on
ما قدموه للاقتصاد يفوق أي مساعدات.. والأرقام تثبت ذلك.. السوريون يضخّون أكثر من 8 مليار دولار سنوياً في السوق التركية
في النصف الثاني من عام 2011، عقب اندلاع الثورة في سوريا، وضعت أول دفعة من السوريين قدمها في الأراضي التركية، بحثاً عن بقعة أرض تحقق لهم شيئاً من الأمان.
ورغم أن اللاجئين يشكلون أعباءاً اقتصادياً على أي دولة تشرع في استضافتهم، غير أن السوريين وبعد خمسة سنوات من العيش في أراضي الجارة الشمالية كسروا هذه القاعدة.
تكشف “صدى الشام” في هذا التحقيق بالأرقام والأدلة ما دفعته تركيا لإغاثة اللاجئين السوريين، وبالمقابل تكشف ما قدّمه اللاجئين من فوائد لا متناهية للاقتصاد التركي.
وصل إلى تركيا نحو 2.75 مليون لاجئ سوري منذ بداية الثورة السورية في 15/3/2011، وتشير الأرقام الصادرة عن المؤسسات الرسمية التركية أن 250 ألف لاجئ سوري يعيشون على الإعانات التي تقدّمها تركيا والأمم المتحدة، فيما يعيش 2.5 مليون لاجئ في الداخل التركي دون أي مساعدة مادية، أكثر من 100 ألف منهم يحملون إقاماتٍ سياحية، أي أن 2.5 مليون سوري في تركيا يعيشون داخل البلاد على نفقتهم الشخصية، حالهم كحال السائح الأوروبي أو المقيم الأمريكي.
وثّق تحقيق موقع “صدى الشام” قيام السوريين بضخ أموالٍ كبيرةٍ للاقتصاد التركي في أربعة نواحي، تبدأ من الانفاق الشخصي لـ 2.5 مليون سوري يعيش في تركيا، إضافة لليد العاملة الرخيصة التي ساهمت برفع الطاقة الانتاجية التركية، والحوالات المالية التي تدخل إلى المنظمات ووسائل الاعلام السورية في الداخل التركي، والاستثمارات والشركات التي أسسها السوريون في هذا البلد.
المحلّل الاقتصادي التركي في شركة “آي إس إنفستمنت” معمر قموروش، أكد لوكالة رويترز قبل فترة أن الانفاق الكبير للسوريين شكّل أحد جوانب الارتفاع المفاجئ في نمو الاقتصاد التركي ولا سيما في الربع الثالت من عام 2015
يشاطره الرأي نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك الذي وصف تحقيق نمو بواقع 4% خلال الربع الثالث من هذا العام بأنها “مفاجأة إيجابية”.
انفاقات أساسية
تجري “صدى الشام” حسبة اقتصادية متوسطة لإنفاق 2.5 مليون لاجئ سوري في الداخل التركي،
ولتكون عينة البحث في الحسبة دقيقة، يُفترض تقنين هؤلاء ضمن عائلات للوصول إلى حسبة انفاق أقرب إلى الدقة، فإذا افترضنا أن كل أسرة تحوي 5 أشخاص فإن عدد العائلات السورية في تركيا بلغ نصف مليون أسرة.
تتشاطر حسبة “صدى الشام” مع الرأي الذي ذهب إليه “رئيس تجمّع المحاميين الأحرار” غزوان قرنفل، الذي اعتبر في حديثٍ لـ “صدى الشام” أن السوريين يدرّون للاقتصاد التركي ما يُقارب 10 مليار دولار سنوياً من خلال الانفاق والعمالة والمنظمات غير الربحية والجهات الإغاثية الممولة على الأراضي التركية.
وتتمثّل أبرز احتياجات الأسر السورية في تركيا والتي يتم إنفاقها بشكل مستمر بعدة جوانب يأتي على رأسها الاحتياجات المعاشية كالمسكن والطعام والشراب والاتصالات والمواصلات والصحة والتعليم وغيرها.
