مدافع وطائرات الأسد تحدد إيقاع يوميات الأهالي بمدينة دوما المحاصرة
2 نوفمبر، 2016
تحدد طائرات الأسد الحربية ومدافعه، إيقاع يوميات سكان مدينة دوما المحاصرة شرق دمشق، إذ تتحكم وتيرة القصف بكل قراراتهم من إرسال أولادهم إلى المدرسة أو الخروج لقضاء حاجياتهم، وصولاً إلى الاختباء لساعات تحت الأرض.
وتتعرض دوما، أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، منذ حصارها من قوات النظام وميليشياته في العام 2013، لقصف مدفعي وجوي شبه يومي، ما تسبب طيلة هذه السنوات بسقوط أعداد كبيرة من الشهداء. ويعيش فيها حالياً أكثر من مئة ألف شخص.
ويروي سكان من المدينة كيف أن القصف المدفعي والجوي يرسم مسار حياتهم اليومية، فإذا خلت السماء من الطائرات، يعيشون حياة طبيعية بالحد الممكن. يذهب الأطفال إلى مدارسهم، ويسيرون وهم يلهون و يقهقهون وسط شوارع مليئة بأكوام من بالركام. ويخرج تجار الخضار بسطاتهم بانتظار الزبائن.
ولكن ما أن يتجدد القصف حتى تخلو الشوارع تماما وتسارع العائلات للاختباء في ملاجئ تحت الأرض، حيث قد تمضي ليلة كاملة إذا لم تتوقف الغارات والمدافع.
في أحد أحياء دوما، حفر أبو عمر حفرة داخل منزله ذي الهندسة الشامية العربية، وحولها إلى غرفة صغيرة باتت ملجأ العائلة والأقارب عند اشتداد القصف.
ويقول أبو عمر، وهو عامل في مطلع الثلاثينات من عمره، لوكالة “فرانس برس”: “حفرنا الملجأ بسبب القصف، حيث ما من مكان آخر نختبئ فيه”.
واستغرق العمل لإنشاء هذا الملجأ 15 يوما، وتبلغ مساحته الإجمالية 13 مترا مكعبا بعمق أربعة أمتار.
ملجأ العائلة
ويوضح “هذه الغرفة لأهل البيت والجيران حتى يجلسوا فيها أثناء القصف”.
وإذا حل الصباح واستيقظ أولاد أشقائه على صوت الغارات والقصف، يسارعون إلى النزول على سلم خشبي الى هذه الغرفة الطينية عوضا عن حمل حقائبهم والتوجه إلى المدرسة.
ويمضي الأطفال أحيانا حوالي أربع ساعات تحت الأرض، ينهون واجباتهم المدرسية ويساعدون بعضهم البعض ويلعبون معاً.
وإضافة إلى فتحة تهوية في سقف الغرفة، حفر ابو عمر في الجدران رفوفاً حجرية زينها بشراشف ذهبية اللون، فيما فرش سجاداً ملوناً على الأرض حيث يجلس لساعات وأمامه فناجين قهوة ذهبية اللون أيضاً.
ويقول الطفل محمد (سبع سنوات)، وهو ابن شقيق أبو عمر ويقيم في الحي ذاته، “نذهب إلى المدرسة وأنا في الصف الثاني، لكن المدرسة أغلقت أبوابها منذ أيام بسبب القصف”.
ويروي ابن عمه عبد الرحمن (11 سنة) كيف “سارعنا للنزول إلى الملجأ قبل فترة جراء استهداف المدينة بالصواريخ”. وفي أيام مماثلة، تخلو شوارع دوما تماماً من أي حركة باستثناء سيارات الإسعاف التي تطلق صفاراتها وتسرع لإنقاذ ضحايا الغارات وسحبهم من تحت الأنقاض.
واعتاد الأطفال في منطقة الغوطة الشرقية على القصف، حتى أن ألعابهم وملاهيهم ومدارسهم باتت موجودة تحت الأرض أو مصنعة من مخلفات صواريخ تقصف بها مناطقهم منذ أربع سنوات.
وتشهد الغوطة الشرقية قرب دمشق منذ ستة أشهر تصعيداً في القصف إثر هجوم بدأته قوات النظام في أيار/مايو وتمكنت خلاله من السيطرة على عشرات البلدات والقرى والمزارع، وفق “المرصد السوري لحقوق الانسان”.
وحققت قوات النظام والميليشيات الموالية لها تقدما في الأسابيع الأخيرة لتصبح على بعد كيلومترين من الجهة الشمالية لدوما و”تضيق الخناق عليها أكثر”.
وبعدما كانت قوات النظام تحاصر منطقة الغوطة الشرقية، يخشى سكان دوما مع ازدياد وتيرة الغارات والمعارك أن يجدوا أنفسهم محاصرين داخل المدينة على غرار سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال البلاد.
[sociallocker] [/sociallocker]