تهنئة ونصيحة لقناة الجزيرة في عيدها العشرين
2 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
لقد باتَ من المُسَلَّم به عدم وجود منبرٍ إعلامي محايد ومستقل، فالاستقلالية اليوم دعوة لا تكاد تقوم عليها بينة حتى يقوم ما ينقضها.
ونحن بالطبع لا نطلب هذا المبتغى الصعب، بل ما نتمناه حقيقة هو الانحياز الكامل لقضية المظلومين والمقهورين، والوقوف بجانبهم ضد المحتل والمستبد والمجرم كائنًا من كان.
كما أننا لا ننكر ما قامت وما تقوم به قناة “الجزيرة”، من وقوفها مع ثورة المظلومين ومنابذتها للمستبدين من اليوم الأول، لما بات يُعرف بالربيع العربي، وإن كان في بعض الملفات ثمة تردد، ولكن في النهاية كان الخط العام هو السير مع خيارات الشعوب في ثورتها على الطغيان والاستبداد.
واليوم، إذ نبارك لقناة “الجزيرة” عيدها العشرين، نتمنى عليها كما عهدناها أن تكون منبرًا للأحرار والمظلومين بإنصاف وعدل، كما كانت، ومن دون وكس ولا شطط، ودون إخسار أو تطفيف، ولا تجعل من منبرها كما كانت تفعل قريش في سدانة الكعبة، تسمح لمن تشاء وتمنع من تشاء، فإن هذه السياسة تطعن في مصداقية شعار الجزيرة “الرأي والرأي الآخر”، لا من خلال منع الرأي الآخر، ولكن من خلال ما يعطى من مساحة لكل رأي محترم ضمن سياسة التعتيم والتضخيم، فبات واجب فك الحظر عن الأصوات التي لا ترغب الجزيرة في سماعها واجبًا مهنيًّا.
كما نتمنى أن تكفَّ عن وصفنا، نحن شباب الثورة السورية، بمقاتلي المعارضة السورية في مقابل النظام الشرعي، الأمر الذي يترجم أن النظام في حالة مواجهة مع متمردين مسلحين، ولتعد لتسميتنا بقوى الثورة السورية المسلحة، فإن ثورتنا لم تنته بعد، وطريق حريتنا لم نجزه بعد، وشعارات ثورتنا ما زالت على رايتنا مرفوعة في تحقيق الحرية والكرامة لشعبنا، وإن الانتقال من الحراك السلمي إلى الحراك المسلح لا يُغير من حقيقة الأمر والمسمى شيئًا.
كما نتمنى منها أن تحترم دماء شبابنا الذين يسقطون ذودًا عن حرية الشعب المظلوم، وتكفَّ عن وصفهم بالقتلى، فهم شهداء الثورة ورموزها الملهة لأجيال من بعدهم.
وقد سرنا أن مديرها المكرم قال في كلمته سنبقى نصف المحتل بالمحتل، والثورة بالثورة، ونتمنى أن يُسمِّي الشهداء بالشهداء، وألا يعود لوصف ما يجري في سوريا بالحرب الأهلية كما فعل من قبل.
نتمنى عليها أن تكفَّ عن الحيف والتطفيف في نسبة انتصارات الثورة لفصيل بعينه من دون كل الفصائل، واستثناء هذا الفصيل من الانكسارات، فالفصائل في الداخل تعمل مع بعض، تتقاسم النصر مع بعض، وتتحمل الهزيمة معًا فلا معنى لسياسة التبخيس والتلميع المتبعة.
كما نحذرها من التضليل الإعلامي الذي تمارسه نسختها الإنجليزية، وهي تبث لشعوب الغرب أن ما يجري في سوريا هو حرب أهلية، وكأن ثورتنا غدت في نظر العالم حربًا طائفية، وفتنة أهلية، وليست ثورة حق في سبيل تحرير الإنسان وكرامته.
وإن تصوير هذه الثورة على أنها حرب أهلية لا يصب إلا في صالح المخابرات العالمية، التي تبغي تضييق الخناق على كل وسائل حياتها، من خلال سلبها شرعيتها الثورية، ووصمها بالحرب الأهلية.
كما نتمنى عليها ألا يسهم الاستقطاب بين اللوبيات في داخلها، المتصارعة لصالح أجندتها الخاصة، أن تؤثر على مهنيتها ومصداقيتها لدى متابعيها.
وأخيرًا نتمنى لقناة الجزيرة المزيد من النجاح والتقدم والتميز الإعلامي، وأن تحقق مزيدًا من التأكيد لشعارها المرفوع “الرأي والرأي الآخر”.