت الرّاهن”.

وأضافت: “على الرغم من كثرة المنظمات المدنية العاملة في منطقة الجزيرة، إلّا أنّ الحلول المقدّمة للقضاء على مختلف الظواهر المنتشرة، وفي مقدمتها ظاهرة عمالة الأطفال التي باتت المؤشرات ترجّح انتشارها بكثرة مقلقة جدًا، تتّسم بالندرة وعدم الفاعليّة الحقيقية، والتي إن استمرّت سوف تودي بالبنية البشريّة نحو الهلاك مستقبلًا، ما لم يتمّ تدارك المعضلة”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]