الجولان في يد نظام الأسد: استغلال ومزاودات


صبحي فرنجية

ختام ندوة الجولان (5)

استكمل مركز (حرمون) للدراسات المعاصرة ندوته التي خصصها لبحث قضية الجولان المحتل وموقعه في مستقبل سورية، والتي انتهت أمس الخميس في مدينة اسطنبول التركية، وبحث في جلساته استعمالات نظام الأسد لقضية الجولان وخطاب “الممانعة”، وقضية الجولان في القانون الدولي.

ختام ندوة الجولان (11)

الأسد والجولان

وفي ورقة بحثية، قال ميشيل كيلو إن السلطوية الأسدية “مثّلت الوضع الذي أنهى المشروع الوحدوي/ الاشتراكي، ووعد الحرية الذي حمله للسوريين والعرب، وأخرج سورية من المعركة ضد الاحتلال، وأدخلها -في المقابل- في معارك حربية ودامية ضد العرب عامة وشعبها خاصة”.

واستشهد كيلو بكلمة إلياس مرقص الذي قال بعد تسليم الجولان بأعوام: “سلم الأسد مفتاح آسيا الاستراتيجي لإسرائيل، فسلمته السلطة في سورية على أن يحكمها كبلاد محتلة، وقد فعل”.

وتابع بأن السلطوية الأسدية قلبت “دعوة الوحدة العربية إلى أداة؛ لابتزاز الدول العربية الأخرى، وللضغط عليها، ولخوض معارك كلامية معها، سممت العلاقات العربية – العربية، وحولتها إلى مكان للمشاحنات والتناقضات؛ حتى أنه لم يبق نظام عربي واحد غير متهم بالخيانة، وخاصة نظام البعث العراقي، والذي صار العدو الأول للبعث الأسدي الذي لم يتوقف يومًا عن التآمر عليه، وتحالف مع إيران، وساعدها بكل ما لديه من سلاح ومال خلال حربها معه”.

بدوره، قال ياسين حاج صالح: إن “نخبة ضعيفة الشرعية، كالنخبة البعثية والأسدية، ستجد من انتحال قضية الجولان والقضية الفلسطينية ما يدر عليها شرعية محدودة الكلفة”، موضحًا أن “نوعية الشرعية التي يطلبها النظام الأسدي، ستحول دون ترسيخ التمييز السائد في الخمسينيات (حيث كان العداء لإسرائيل -في ذلك الوقت- يطل على وجهين: الأول مطل على قضايا الهوية والدين، ووجه مطل على مقاومة الاستعمار والعنصرية)، بل على العكس، منذ ثمانينيات القرن العشرين ضاع التمييز بين الوجهين على نحو يوازي تنامي العناصر الهوياتية الموروثة في تكوين النظام الأسدي، على حساب العناصر الاجتماعية والسياسية المتصلة بمفاهيم الشعب والمواطنة والدولة الوطنية”.

وأضاف، قائلًا: “القضية العامة، قضية فلسطين ومواجهة المحتل الاسرائيلي، انقلبت إلى أدوات في خدمة حكم خاص، أقلي، تكمن قضيته في مكان آخر، في بقائه الأبدي وإشغاله موقع التحكم بالموارد العامة”.

ختام ندوة الجولان (1)

وتابع بأن “حكم حافظ الأسد قام منذ الثمانينيات على (البيعة)، و(تجديد البيعة)، أي على الولاء والتبعية كعلاقة سياسية أساسية، وعلى الأبد، وهو ما حمل في ثناياه تحويل سورية إلى ملك وراثي في السلالة الأسدية، وعلى الفتنة كشكل هوياتي حصري للصراع الاجتماعي”.

كما أكد في لسياق ذاته، سلمان فخر الدين، أن “احتلال الجولان لم يكن بقرار إسرائيلي، لا يوجد في البروتوكول الإسرائيلي إجماع يقر فيه اجتياح أو فتح جبهة الجولان”، وسرد شهادات عديدة حول ما جرى في الجولان في تلك الفترة، مؤكدًا أن نظام الأسد استغل القضية في حكم الشعب والتضييق عليه.

