on
المال الانتخابي… صانع الرؤساء والسياسات في أميركا
سجلت مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، رقماً قياسياً جديداً في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية بتجاوز قيمة التبرعات التي جمعتها حملتها المليار دولار. وقد صرف بعضها على ماكينة انتخابية كبيرة منتشرة في كل الولايات ولديها مكاتب في كافة المدن الأميركية الكبرى، والبعض الآخر على الرسائل الدعائية الإعلامية لكلينتون.
وجمعت حملة كلينتون، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، تبرعات بقيمة 101 مليون دولار أميركي، ما وفر نحو 70 مليون دولار نقداً في ميزانية الحملة، من المتوقع صرفها في الأيام القليلة المتبقية قبل يوم الاقتراع في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وحسب البيانات المالية للحملة، صرف هذا الشهر نحو 30 مليون دولار على وسائل الإعلام، و3 ملايين دولار على إعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي، و1.7 مليون دولار كرواتب لـ814 شخصاً من العاملين في الحملة، و3.8 ملايين دولار كمصاريف سفر، و3.4 ملايين دولار، كلفة تنظيم مهرجانات انتخابية.
في المقابل، لم يتجاوز ما صرفته الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري، دونالد ترامب، المائة مليون دولار. ومصدرها التبرعات والأموال الخاصة لرجل الأعمال النيويوركي. وتواجه حملة ترامب أزمة مالية وضآلة المبالغ النقدية المتوفرة في تصرفها. وقد وجهت انتقادات للمرشح الجمهوري الثري لعدم تخصيص مبالغ من أمواله الخاصة لحملته الانتخابية التي تعاني من فقدان السيولة النقدية. وكشفت مصادر في الحملة أن ما دفعه ترامب للحملة من أمواله الخاصة هذا الشهر بلغ نحو 35 ألف دولار فقط.
وتواجه الحملة خلافات مع اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري التي تقوم أيضاً بجمع التبرعات للحملة الانتخابية للحزب. وقد قررت اللجنة يوم الخميس الماضي وقف دفع الأموال للحملة الرئاسية وتخصيص التبرعات التي تجمعها لحملات المرشحين الجمهوريين لانتخابات مجلسي النواب والشيوخ، في ظل المخاوف من خسارة الحزب، في الانتخابات المقبلة، الغالبية التي يحظى بها في الكونغرس حالياً. وهو ما يعني أن المؤسسة الحزبية الجمهورية حسمت أمرها في الابتعاد عن ترامب، وكذلك فعل أصدقاء الحزب الجمهوري من كبار المتمولين. ويعتمد ترامب منذ البداية على ميزانية متقشفة جداً. ولم يصرف سوى ملايين قليلة من الدولارات مقابل مئات الملايين التي صرفها المرشحون الجمهوريون المنافسون خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. ويتباهى ترامب أنه بميزانية انتخابية محدودة تمكن من الفوز على 16 مرشحاً جمهورياً.
على غرار حملة المرشح الديمقراطي السابق، السيناتور بيرني ساندرز، تعتمد حملة ترامب بشكل أساسي على التبرعات الفردية من أنصاره ومؤيديه من خلال حملات عبر صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.
وبعد فضائح التحرش الجنسي وشبه الانهيار الذي أصاب حملته الانتخابية خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدا ترامب أكثر تردداً في الصرف من ماله الخاص على حملة انتخابية يرجح أن الهزيمة تنتظرها. لكن إعلان مدير مكتب التحقيقات الفدرالية، “أف بي آي”، جيمس كومي، عن العودة إلى التحقيق في قضية الرسائل الإلكترونية لكلينتون، أعاد بعض الأمل للحملة الجمهورية. وفي هذا السياق، أعلن ترامب عن صرف 10 ملايين دولار إضافية خلال الأيام المقبلة، لسد العجز المالي الذي تواجهه الحملة. وأعلن المرشح الجمهوري أنه تبرع لحملته الانتخابية بمائة مليون دولار منذ إطلاقها في يونيو/حزيران 2015. لكن وسائل الإعلام الأميركية تشكك بهذا الرقم وتقول إن ما قدمه للحملة حتى الآن، لم يتجاوز الستين مليون دولار.
ويسجل لظاهرة ترامب السياسية أنها أعادت بعض الاعتبار للزعامة الشعبية والترشح لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة بمعزل عن لوبيات الضغط وممولي الحملات الانتخابية الذين تحولوا إلى رقم صعب في الحياة السياسية الأميركية، لا سيما في جانبها الانتخابي.
وباتت مجموعات الضغط المالي هي الناخب الأول الذي يحدد هوية الرئيس الأميركي وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. بهذا المنحى، يرى أنصار ترامب أن حربهم على المؤسسة الحزبية الجمهورية التقليدية وعلى “الاستبلشمنت” في واشنطن، هي بالتحديد مع المتمولين ومجموعات الضغط ولوبيات المال التي حولت السياسيين الأميركيين إلى دمى في خدمة مصالحها.
وتحاول حملة المرشح الرئاسي الجمهوري تصوير مرشحة الحزب الديمقراطي على أنها أفضل مثال لسياسيي “الاستبلشمنت” في واشنطن، في ظل العلاقة الوطيدة التي تربط آل كلينتون بمجموعات المصالح في المصارف والأسواق المالية الأميركية. وبالإضافة إلى المآخذ المتعلقة باستخدام كلينتون بريدها الإلكتروني الخاص في نقل رسائل رسمية في غاية السرية خلال توليها وزارة الخارجية الأميركية، تسلط حملة ترامب الضوء أكثر على التبرعات التي دفعت إلى مؤسسة كلينتون الخيرية خلال تولي كلينتون وزارة الخارجية، لمحاولة إضعافها انتخابياً.
صدى الشام