اعتقال ودفع غرامة مالية ومصادرات إعلامية بسبب حفل للأطفال


جيرون

بعد عامين من انطلاق الثورة في سورية، قام ثلة من الشُباب السوري بإطلاق فكرة لإنشاء فريق دعم إنساني تطوعي، فانبثقت فكرة “فريق ملهم التطوعي”، وكانت تسمية الفريق مأخوذة من اسم الشاب (مُلهم) من مدينة جبلة في ريف اللاذقية، الذي عُرف بطيبتهِ وشهامتهِ واندفاعهِ للمشاركة في نشاط الثورةِ، قُتل في أثناء الاشتباكات التي جرت بين الفصائل العسكرية المعارضة وقوات النظام في مدينة سلمى، في ريف اللاذقية، منذ ثلاثة أعوام.

استشعر “فريق مُلهم التطوعي” آلام ومعاناة النازحين في سورية، ودول الجوار، تركيا والأردن ولبنان، وسعى الى مد يد العون لهم بأبسط ما يملكون، وأصبح للفريق سمعةٌ جيدة، ونمت سواعد الفريق التي حملت على عاتقها تخفيف المعاناة أينما كانت، بكل عزيمة واقتدار، لتصل -اليوم- إلى سبعين متطوعًا ومتطوعة منتشرين في مختلف أرجاء العالم.

(جنة يا وطنا) توقف الحفل وتسرق فرحة الأطفال

أقام (فريق مُلهم التطوعي)، حفلة في أحد مراكز رعاية الأيتام، في ريفِ محافظة إدلب، ليُدخلوا الفرحة إلى قلوب الأطفال، وغنّوا أناشيد ثورية متنوعة، منها أنشودة (جنة يا وطنا) التي أزعجت أحد قاطني المُخيمات المُجاورة لمركز الحفل، ما دفعه إلى تقديم شكوى إلى “جبهة فتحِ الشام”؛ لوقفِ الحفل، بحجة أن الحفل يوجد فيه اختلاط للجنسين من ذكور وإناث، وهذا العمل “يؤدي للفاحشة”، علمًا أن هذا الحفل يضم أطفالًا من الجنسين، من 3 سنوات حتى 13 سنة، أي: دون سنِ البلوغ.
استجابت “جبهة فتحِ الشام” لشكوى الرجل القاطن في الجوار، واعتُقل الفريق مباشرًة؛ بسبب “الأناشيد الثورية” و”اختلاط الجنسين”، ونُقلوا إلى معتقلات في مدينة سلقين في ريف إدلب الشمالي، مع مصادرة ما يملكونه من معدات إعلامية، وكفالات أيتام، والتي تُقدر بـ 3 آلاف دولار، كانت ستُوزّع على نحو 60 طفلًا في ريف إدلب.

نشر عاطف نعنوع، مدير “فريق مُلهم التطوعي”، على حسابه الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، منشورًا قال فيه: “لقد صدر الحكم أخيرًا من محكمة (فتح الشام) في سلقين، على أعضاء (فريق مُلهم التطوعي)، بعد أن اعتُقلوا بالجرم المشهود يوم الأربعاء الماضي، وهم يدخلون الفرحة إلى قلوب الأطفال في أحد المخيمات في الشمال السوري، على أنغام موسيقا (جنة جنة جنة)”.

واعتذر من كافلي الأيتام في ريف اللاذقية، وقال إنه “لن تُوزَّع مبالغكم على الأيتام هذا الشهر؛ لأن المحكمة أخلت سبيل متطوعينا مقابل 3000 دولار (تعزير) دفعناها مضطرين من المبلغ المخصص للأيتام عن شهر 11”.
وفي سياٍق آخر، قال نعنوع: “كتير تعليقات عم تهاجم الفريق انو ليش ما عوض المبلغ من مصاريفوا الإدارية ورواتب الأعضاء، ما بعرف كيف تم التركيز على هالجزئية مع أنو الموضوع فيه اعتقال وفيه حكم غير شرعي أبدًا”.

وتابع: “مجموع الرواتب في فريق ملهم التطوعي 3900 دولار يتقاضاها متطوعون متفرغون تمامًا للعمل في الفريق من أصل 100 متطوع Kلا يمكن -أبدًا- اقتطاع هذا المبلغ من الرواتب، بعدين بيصفوا المتطوعين بلا بيوت صدقًا”، وأضاف: “أما بالنسبة للي عم يتهمونا بالبروبغاندا الإعلامية، فنحن وقت تم اعتقال الشباب ما نشرنا، ووقت ناموا الشباب بالمعتقل 24 ساعة كمان ما نشرنا، وكنا عم نقول أنو بكرا ممكن تنحل ويحسوا على حالن أنو الموضوع بسيط، وما بدو هالقد، وبلا ما نكبر الموضوع، وبصراحة خفت أنو ننشر فورًا، ونكون عم نستغل الموضوع لمصلحتنا، مشان نبين بريئين، ونكسب تعاطف العالم، وخاصة انو اللي عم يحاكم أعضاء الفريق هم جماعة إسلامية”.

