النظام يقضم في الغوطة الشرقية و(جيش الإسلام) يتوّعد


مهند شحادة

أكد حمزة بيرقدار، المتحدث الرسمي باسم هيئة أركان “جيش الإسلام” ضرورة عدم توظيف خسارة فصائله عددًا من المواقع؛ من أجل إشاعة اليأس في صفوف المقاتلين، والحاضنة الشعبية داخل الغوطة الشرقية، وشدد على أن المقبل من الأيام سيحمل ما وصفه بـ “البشائر والتطمينات” للسوريين، ورفض الاستطراد في التوضيح أكثر، واكتفى بالقول “المسألة مسألة وقت فحسب”.
ويأتي كلام بيرقدار بعد أيام قليلة من سيطرة قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها على منطقتي تل كردي وتل الصوان في الغوطة الشرقية، في إثر معارك عنيفة مع المدافعين عن تلك المناطق استمرت لنحو شهرين متواصلين، ويأتي سقوط هذه المواقع بعد أسابيع قليلة على سقوط مواقع أخرى في شمال شرق الغوطة تحديدًا جبهة الريحان وكتيبة الإشارة القريبة منها، الأمر الذي دفع بناشطي المنطقة لإطلاق ناقوس الخطر معتبرين أن بلداتهم تسقط الواحدة تلو الأخرى في ظل انقسام حاد بين “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن”، مؤكدين أنه في حال استمرار هذا الانقسام فلن يختلف مصير الغوطة الشرقية عن غيرها من المناطق في محيط العاصمة دمشق، لا فتين إلى أن عدم مؤازرة الفيلق لمقاتلي جيش الإسلام على الجبهات المشتعلة، إلى جانب صمت جبهات العاصمة والتي يسيطر عليها الأول لعب دورًا جوهريًا في التراجع الذي تشهده مدن وبلدات الغوطة.
وقال بيرقدار لـ (جيرون): “لقد سقطت بلدتي تل كردي وتل الصوان بعد أكثر من 50 يومًا على المعارك المتواصلة، صمد فيها مقاتلو جيش الإسلام صمودًا أسطوريًا أمام الترسانة العسكرية لقوات الأسد والميليشيات الداعمة لها، وقدموا أعدادًا كبيرة من الشهداء والجرحى، وأثخنوا في القوات المهاجمة على صعيد العناصر والعتاد، حيث قُتل للقوات المهاجمة ما لا يقل عن 200 عنصر، والتراجع جاء بعد أن اعتمد المهاجمون سياسة الأرض المحروقة وذلك باستهداف المنطقتين بوابل من الصواريخ (الأرض أرض – الفيل) والمدفعية الثقيلة، إلى جانب إسناد سلاح الجو الروسي والقصف بصواريخ تحمل مادة النابالم الحارق؛ ما أسفر عن احتراق عدد من المعامل والمنشآت الصناعية”.
صمت الجبهات أدى لسقوط المناطق
انعكاسات الانقسام المتواصل داخل الغوطة الشرقية، لم تعد خافيةً على أحد، بل إن معظم الناشطين والهيئات المدنية في المنطقة عدت استمرار الخلاف وعدم الذهاب باتجاه توحيد الجهد العسكري هو ما أوصل الغوطة إلى ما هي عليه اليوم، وسيكون أسوأ، إن لم يصغِ الجميع لنداء الوحدة، وهنا قال بيرقدار: ” مقاتلينا صمدوا على جبهات تل كردي وتل صوان لأكثر من خمسين يومًا، والمنطقة كانت تشهد يوميًا أكثر من أربع محاولات اقتحام من مختلف المحاور، ما يعني أن المدافعين تصدوا لأكثر من 200 محاولة اقتحام على مدار تلك الفترة، وكل ذلك كان يحدث في ظل السبات العميق الذي تشهده الجبهات الأخرى من الغوطة الشرقية، ما سمح لقوات النظام ومن يساندها الاستفراد بالجبهات الشرقية والشمالية الشرقية والشمالية من الغوطة الشرقية”، مضيفًا “نحن سعينا ولا زلنا وسنبقى للدفاع عن أهلنا وأعراضنا ضد هذه الهجمة الشرسة التي تشنها ميليشيات الأسد على جبهات الغوطة الشرقية وكل الأراضي السورية أمام صمتٍ مطبق من المجتمع الدولي، وفي ظل تخاذل القريب قبل البعيد عن نصرة إخوانه المجاهدين الذين لم تتوقف معاركم في الغوطة الشرقية منذ سبعة أشهر على التوالي، في حين تغرق الجبهات الأخرى في ركود تام طوال تلك الفترة، في الوقت الذي كان فيه مقاتلونا لا يألون جهدًا لإفشال مخططات الأسد وميليشياته من تقسيم وتهجير وغير ذلك”.
الغوطة ستصمد ولن نخرج من أرضنا
ذهبت بعض التحليلات إلى افتراض أن ما يشهده الريف الدمشقي هو فصل صغير ضمن اتفاقٍ سياسي بين بعض الأطراف الإقليمية، بالتفاهم مع القوى الكبرى، يقضي بإفراغ محيط العاصمة تمامًا من معاقل الثوار، تماشيًا مع مخططات التسوية المُزمعة، وبالتالي -وفق تلك التحليلات- فإن ما يجري في الغوطة لا يتعدى جزءًا من السيناريو المعد داخل مطابخ السياسة الدولية، مع هوامش للمناورة تبقى ضيقة للعامل المحلي لتغيير مجرياته أو مقاومته على الأقل، وفي هذا الجانب أكد بيرقدار أن مشاريع النظام وحلفائه بالنسبة للعاصمة دمشق ومحيطها واضحة ولم تعد بحاجة لشرح أو توضيح، وقال “تقسيم المناطق وتهجيرها هو مشروع قوات الأسد وميليشياته ومن يدعمهم دوليًا وإقليميًا، إذ يحاول هذا المحور من خلال سياسة التجويع والحصار إلى جانب حرق المناطق بكافة أنواع الأسلحة لفرض شروط الاستسلام على معاقل الثورة في ريف دمشق أو تهجيرها، وهذه السياسة مورست وتمارس على الغوطة الشرقية منذ أكثر من أربع سنوات دون أن يثني ذلك من عزيمة المجاهدين، فضلاً عن أهالي الغوطة الرافضين لتلك المشاريع والمصرين على الثبات في أرضهم، بل إن تلك السياسات لطالما نتجت عنها انفجارات كبيرة، ولعل من أهمها معركة (لله غالب) التي أرقّت وأرعبت نظام الأسد وحلفاءه، تلك المعركة لولا التدخل الروسي لكان المجاهدون اليوم في قلب العاصمة دمشق، وذلك وفق اعترافات الكرملين حيث أكد أكثر من مسؤولٍ فيه أن أحد أهم إنجازات التدخل الروسي هي منع المسلحين من الوصول للعاصمة دمشق”.




المصدر