تفتيش تفتيش


فوزات رزق

تفتيش على الطالع والنازل.

أينما ذهبت يفتشونني

في المطار يفتشون جواز سفري؛ إلى أي البلاد ذهبت، من أي البلاد أتيت…

رجال الجمارك يفتشون الهدايا التي اشتريتها لأولادي؛ مخافة أن أخفي بينها ما يثير الريبة. صواريخ سكود أو كيماوي مثلًا.

شرطي السير يفتش أوراق سيارتي؛ هل جددتها أم مضى على انتهاء صلاحيتها يوم أو بعض يوم. هل معي جهاز إطفاء؟ هل معي مثلث فسفوري؟ هل رخصة السواقة بنظارة أم بلا نظارة.؟ وربما لم يكتف بذلك؛ فيبحث عن وسيلة أخرى لمخالفتي شطر بطر…

على الحاجر يفتشون في مخازن حواسيبهم عن اسمي؛ هل أنا مواطن صالح أم أنني مشكوك في صلاحيتي؟ وربما تشابهت الاسماء؛ عندئذٍ يقتادونني إلى مكان بحيث لا يستطيع الذبان الأزرق أن يهتدي إلى مخبئي.

في دائرة الرقابة بوزارة الإعلام يفتشون في مخطوطتي عن عبارة ما تخدش حياء الحكومة الموقرة، أو تنال من هيبة الدولة، أو تتناول المقدسات المتعددة والتي لا نستطيع إحصاءها.

في فرع الأمن يفتشون في رأسي عن أفكار محتملة لنشر الفوضى في البلاد، وزعزعة الأمن في الشارع. وتأليب الناس على الحكومة، وغير ذلك من المحاولات الآثمة.

عندما أريد بيع محضر أو عقار يفتشون في ذاتيتي. وهل أنا مواطن بكامل أهليتي المعتبرة شرعًا وقانونًا كي أتصرف بأملاكي الخاصة.

عندما أعبر الشارع من جانب إلى جانب، عندما أتوجه إلى الدكان لشراء بعض الحاجات، عندما أدخل الحمام لقضاء حاجة، يفتشون في سجلاتهم هل هناك خطر على أمن الوطن.

حتى زوجتي في البيت تفتش قلبي مخافة أن يكون قد مال إلى حسناء غيرها، مع أنني أقسم لها -في كل عودة إلى البيت- أنني كنت في عمل وطني من شأنه أن يغير هذا المجتمع نحو الأفضل. وإنني رجل سبعيني:

وماذا تبتغي الغيد مني وقد جاوزت حد الأربعين!

لكنها تصر على أن هذه الحيلة لا تنطلي عليها وإنها تعرف أساليب الرجال زائغي الأعين الذين تصطادهم نظرة من امرأة، ولو كانت عوراء، كما تصطاد الفراشات. وتذكرني بالمثل الدارج “إللي بأمّن للرجال مثل المي بالغربال”.

وحتى حفيدي يفتش في جيوبي عن قطعة الشوكولا بعد عودتي من حفلة زفاف.

ماذا أفعل؟ أرشدوني.؟




المصدر