حرب استنزاف في حلب .. وتنافس للوصول إلى الباب
2 نوفمبر، 2016
تواصلت المعارك في أنحاء مختلفة من الأرض السورية، لكنها في حلب تتخذ طابعاً استراتيجياً سواء المعارك في محيط المدينة وبعض أحيائها ضمن معركة “ملحمة حلب الكبرى”، أم في ريفها ضمن عملية درع الفرات ضد تنظيم الدولة.
وبعد الزخم الذي رافق العمليات العسكرية في الأيام الأولى، حيث تمكنت قوات المعارضة من انتزاع عدد من مواقع قوات النظام والميليشيات التي تقاتل معها في جنوبي المدينة، بدأت العمليات العسكرية تتحول في الأيام الأخيرة إلى مواجهات محدودة وقصف متبادل مع مواصلة قوات المعارضة محاولاتها للتوغل داخل المدينة عبر “مجموعات انغماسية” دون أن تتمكن من تثبيت سيطرتها لمدة طويلة، ما يشير إلى أن الوضع يتجه إلى حرب استنزاف قد تطول بعض الوقت، تكون الغلبة فيها لمن يمتلك مقومات الصمود أكثر خاصة السلاح والذخيرة إضافة إلى الصبر والتضحية.
وقد تصدى مقاتلو “جيش الفتح” لمحاولة قوات النظام التقدم باتجاه قرية منيان شمالي الأكاديمية العسكرية، غربي مدينة حلب، حيث أسفرت الاشتباكات عن مقتل عدد من قوات النظام، فيما اغتنمت المعارضة دبابة من طراز T55.
وكان جيش الفتح تمكن من السيطرة على منطقة منيان الإستراتيجية غربي مدينة حلب، مما مكن مقاتليه من الوصول إلى أطراف أكاديمية الأسد العسكرية بحلب.
كما سيطر مقاتلو جيش الفتح الأحد على كتل سكنية في حي حلب الجديدة وسط مدينة حلب، حيث تدور حرب شوارع مع قوات النظام داخل الأحياء السكنية في حي حلب الجديدة .
ويتيح تقدم جيش الفتح في حي حلب الجديدة استهداف أهم معاقل النظام الأمنية والعسكرية داخل الأكاديمية العسكرية خاصة مبنى الأكاديمية العسكرية الذي يعتبر المقر الرئيسي لغرفة عمليات النظام في حلب وريفها.
وبالتوازي، أعلن جيش الفتح بدء عملياته للتقدم نحو مشروع 3000 شقة جنوبي غربي مدينة حلب، وذلك بعد استكمال سيطرته على مشروع 1070 شقة باستثناء بعض كتل الأبنية التي أضيفت للمشروع في مراحل لاحقة.
وأعلن الحزب الإسلامي التركستاني المنضوي ضمن غرفة عمليات جيش الفتح أن أحد مقاتليه فجر نفسه عبر سيارة مفخخة في مواقع قوات النظام بمشروع 1070 جنوب مدينة حلب، مما أدى إلى مقتل أكثر من أربعين عنصراً من القوات الإيرانية المساندة لنظام الأسد، بحسب بيان للحزب.
من جهتها، قالت جبهة فتح الشام إن مقاتليها وبالاشتراك مع حركة أحرار الشام الإسلامية استهدفوا طريق خناصر في ريف حلب الجنوبي بغية قطع الطريق على قوات النظام ومنع وصول أيّة إمدادات عسكرية للنظام داخل مدينة حلب، وأضافت أن قوات نظام الأسد سلكت طرقاً قريبة من نقاط عسكرية لتنظيم الدولة بغية تجنب المرور من المناطق التي يرصدها مقاتلو جيش الفتح بالقرب من خناصر جنوب مدينة حلب، ملمحة إلى تواطؤ بين الجانبين.
وقد أسفرت معارك حلب عن وقوع خسائر كبيرة في صفوف مقاتلي حزب الله اللبناني الذي يشارك بقوة في تلك المعارك، ونعى الإعلام الرسمي التابع للحزب مقتل أكثر من 36 من عناصره في سورية خلال تشرين الأول الماضي بينهم 12 قتلوا خلال المعركة الأخيرة في حلب.