احتياجات أساسية
نوع الانفاق | قيمة الانفاق | مجموع الانفاق |
السكن | متوسط الآجار 700 ليرة تركية | 350 مليون |
الطعام والشراب | متوسط الانفاق 1000 ليرة | 500 مليون |
كهرباء | متوسط الفاتورة 100 ليرة | 50 مليون |
المياه | متوسط الفاتورة 50 ليرة | 25 مليون |
الانترنت “وايرلس” | متوسط قيمته 60 ليرة تركية | 30 مليون |
الاتصالات | متوسط الفرد 25 ليرة شهرياً | 12.5 مليون |
المواصلات | متوسط شهري للفرد 50 ليرة | 30 مليون |
المجموع | متوسط إنفاق شهري 1985 | 997.5 مليون ليرة تركية |
ومن ناحية أخرى فإن الانفاق على الوثائق الخاصة بالإقامة السياحية إذا فرضنا أن 100 ألف سوري فقط لديهم هذه الإقامات تكون:
مصاريف الإقامة السياحية
نوع الوثيقة | الانفاق الفردي | الانفاق الكلي |
التأمين الصحي | 600 ليرة متوسط | 60 مليون |
ضرائب الإقامة | 415 ليرة | 41.5 مليون |
تصديق العقد من “النوتر” | 75 ليرة | 7.5 مليون |
حجز الموعد | 30 ليرة تركية | 3 مليون |
المجموع | 1120 ليرة تركية | 112 مليون ليرة |
150 مليون دولار من المنظمات
بحسب “أرشيف المطبوعات السورية” تأسس بعد الحرب في سوريا 296 صحيفة مطبوعة تنشط منها حالياً 43 صحيفة فقط، الغالبية الساحقة منها تصدر في تركيا، بينما القلة القليلة تصدر في الداخل السوري، وفي كلا الحالتي تحصل جميع هذه الصحف على تمويلها من جهات أوروبية أو أمريكية، عبرالتحويلات الواردة إلى تركيا، يُضاف إليها عشرات الإذاعات والمواقع وجهات دعم المجتمع المدني، يضاف إلى هذه المؤسسات عددٌ لا متناهٍ من المنظمات الإغاثية التي تقدم المعونات والأغذية ومسلتزمات الصحة والتدريس إلى الداخل السوري، حيث يُقدّر المحامي غزوان قرنفل رئيس “تجمّع المحاميين الأحرار” الدخل الذي تدرّه هذه الجهات على تركيا من خلال الأموال الواردة بالقطع الأجنبي بأكثر من 150 مليون دولار “حوالي 430 مليون ليرة تركية” بشكلٍ سنوي، يٌنفق معظمها في تركيا.
وأضاف قرنفل: “هذه الأموال جميعها تدخل البنوك التركية، ويتم إنفاقها في الداخل التركي على الرواتب وشراء المعدات والتراخيص والضرائب والشركات.
الاستثمارات 220 مليون دولار
على أن موجة اللاجئين التي زحفت نحو تركيا، لم تشمل مواطنين بسطاء وحسب، بل شملت كبار التجار ورجال الاعمال الذين يملكون الخبرات الكبيرة، ناهيك عن المثقفين والعلماء وأصحاب الكفاءات، وصدر عن الجهات الرسمية التركية إحصائية شاملة عن الشركات توزعت على الشكل التالي:
عدد الشركات | الفترة الزمنية |
عام 2010 | 30 شركة |
عام 2011 | 81 شركة |
عام 2012 | 165 شركة |
عام 2013 | 489 شركة |
عام 2014 | 1257 شركة |
عام 2015 | 1599 شركة |
النصف الأول لعام 2016 | 227 شركة |
إجمالي عدد الشركات | 1848 شركة |
القيمة المادية لها | 220 مليون دولار |
إفادات اقتصادية من العمال السوريين
400 ألف عامل سوري غير نظامي، يعملون في السوق التركية، هذا ما كشفته إحصائية نشرها موقع ترك برس أوائل عام 2016.
حيث يشترط قانون العمل التركي أن يحصل الأجنبي المقيم في الأراضي التركية على “إقامة عمل” تتولّى المؤسسة التي يعمل بها مهمّة المضي في الإجراءات القانونية لتحصيل إقامة عمل، إضافة إلى كونها مكلفة للشركات التي تستقدم الموظفين والعمال الأجانب، إذ أنها تتطلب دفع مبلغ 500 ليرة تركية شهرياً.