(فتح الشام) يُصدر حُكمًا

أخلت فتحِ الشام سبيل أعضاء “فريق مُلهم التطوعي” من معتقلاتها، في مدينة سلقين شمال غرب مدينة إدلب، الثلاثاء 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، مقابل دفع غرامة مالية قدرها 3 آلاف دولار، والتي كانت بحوزة الفريق؛ ليتم توزيعها على أيتام ريف إدلب، مع مصادرة معداتهم الإعلامية من كاميرا احترافية وطائرة تصوير.

أصدرت فتح الشام قرار حكمها مُبررة فيه اعتقال أعضاء “فريق مُلهم”، ومهاجمتهم واتهامهم بالاختلاط وتصوير خلفيات النساء في أثناء الحفل، واتهام “مخيم الدرية”، الواقع في ريف إدلب، بالرقص مع الرجال، إضافة إلى اتهام الفريق بتصوير المنطقة على أنها منطقة عسكرية، ونقاط لرباط قوات الفصائل العسكرية المعارضة.

وفق بنود البيان الصادر عن فتح الشام في محكمة مدينة سلقين، وإقرار الحكم بحق أعضاء “فريق مُلهم التطوعي”، صدر الحكم بحق كٍل من:

– (فراس حاج عمر) حُكم بالسجن لمدة ثلاث أشهر، وإلزامهُ بدفع غرامة مالية وقدرها ألفي دولار أميركي تعزيزًا، كونهُ مسؤولًا عن الفريق من ماله الشخصي.

– (عبد الجبار خليل) حُكم بالسجن لمدة شهر واحد، وإلزامه بدفع غرامة مالية وقدرها ألف دولار أميركي تعزيزًا، كونه مدير المخيم الذي حدثت فيه هذه المخالفة من ماله الشخصي.

– (محمد أحمد) حُكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر، تعزيزًا؛ كونه هو الذي أحضر طائرة الاستطلاع من خطوط الرباط، وقام باستخدامها في الاحتفال بالتصوير.

– (محمود الشيخ) حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر؛ كونه ساهم بالتصوير بالكاميرا، وارتكاب المخالفات الشرعية بتصوير النساء والرقص.

– (محمد دندش) حُكم عليه بالسجن لمدة شهر واحد؛ كونه قام بالتصوير بالكاميرا، واعترض وتلاسن مع أبي أيوب الشرعي، وتعمد تصوير خلفيات النساء، وذلك من خلال الصور الموجودة في الكاميرا التي كان يستخدمها.

– الاكتفاء بمدة توقيف كل من (محمد الحسن) و(يحيى دندش) و(عمار الأسود) وإخلاء سبيلهم.

– مصادرة طائرة الاستطلاع المستخدمة في التصوير بالاحتفال، والتي قامت بتصوير النساء والرجال والاختلاط والرقص على أنغام الموسيقى، وتعمد المصور تصوير خلفيات النساء بها، وكونه استخدمها في غير موضعها، وهي مُخصصة للعمل العسكري في خطوط الرباط.

– مصادرة الكاميرا التي استخدمت في تصوير الاحتفال أيضًا، والتي عثر فيها على مقاطع اختلاط الرجال مع النساء، وهم يرقصون على أنغام الموسيقى.

– بسبب ظروف الحرب، وبناء على طلب المدعي عليهم، تقرر تنفيذ أحكام السجن بحق جميع المدعى عليهم، وإلزامهم بدفع الغرامات المالية المترتبة عليهم فقط لا غير.

وتزامنًا مع صدور بيان (فتح الشام)، نفى نعنوع كل اتهاماتهم لـ “فريق مُلهم التطوعي” في ريف إدلب، مُتحدثًا على صفحتهِ الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي: “في الحقيقة البيان فيه مهاجمة فريق ملهم التطوعي، واتهامه بأنه ينشر الفاحشة في مخيمات النزوح مع أن الفريق بعمرو ما نشر صور نسوان أو عمل كرنفال للكبار، طبيعي هدا الكلام، لأنو بالنهاية هنن بدن يبرروا اعتقال متطوعي الفريق، وما غريب عليهم طبعٍا”.




المصدر