on
أنا طائفي .. أيتها المعارضة “السمحاء”
ناصر علي – ميكروسيريا
منذ يومين أرسل أحد الأصدقاء مقالاً لأحد مواقع المعارضة السورية تم الاعتذار عن نشره، وجاء في إيضاح سبب الاعتذار أنه (دخل في الفرز الطائفي وهذا ليس من اهداف ورسالة الموقع)، وهذا ما فتح تساؤلاً كبيراً في خاطري أننا ما زلنا كمعارضة نتحدث عن ما يجري في سورية على أنه صراع مع نظام طائفي يريد زج الطوائف المذعورة في معركته، وأما هم فمساكين مُختطفين إلى القتل الذي يمارسونه دون إرادة.
قال لي أنه لم ينزعج من عدم النشر، وتمنى من كل قلبه أنهم لم يذكروا السبب لأنه أثاره إلى درجة الجنون، (دخل في الفرز الطائفي).. قال بغضب : ماذا تسمون ما يجري في سورية، وبحق 80% من شعبها، وعلى أي أرضية تم تهجير سكان الغوطة الغربية وحمص، وكل الغرقى الذي أكلتهم أسماك البحر المتوسط، والذين قتلتهم قوات خفر السواحل، وجثث الأطفال المرمية على الشواطئ، وكل الأسلحة التي تضرب المدن دون تمييز .. هل كل هذا ترحال اختياري، وهواية يمارسها (السنّة)طواعية؟!.
نعم .. ماذا يُسمى كل هذا الحشد الطائفي من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان .. إلى آخر هذه المسبحة العفنة، وماذا جاؤوا يفعلون في كل شبر من أرض سوريا، وما صلة القربى التي تجمعهم ببشار الأسد، وتحت أي مسمى يمارسون الذبح، ويحملون رايات الانتقام السوداء؟!.
هل قتل أطفال الحولة، والتريمسة، ومجزرة الكيماوي في الغوطة والمعضمية، والرستن، والبيضا، وسراقب، وجسر الشغور، وحي الفضل في جديدة عرطوز، ودير الزور، وحماة الكبرى والصغرى، وإدلب، وكل المجازر التي ارتكبها النظام وشبيحته، وميلشياته المرتزقة …كانت من باب الحوار؟.
هل اعتراف جميل حسن بخطأ قادته في أنهم لم يفعلوا منذ البداية في سورية ما فعله حافظ الأسد، وهذا ما أطال الأزمة: (هؤلاء في عصر حافظ الأسد أكلوا ضربة موجعة في الثمانينيات .. وكانت شبه قاضية، خاصة في حماة .. كنت ملازم أول فتي، كان قراراً حكيماً في حينها .. ونحن في هذه المرحلة لو حسمنا الموقف منذ البدايات لما وصلنا إلى هنا، ولكن هذا هو قرار القيادة، أنا كان رأيي مختلفا، مثال على ذلك ساحة الطلاب في الصين غيرت الصين. لو لم تحسم الدولة الصينية فوضى الطلاب لضاعت الصين وضيعها الغرب) …. هل هذا الاعتراف هو من باب تأنيب الضمير؟!.
الإيراني لا يخجل في توصيف حربة ومساندته للأسد، وكذلك حزب الله في دفاعه عن المقدسات، ولا الحشد الشعبي الذي يُهدد بالذهاب إلى سورية بعد معركة الموصل من أجل الانتقام من أتباع يزيد ومعاوية.
مثقفو النظام وسواهم من محور الأسد والممانعة يرون في كل سوري خرج ضد الأسد تكفيري وإرهابي، ويجب قتله، وحتى أولئك الذين كانوا في اليسار الشيوعي تحولوا إلى شبيحة وشيوخ مذاهب باطنية ترى في الإمامة حقاً، وفي أهل الشام قتلة يجب أخذ الثأر منهم على الأقل بتهم مثل الحاضنة الشعبية للإرهاب، وأنهم لم يحسنوا تربية أبنائهم وفق حكمة الولي الأسد الصغير.
في المقابل…الخطاب السياسي المعارض ما زال يوصّف الأمر على أنه خلاف من أجل تغيير سياسي على عدد الأصوات، أو اعتراض على تزوير انتخابات بلدية، وأننا نحن (الأمة) الكبيرة التي لها قلب أب يُسامح كل الأولاد العصاة.
الخطاب المعارض الذي كان يُطالب بالتغيير الديمقراطي، ولا بقاء للأسد ومخابراته وكل من ارتكب جرائم بحق السوريين .. هذا الخطاب انحدر إلى مجرد القبول بدخول مساعدات إنسانية او عقد اجتماعات للرد على ديمستورا، وأخيراً الطلب من ميشيل عون سحب حزب الله من سوريا…أليس هذا انفصال عن الواقع .. عدا أنه ترهات وسخافة؟.
من حق كل العالم، والقتلة والمجرمون أن يتهموننا بالإرهاب واحتضانه، وأننا أمة قاتلة يجب الثأر منها، وأننا نُربي أبناءنا على القتل .. وليس من حقنا أن نتهم طائفياً بطائفيته فقط من قبيل رد التهمة لصاحبها، وأن المطلوب منا جميعاً أن نرتقي بلغتنا إلى حد اتهام أنفسنا .. فقط كي لا يقال إننا طائفيون نستحق التهجير في كل بقاع الأرض، من أجل رواية تاريخية مُختلف عليها.
أيتها المعارضة “السمحاء” .. لست خجولاً بطائفتي .. فقط وسط كل هذا الجنون الطائفي لا تأخذوا دور الحكيم الميت.