إلى ذلك، ذكر باسل العودات، في كلمته المكتوبة والتي تليت نيابة عنه: “أن موضوع هضبة الجولان يتصل بالمصالح السورية بثلاث نقاط رئيسة: “الأولى: هي أبناء الجولان، سواء أكانوا الصامدين والباقيين منها. الثانية: أرض الجولان، ترابها وماؤها وهواؤها، ومكانته في الحياة الاقتصادية للشعب السوري، والثالثة: تتعلق بحق سيادة الدولة السورية عليها، طال الزمان أم قصر”.

وعدّ أنه من الضروري التركيز على أن “سورية المنشودة الديمقراطية، هي القادرة على فرض تغيير في المعادلات المتعلقة بفلسفة الأمن الاستراتيجي لدولة إسرائيل. وليس ارتفاع العقيرة بالتهديد وبالحرب والقوة، فالزمن العالمي لم يعد يتسع لاتجاهات كهذه، ولا يعني ذلك ألا تولي الدولة الديمقراطية في سورية شأنًا لبناء قوتها، في مختلف الميادين، ومنها ميدان القوة العسكرية؛ للدفاع عن نفسها وللجم أي فكرة إسرائيلية بتقويض أسس الديمقراطية السورية بالحرب الخاطفة أو بالابتزاز والتهديد”.

ختام ندوة الجولان (3)

الجولان والقانون الدولي

إلى ذلك، استعرض ناصر سابا نظرية القانون الدولي، وبعض القوانين الخاصة بالحروب، ووجوب حماية المدنيين، وصولًا إلى مفهوم الاحتلال والاحتلال الإسرائيلي، وقرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، الذي يمنع الاستيلاء على الأراضي بالحرب.

قال سابا إن “القانون الدولي لم يتوقف عن كونه قانونًا قابلًا للتطبيق، أو للخضوع من دول ذات سيادة، وبهذا المعنى تطرح إشكاليات القاعدة الأساس لهذا القانون”.

وأشار إلى أن مجلس الأمن الذي يعرب عن قلقه بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط، و”إذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراضٍ بواسطة الحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام عادل ودائم، تستطيع كل دولة أن تعيش فيه بأمان؛ وإذ يؤكد أن جميع الدول الأعضاء -بقبولها ميثاق الأمم المتحدة- قد التزمت بالعمل، وفقًا للمادة الثانية من الميثاق:

وأكّد أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، ويستوجب تطبيق مبدأين: 1- سحب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي المحتلة في القتال الأخير. 2 – إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب، واحترام سيادة ووحدة أراضي كل دولة في المنطقة والاعتراف بذلك، وكذلك استقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة، ومعترف بها، وخالصة من التهديد أو أعمال القوة”.

ختام ندوة الجولان (10)

كما تطرق نزار أيوب في كلمته إلى الاحتلال، وتغيير المشهد، حيث تحدث عن الجولان قبل الاحتلال، ومرحلة الاحتلال والتهجير القسري، والاستيلاء على الأرض بدعوى أنها “أملاكًا حكومية”، والاستيلاء على مصادر المياه، ثم الاستيطان الإسرائيلي في الجولان وضم الجولان.

واستعرض أيوب -أيضًا- السياسات الإسرائيلية في ضوء القانون الدولي، خاتمًا شرحه المطول بالقول: إن سيطرة إسرائيل المستمرة منذ خمسة عقود على الجولان السوري، ضمن حالات الاحتلال الحربي غير المشروع، والذي يتنافى مع مبادئ القانون الدولي التي تحظر اكتساب أقاليم الغير، وإلحاقها وضمها باستخدام القوة العسكرية، أو التهديد باستخدامها.

وأكد “بطلان كافة السياسات الإسرائيلية، وما يرتبط بها من إجراءات وممارسات؛ لتغيير المكانة القانونية للجولان المحتل، ومواطنيه السوريين؛ لأنه يعدّ جزءًا من سورية”، وتابع موضحًا: “سريان القانون الدولي الإنساني، والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان على الجولان ومواطنيه السوريين، ومساءلة دولة الاحتلال عن انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان”.

ختام ندوة الجولان (4)




المصدر