كما قتل جنرالان من الحرس الثوري الإيراني وهما محمد حسيني رفيع وهو برتبة عميد والحاج كنان برتبة عقيد، والعميد ذاكر حيدري، والقيادي الميداني محمد كياني، والجنرال المتقاعد غلام رضا سمايي .
وكانت ميليشيا “فاطميون” أعلنت منذ أيام مقتل ستة عناصر بينهم أحد عناصر النخبة ويدعى مصطفى كريمي وهو خريج هندسة عمارة لقي مصرعه صدى كبيراً في الأوساط الإيرانية والأفغانية .
درع الفرات
وبالتوازي مع ملحمة حلب، تواصل قوات درع الفرات تقدمها في ريف حلب الشمالي بالرغم من العراقيل التي تضعها أمامها الميليشيات الكردية التي تحاول انتزاع بلدات وقرى من تنظيم داعش قبل وصول قوات درع الفرات إليها.
وقد سيطر مقاتلو “درع الفرات” على قرى جديدة في ريف حلب الشمالي مثل قرية “بيلس” جنوبي مدينة الغندورة في ريف حلب الشمالي بعد اشتباكات مع تنظيم الدولة، وذلك بالتزامن مع إرسال تركيا تعزيزات عسكرية جديدة، عبرت إلى داخل الأراضي السورية من معبر جرابلس الحدودي مع تركيا.
وقالت وكالة الأناضول إن التعزيزات تشمل 20 سيارة مصفحة و8 دبابات وأفراداً ولوازم عسكرية ميدانية، وذلك بغية دعم العمليات العسكرية التي تستهدف تنظيم الدولة في محيط مدينة الباب.
من جانبه، سيطر “جيش الثوار” التابع لقوات سورية الديمقراطية على قرى حاسين، فاقين، وحليصة في ريف حلب الشمالي، عقب اشتباكات مع مقاتلي تنظيم الدولة، فيما أعلنت وكالة “سانا” الرسمية التابعة لنظام الأسد أن قوات النظام بالاشتراك مع القوات “الرديفة” سيطرت على مدرسة المشاة في ريف حلب الشمالي، عقب اشتباكات مع تنظيم الدولة، إضافة إلى سيطرتها على بعض القرى في ريف حلب الشمالي، كانت قوات سورية الديمقراطية أعلنت سيطرة مقاتليها عليها أيضاً، الأمر الذي اعتبرت أوساط المعارضة السورية أنه يشير إلى أن قوات سورية الديمقراطية والنظام يقاتلان في خندق واحد.
وتسعى قوات سورية الديمقراطية إلى منافسة قوات درع الفرات في التقدم نحو مدينة الباب، الأمر الذي أكدت فصائل المعارضة المدعومة من تركيا أنها لن تتساهل معه.
وقال سيف أبو بكر القائد العام لفرقة الحمزة المنضوية ضمن غرفة عمليات درع الفرات، إن أيّة قوة عسكرية تتجه إلى مدينة الباب ستكون هدفاً لفصائل درع الفرات.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة التركية، ونائب رئيس الوزراء نعمان قورتولموش، إن بلاده ستقدم الدعم اللازم لقوات المعارضة السورية من أجل السيطرة على مدينة منبج شرقي حلب، التي تخضع لسيطرة قوات سورية الديموقراطية.
وأضاف قورتولموش أن تركيا تواصل مفاوضاتها مع الأطراف المعنية من أجل السيطرة على منبج مجدِداً القول إن بلاده تتخذ الخطوات من أجل تشكيل منطقة آمنة بمساحة 5 آلاف كيلومتر مربع جنوبها.
