هل ستوقف روسيا تقدُّم الثوار في حلب؟

2 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
5 minutes

 

كثرت التكهنات حول حقيقة الموقف الروسي من معركة حلب الحالية، ما بين تحليلات أرجعت تقدُّم الثوار إلى اتفاق بين روسيا وتركيا، تخلت بموجبه روسيا عن حلب للمعارضة كما ذكرت صحيفة “يني شفق” التركية، وما بين تخوفات من حسم روسي بتدخل أقوى، عبر استقدام حاملة الطائرات، والتهديد بحرب لا هوادة فيها لصالح النظام في حلب، كما تحدثت بعض الصحف والتحليلات.

فيما يبدو أن الحاضنة الثورية متخوفة من توقُّف المعركة نتيجة ضغوط قد تُمارَس على الفصائل للحيلولة دون متابعة المعركة، ليس آخِرها ما صدر عن دي ميستورا من قلق حول معلومات تواردت إليه عن استهداف الثوار للمدنيين، الأمر الذي قد يشكّل جريمة حرب، موضحًا أن حصار المدنيين في القسم الشرقي لا يبرر هذا الاستهدافَ المزعوم.

في الوقت ذاته تبدو تصريحات كثير من المحللين السياسيين منفصلة عن الواقع، حينما يعزون سبب الانتصارات إلى غياب سلاح الجو الروسي، وينصحون الثوار باستثمار الهدنة، في الوقت الذي لم تغب الطائرات عن سماء حلب ولا ساعة من ليل أو نهار، ولم يكن للهدنة وجود في مناطق الاشتباك غربي حلب أبدًا، إنما غياب ملحوظ فقط عن حلب الشرقية حيث لم تبدأ معارك هجومية هناك للآن.

فيما تخوف محللون آخرون من حرب استنزاف قد تخوضها فصائل الثورة داخل المدينة، في حرب شوارع قد لا تكون لصالح الثوار، الأمر الذي يظهر أيضًا عدم معرفتهم بواقع الطوق الذي يحيط بحلب، والذي بانهياره لا يتبقى للنظام أي قوة تُذكَر داخل أحياء المدينة، التي ستكون متاهة للعناصر الهاربة الفاقدة لتوجيهات القيادة وخطوط الدفاع.

الذي أراه أن الفصائل قد استفادت من بعض الأخطاء التي وقعت فيها في المعركة السابقة، وبالتالي فهي تعد نفسها لحرب قد تطول، وقد تحسم بشكل سريع، وقد اتبعت تكتيكات جديدة وما يزال في جعبتها مفاجآت للعدو، وهي تدرك أن هذه المعركة مصيرية بامتياز للثورة ككل، وبالتالي لا يمكن التراجع عنها تحت أي ظرف، فهي ضرورة لكسر الحصار، وإخراج الميليشيات المحتلة، وضم هذه المدينة الهامة لرصيد الثورة.

كما أن روسيا قد دفعت بكل قوتها لصدّ هجوم الثوار، ولم تدخر جهدًا في زجّ طيرانها في المعركة بقوة وكثافة، بغية وقف تقدُّم الثوار، بل هي من تقود المعركة عمليًّا عبر ضباطها المتواجدين في غرف العمليات، وإن كانت تمارس للآن التضليل والتدليس، حينما تتحدث عن هدنة منذ بداية المعركة وعن تمديدها أيامًا أخرى، فيما على الأرض لم تتوقف الغارات أبدًا عن استهداف أماكن الاشتباك لمؤازرة قوى النظام.

وبالتالي فإن هذا التهديد والوعيد، والتوعد بحرب قاسية في حلب، يأتي ضمن الإحباط الذي مُنيت به عقب تراجُع قوات النظام والميليشيات المساندة له في قطاعات هامة، فيما كان يسمى (ضاحية الأسد ومنيان وغيرها)، واحتمال خسارتهم لأهم ما تبقى من قلاعهم الحصينة (الأكاديمية العسكرية) في وقت كانت تهدد فيه المدنيين المحاصرين وتتوعدهم بالسحق إن لم يخرجوا من حلب، وأنها إن كان لديها ما ستضيفه لعدوانها فهو مزيد من قصف الأحياء السكنية المكتظة في حلب المحاصرة، كي تثبت أنها قادرة على إيلام الثوار بحاضنتهم.

الواجب على الدول أن تتعاطى مع معركة حلب على أنها معركة ردّ اعتداء، وكسر حصار عن مدنيين، ضد قوى محتلة مارست كل أنواع البطش والظلم وقهر المدنيين، وارتكبت أبشع أنواع جرائم الحرب ضد المدنيين، وألا يسمحوا للتضليل الروسي أن يحول الضحية المنتفضة إلى جلاد يبطش، كما أن الواجب على الشعوب الحرة أن تدعم هذه المعركة بقوة، فهي معركة الخير والحق، ضد كل قوى الشر والإجرام والباطل.