مصير مجهول لـ 247 معتقلًا في سجن طرطوس

2 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
6 minutes

اقتحمت قوات نظام الأسد سجن طرطوس المركزي فجر أمس، الثلاثاء الموافق 1 تشرين الثاني، لتنقطع بعدها كافة وسائل الاتصال مع السجناء، وسط تعتيم إعلامي، وليبقى مصيرهم مجهولًا كما كان حال سجناء سجن حماة منذ أشهر.

وكان معتقلو سجن طرطوس قاموا باستعصاء منذ 29 من تشرين الأول، احتجاجًا على المعاملة السيئة من إدارة السجن، والمحاكمات الصورية أمام محكمة الإرهاب والمحكمة الميدانية وذلك بناءً على ضبوط أمنية ملفقة من قبل المخابرات تم أخذها بالتعذيب والإكراه، وعدم إخلاء سبيلهم ومحاكمتهم وفقًا للقواعد القضائية.

وحصلت صدى الشام على تسجيلات صوتية للمعتقلين خلال عملية الاقتحام، أكدوا فيها أنهم سيتصدون لعناصر النظام الذين يحاولون الهجوم من كافة الجهات، كما بينت التسجيلات حدوث إطلاق رصاص من قبل عناصر النظام على المعتقلين.

إلى ذلك رصدت الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين بعض التفاصيل حول سجن طرطوس المركزي في تقرير صادر عنها يوم أمس الثلاثاء أكدت فيه أن أغلب السجناء في سجن طرطوس معتقلون منذ خمس سنوات، وبلغ عددهم 247 معتقلًا، معظمهم من الطائفة السنية، بينهم 70 معتقلًا من مدينة بانياس، إضافة الى معتقلين من دمشق وريفها وباقي

المحافظات، والذين نُقِلَ معظمهم بشكل تعسفي من سجن عدرا.

وأكد التقرير الصادر عن الهيئة المعنية بشؤون الأسرى والمعتقلين أنه يوجد في الأجنحة الأخرى سجناء الجرائم الجنائية من أبناء محافظة طرطوس من الطائفة العلوية، والذين حاول النظام زرع الفتنة الطائفية بينهم وبين المعتقلين السياسيين السنة.

وقطع نظام الأسد كافة وسائل الاتصال بهدف التعتيم الإعلامي على الاستعصاء، وقام قائد شرطة محافظة طرطوس بالتعاون مع معاون وزير الداخلية بتهدئة المعتقلين والسجناء واعدًا إياهم بالنظر بمطالبهم بإعادتهم إلى سجون محافظاتهم، وإجراء محاكمات عادلة وإخلاء سبيلهم في 31 من تشرين الأول، ما جعل المعتقلين يقبلون بالحل المقترح، لكن قوات النظام فاجأت المعتقلين والسجناء باقتحام قوات الجيش والمخابرات للسجن فجر يوم الثلاثاء، لتنقطع بعدها كافة الاتصالات مع المعتقلين، ويصبح 247 معتقلًا مهددين بمصير مجهول.

وأكد تقرير الهيئة السورية أن الاستعصاء الذي قام في السجن لم يكن صدفة، فقد أكد أهالي وأصدقاء المعتقلين أن النظام قام باستدراج المعتقلين للقيام بالتمرد ليتمكن من التضييق عليهم وتصفية المهمين منهم، وسط تخوف من أن يكون المستفيد من الاستعصاء هو السجين “سليمان هلال الأسد”، الموقوف جنائيًا في سجن طرطوس لتسوية وضعه إداريًا بالتعاون مع النظام.

وناشدت هيئة فك الأسرى والمعتقلين في تقريرها إلى جانب أهاليهم وأصدقائهم الأمم المتحدة ومفوضية حقوق الإنسان، وكافة الجهات المعنية بحقوق الانسان للعمل على  تأمين الحماية الدولية لكافة المعتقلين في سورية، والنظر جديًا بقضيتهم العادلة كرهائن لدى نظام الأسد يمارس عليهم كل أنواع إرهاب الدولة، والنظر مستعجلًا بقضية المعتقلين  في سجن طرطوس المركزي، والحفاظ على حياتهم ونقلهم إلى سجون محافظاتهم منعًا لعملية الشحن الطائفي التي يقوم بها نظام الأسد، وإطلاق سراحهم فورًا.

يذكر أن هذه ليست المرة التي تقع فيها هكذا احتجاجات، إذ قام المعتقلون سابقًا بعدة محاولات إضراب عن الطعام كنوع من الاحتجاج السلمي بغرض إعادة النظر في وضعهم أمام محكمة قضايا “الإرهاب” ومحكمة جنايات قضايا “الإرهاب”، أشهرها تلك التي حصلت في شهر أيار/مايو 2015 وفي شهر آذار/مارس 2016.  وخلال الأشهر الأخيرة ألحّ المعتقلون في مطالبتهم قيادة شرطة طرطوس بمقابلة وزيري العدل والمصالحة الوطنية لوضع حد لهذه الأحكام التعسفية والمحاكمات الصورية. وكانت قيادة السجن في كل إضراب تتعهد بالاستجابة وتطلق وعودًا تبين أنها كاذبة بمجملها الأمر الذي دفع بالمعتقلين السياسيين لبدء إضراب ثالث خلال فترة قصيرة جدًا في محاولة لتحصيل حقوقهم المشروعة.

وجاء في بيان صادر عن منظمة أورنو لحقوق الانسان تأكيدها لعملية الاستعصاء، والمعاملة السيئة التي يتعرض لها المعتقلون من قبل قوات النظام على خلفية مشاركتهم بالثورة، وجاء في التقرير إخراج 20 امرأة من السجن، وهو ما اعتبر المعتقلون السياسيون أنه لا ينبئ بخير.

يشار إلى أن سجن طرطوس المركزي يقع وسط حي سكني من أحياء المدينة، ويمتد مبنى السجن على مساحة لا تتعدى سبعة دونمات، وهو مؤلف من ثلاثة طوابق، طابق أول مكون من سجن النساء، وآخر للأحداث، وغرفة مخصصة للأمانات. بالإضافة إلى غرفة العقوبات. أما الطابق الثاني فهو مكون من ثمانية مهاجع، وكذلك الأمر في الطابق الثالث.

ويُعدّ الضِيق هو السمة البارزة لمَرَافِق السجن ما يجعله سجنًا داخل سجن. كما أن المهاجع ضيقة وممراتها كذلك، وساحة التهوية صغيرة.

ومع أن قدرة السجن الاستيعابية تبلغ 370 سجينًا، فإن عدد السجناء فيه يبلغ 700 سجين.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]