إلى ذلك نقلت صحيفة “يني شفق” التركية عن مصادر تركية قولها إن اتفاقاً أبرم بين تركيا وروسيا يهدف إلى “إفشال الخطة الأمريكية في الشمال السوري”. وأوضحت أن الاتفاق يهدف إلى إفشال خطة الولايات المتحدة الأمريكية في الشمال السوري، والمتمثلة في تسليم المناطق الممتدة من معبر اليعربية الفاصل بين العراق وسورية مروراً بالحسكة والقامشلي وعين العرب وتل أبيض وجرابلس وأعزاز وصولاً إلى عفرين بريف حلب لتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعتبره أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني، المصنّف إرهابياً.
وأضافت الصحيفة إن عملية درع الفرات وتوسعها في الشمال السوري جاءت بناءً على التفاهم التركي الروسي، كما أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن إنشاء مناطق آمنة في الشمال على مساحة خمسة آلاف كيلومتر مربع أتت استناداً إلى هذه الاتفاقية.
وأشارت إلى احتمال متابعة قوات المعارضة السورية المشارِكة في عملية “درع الفرات” تقدمها لتصل إلى مركز مدينة حلب، وتنسحب قوات نظام الأسد من المناطق المشمولة في الاتفاق التركي الروسي، وتنحصر في محافظتي اللاذقية وطرطوس.
غير أن صحيفة “التايمز” البريطانية ذكرت الإثنين، في تقرير لها أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتزم شنّ هجوم “ضخم” على مدينة حلب السورية المحاصرة خلال فترة قريبة، وذلك نقلاً عن مصادر استخبارية غربية.
وتوقعت الصحيفة فشل الهجوم مشيرة إلى أن المعارضة السورية تزودها السعودية بالسلاح، وأنها أثبتت صمودها أمم هجمات نظام الأسد طوال الفترة الماضية.
تضييق الخناق على الغوطة
وفي محيط العاصمة دمشق تمكنت قوات نظام الأسد مدعومة بميليشيا حزب الله اللبناني الأحد من السيطرة على كامل بلدة تل كردي في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وذلك عقب اشتباكات عنيفة مع فصائل المعارضة السورية التي تحاول استعادة السيطرة على البلدة الإستراتيجية القريبة من مدينة دوما، المعقل الرئيسي لـ”جيش الاسلام” في الغوطة الشرقية..
واتبعت قوات النظام سياسة الأرض المحروقة في معاركها ضد المعارضة السورية في الغوطة الشرقية، حيث قصفت بعشرات الصواريخ والغارات الجوية الأحياء السكنية في البلدة.
وفي محافظة درعا جنوباً، تعرضت قوات المعارضة إلى نكسة بفقدانها أكثر من 30 مقاتلاً خلال محاولاتهم السيطرة على “الكتيبة المهجورة” شرقي مدينة ابطع في الريف الشرقي للمحافظة.
وقال ناشطون إن نحو 40 مقاتلاً من المعارضة السورية قتلوا في كمين نصبهُ عناصر قوات النظام لهم في المنطقة، وذلك ضمن معركة “صد البغاة” التي أطلقتها المعارضة السورية لاستعادة ما كانت قد خسرته لمصلحة قوات النظام.
وظهرت صور لجثامين عناصر المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام التابع للنظام تعرض هذه الجثامين للتنكيل فيما كان عناصر قوات النظام يلتقطون الصور إلى جانبها.
وفي المقابل خيم الحزن على أهالي درعا لهذه المجزرة التي تعرض لها أبناؤهم دون معرفة السبب الحقيقي الذي أدى لوقوع هذا العدد الكبير من المقاتلين في الكمين، بينما كانت الأنباء تتوارد عن تقدم لفصائل المعارضة على حساب قوات النظام.
وفيما قصفت قوات المعارضة بلدة خربة غزالة بالمدفعية الثقيلة رداً على المجزرة، دعت فعاليات شعبية وثورية في المحافظة قادة الفصائل إلى الثأر لشهداء المهجورة
أو اعتزال العمل الثوري.
وكانت قوات النظام سيطرت على الكتيبة المهجورة منذ ما يقارب الشهرين، وقامت بتحصين مواقعها فيها ونصب كمائن من الألغام وحفرت خنادق وتحصينات منيعة.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]