الولايات المتحدة تقول إن روسيا أو النظام السوري وراء الهجوم المميت على مدرسة في إدلب


مروان زكريا

3

دخان متصاعد بعد غارة جوية على مدينة حاس في محافظة إدلب

قال المتحدث باسم البيت الأبيض حول الهجوم الذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 35 شخصًا، في منطقة يسيطر عليها الثوار: “نحن نعلم أن منفذ الهجوم واحد من هذين الاثنين”.

اتهم البيت الأبيض مباشرة إما سورية أو روسيا بالوقوف وراء الضربات الجوية، التي دمّرت مجمّعًا مدرسيًا الأربعاء.

ووصف عمال الإنقاذ في موقع في شمال سورية مشاهد الألم والخوف كتفاصيل جديدة للهجوم، الذي سوّى قسمًا كبيرًا من المنطقة بالأرض، وقتل نحو 40 شخصًا. ووصف مسؤول كبير في الأمم المتحدة الهجوم بأنه جريمة حرب محتملة.

إذ ربما تكون الغارات الجوية على المنطقة التعليمية في بلدة حاس في محافظة إدلب صباح الأربعاء أسوأ قصف من هذا القبيل على مدرسة، منذ بداية الحرب السورية قبل خمس سنوات ونصف.

قال جوش إيرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض: “لا نعرف حتى الآن ما إذا كان منفّذ الضربة الجوية نظام الأسد أم الروس، لكننا نعلم أنه أحدهما. وحتى لو كان نظام الأسد هو الذي قام بالتنفيذ، فلم يكن هذا النظام في وضع يسمح له بشن مثل هذه الهجمات لولا الدعم الذي يتلقاه من الحكومة الروسية”.

وقال أحد الأطباء الذين عالجوا الجرحى في المستشفى المحلي، وطلب عدم ذكر اسمه أو أسماء أعضاء فريقه المساعد، إن معظم القتلى كانوا من الأطفال بأعمار 6 إلى 15 سنة وكذلك من المعلمات.

وقال عمال الإنقاذ وسكان محليون إن 35 شخصًا على الأقل قد قتلوا وأكثر من 30 جرحوا في القصف الذي وقع في العاشرة والنصف صباحًا، بينما قدر الطبيب أعداد الجرحى بأكثر من مئة. وأضاف إن حالة نحو 40 شخصًا تطلبت إجراء جراحة نتيجة ما سماه المذبحة، وأن كثيرًا من الأطفال الذين وصلوا إلى المستشفى فقدوا أطرافهم.

وقال الطبيب: “كان ثمة نحو 40 طفلًا، وما بين 30 و 40 امرأة من أصل 120 جريحًا، أما الباقون فكانوا من أعمار مختلفة، أكثرهم من الآباء الذين هرعوا لمعرفة ما حل بأبنائهم، فأصيبوا في الضربات اللاحقة للهجوم. كانوا جميعًا من المدنيين. لم يكن بينهم إرهابيون أو مقاتلون مسلحون”.

وأظهرت الصور التي عرضها الطبيب الأطفالَ الجرحى في المستشفى، فضلًا عن جثث الأطفال في مكان التفجير، مع حقيبة مدرسية قرنفلية اللون على الجثة المغطاة لأحد أولئك الأطفال.

وقال أحمد شيخو، المتطوع في مجموعة الدفاع المدني المحلية للإنقاذ، والذي زار موقع الهجوم: “إنها منطقة مدرسية، إنها قرية صغيرة هادئة؛ لم يكن هناك مبرر من أي نوع. كان مشهدًا قاسيًا، كثير من الأطفال والمعلمين تحولوا إلى أشلاء”.

وأضاف: “كان هناك خوف ورعب وبكاء وعويل بين العائلات والأطفال. كان ألم الناس باديًا على وجوه الجميع. وكان أحدهم ينادي، من خلال مكبرات الصوت في المسجد، من كان له طفل مفقود أن يأتي للبحث عنه بين جثث الضحايا المسجات خارج المسجد”.

أعقب الهجوم الذي وقع في إدلب قصفٌ مدفعي لمدرسة على الجانب الذي تسيطر عليه الحكومة من مدينة حلب المقسمة يوم الخميس. وقالت وسائل الإعلام الرسمية السورية، وهو ما أكده بعض السكان، أن الهجوم الذي وقع في حي الشهباء، قتل ثلاثة أطفال في المدرسة الوطنية في حلب وجرح عدة أشخاص آخرين. كما قُتل ثلاثة أطفال آخرين في حادث قصف آخر على حي سكني بالقرب من خط المواجهة.

يسلط استهداف المدارس، خلال هذه الفترة القصيرة، الضوء على التخلي عن الأهداف الذي تخاض الحرب في سورية من أجلها. كان نظام بشار الأسد وحلفاؤه الروس مسؤولين عن مئات الإصابات في صفوف المدنيين في حلب، بنشرهم ترسانة متزايدة من وسائل العنف التي تشمل القنابل القوية المخترقة للتحصينات.

كان هجوم إدلب، الذي وقع أثناء خروج الطلاب من أربع مدارس متجاورة، تذكيرًا صارخًا بأعمال العنف التي تجتاح كثيرًا من أنحاء البلاد.