غير أن العمال السوريين الموجودين في تركيا قدّموا فرصة ذهبية لا تُعوّض لأرباب العمل الأتراك، على ما يشرح الباحث والخبير الاقتصادي عيسى الآغا.
وقال الآغا لـ “صدى الشام”: “صحيح أن هؤلاء العمال لا يدفعون أموالاً بشكلٍ مباشر إلى تركيا، لكنّهم قدموا فائدة اقتصادية كبيرة من خلال دعم النمو الصناعي التركي المُتصاعد، والذي ينافس البضائع الأوروبية بجودته ورخص أسعاره، مقارنةً مع الأسعار في السوق الأوروبية.
8 مليار دولار مساهمات السوريين في تركيا
12 مليار ليرة تركية سنوياً كلفة احتياجات الأسر الأساسية سنوياً، و112 مليون ليرة تكلفة الإقامات السياحية، و430 مليون ليرة تركية دخل المنظمات سنوياً، و640 مليون ليرة تركية ميزانية الشركات، وبالتالي فإن الرقم التقريبي الذي يدرّه السوريون سنوياً على الاقتصاد التركي بلغ حوالي 24 مليار ليرة تركية.
يُضاف إليها مصاريف أخرى للسوريين الميسورين، كارتياد المشافي الخاصة والمدارس المأجورة والمطاعم والمولات وشراء الألبسة والمعدات التقنية كالهواتف والكومبيوترات، واستخدام الطيران المدني في التنقل والسياحة الداخلية، وشراء السيارات وضرائبها، حيث أن شريحة المستثمرين ورجال الأعمال السوريين الموجودين في تركيا جميعهم لديهم سيارات تركية ويقومون بشرائها والانفاق عليها ودفع ضرائبها، لتكون 1 مليار ليرة سنوياً على أقل تقدير، ليكون الرقم النهائي حوالي 25 مليار ليرة سنوياً “حوالي 8 مليار دولار” يضخّها السوريون في السوق التركية علماً أنها لا تشمل مساهمة اليد العاملة السورية في تركيا بسبب صعوبة حصر بياناتها بأرقام نقدية، علماً أن جميع الأرقام استخلصتها “صدى الشام” من حسبة اقتصادية معمّقة، فالأرقام الحقيقية قد تزيد أو تنقص فيما لو تم الإفصاح عن البيانات الرسمية.
لسنا عالة!
ويبلغ هذا الرقم أضعاف ما تدفعه تركيا لـ “250 ألف لاجئ في المخيمات التركية”، على ما يؤكد المحامي غزوان قرنفل، الذي توقّع أن يكون المبلغ 10 مليار دولار سنوياً.
قرنفل أضاف في حديثٍ لـ “صدى الشام”: “أن هذا المبلغ يُضخ في السوق التركية ويُستهلك بشكلٍ مباشر ومتجدّد، إضافة إلى ما يخلقه للأتراك من حركة اقتصادية وفرص عمل للكثير من القطاعات والمؤسسات التركية التي تعمل معها المؤسسات السورية.
وتابع قرنفل: “لا مبرر للأتراك بأن يعترضوا على وجود السوريين في تركيا أو تجنيس بعضهم، وخصوصاً أن السوريين لا يعيشون على نفقة الحكومة التركية، ولا يحصلون على أي إغاثات، بل يضيفون الكثير للاقتصاد التركي”، معتبراً أنه يحاول إيصال رسالة للأتراك بأن السوريين لا يشكّلوا أي أعباء على الدولة التي تستضيفهم.
يُشار إلى أن تركيا حصلت على 3 مليار دولار من دول الاتحاد الأوروبي، وطالبت بمضاعفة المبلغ، على خلفية اتفاق “وقف تدفّق اللاجئين السوريين إلى أوروبا” مقابل استضافة تركيا للسوريين على أراضيها وتأمين حياة كريمة لهم، ولم يظهر حتى الآن أي بوادر حول تحسين وضعهم في الجارة الشمالية المُستضيفة.
صدى الشام