يقول أنتوني لاك، المدير التنفيذي لليونيسيف: “هذه مأساة، إنها فضيحة، وإذا كانت متعمدة فهي جريمة حرب”.

“ربما كانت هذه الفظاعةُ الأخيرة أعنف هجوم على مدرسة منذ بدء الحرب قبل أكثر من خمس سنوات. لقد فقدت الأسر أطفالها إلى الأبد، فقد الطلبة معلميهم إلى الأبد، إنها ندبة أخرى على مستقبل سورية. متى سيترافق اشمئزاز العالم من مثل هذه الهمجية مع الإصرار على أن هذا يجب أن يتوقف؟”.

يدير محافظة إدلب تحالف من المقاتلين المعارضين، بمن فيهم عناصر من الجيش الحر المدعوم من الغرب ومن جبهة فتح الشام التي كانت في السابق تابعة للقاعدة.

وقد قال عمال الإنقاذ وشهود العيان إن قصف المدرسة قد سبقه ظهور طائرات استطلاع. وإن عددًا كبيرًا من الأطفال كانوا عائدين إلى بيوتهم وسط مخاوف من استهداف الأحياء المجاورة بالغارات الجوية.

ونقل تقرير للتلفزيون الحكومي تصريحًا لمصدر عسكري يقول فيه إن عددًا من العسكريين قُتلوا عند استهداف مواقعهم في البلدة، لكنه لم يشر إلى المدرسة.

ونفى متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أن يكون لموسكو علاقة بالضربات الجوية، وأنها طالبت بإجراء تحقيق فوري. وقال إن الادعاء بمشاركة الطائرات الحربية الروسية والسورية في الهجوم هو محض كذب.

أما فيتالي تشوركين، سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فقال: “إنه أمر رهيب. أرجو ألّا نكون متورطين. من الأسهل لي أن أقول لا، لكنني شخص مسؤول، ولذا عليّ أن أرى ما سوف تقوله وزارة الدفاع في بلادي”.

وقالت اليونيسيف إنها تحققت من أن 38 هجومًا على الأقل شن على المدارس في أنحاء سورية منذ بداية عام 2016، في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتلك التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون.

وأبلغت جوليت توما، رئيسة قسم الإعلام الإقليمية في اليونيسيف، وكالة اسوشيتد برس أن 32 طفلًا قتلوا هذا العام في هجمات على المدارس قبل هجوم الأربعاء.

وقد سلطت البلدان الغربية وجماعات حقوق الإنسان الضوء بانتظام على العدد الكبير من الضحايا المدنيين الذين لاقوا حتفهم نتيجة الضربات الجوية السورية والروسية.

ففي لائحة اتهام عنيفة يوم الأربعاء، دعا ستيفن أوبراين، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فشل مجلس الأمن الدولي، وروسيا على وجه الخصوص، في وقف قصف المناطق التي يسيطر عليها الثوار شرقي حلب بـ”عار جيلنا”.

وخاطب أوبراين مجلس الأمن قائلًا: “دعوني آخذكم إلى شرقي حلب عصر هذا اليوم. في الطابق السفلي العميق، تقبعون مع أطفالكم وآبائكم المسنين، ورائحةُ البول والقيء الناجم عن الخوف لا تغادر أنوفكم أبدًا، تنتظرون قنبلة مضادة للتحصينات وتعلمون أنها قد تقتلكم في هذا  الملجأ الوحيد المتبقي لكم، ولكنها شبيهة بتلك التي عصفت بجاركم وبيته الليلة الماضية. أو تحفرون بأيديكم العارية في الشارع أعلاه للوصول إلى ما تحت الركام الخرساني، والقضبان الحديدية المميتة تبرز أمامكم وأنتم تحاولون، في حالة هستيرية، الوصول إلى طفلكم الصغير، والصراخ يخرج من بين الغبار والأوساخ تحت أقدامكم دون أن تروا مصدره، وأنتم تختنقون في محاولة التقاط أنفاسكم في الغبار السام ورائحة الغاز الجاهزة دائمًا للاشتعال والانفجار بكم. هؤلاء بشر مثلي ومثلكم لا يجلسون حول طاولة في نيويورك، بل يعانون من يأس عديم الرحمة من أن مستقبلهم قد مُحي”.

وأضاف أوبراين إنه “يتّقد غيظًا” من سلبية مجلس الأمن. “حياة الناس دُمرت، وسورية نفسها دمرت وهي تحت مراقبتنا الجماعية. وهي لا تحتاج إلى هذا – وهذا ليس أمرًا لا مفر منه. هذا ليس حادثًا طارئًا [….] لم يحدث قط أن كانت العبارة التي كتبها الشاعر روبرت بيرنز، عن “وحشية الإنسان تجاه أخيه الإنسان” صادقة كما هي اليوم. وهذا يمكن أن يتوقف، ولكنكم، يا أعضاء مجلس الأمن، يمكن أن تختاروا جعله يتوقف”.

اسم المقالة الأصليRussia or Syria was behind deadly Idlib school attack, says US
الكاتبKareem Shaheen كريم شاهين
مكان وتاريخ النشرThe Gardian

28 تشرين الثاني أكتوبر 2016

رابط المقالةhttps://www.theguardian.com/world/2016/oct/27/airstrike-on-syrian-village-kills-26-people-reports-say/
المترجممروان زكريا




المصدر