“ملحمة حلب” على شاشة “روسيا اليوم” .. “أكذب أكثر”


إياد عيسى – ميكروسيريا

نفت وزارة الدفاع الروسية، صحة الأنباء المتداولة عن إصابة أفراد طاقم مروحيتها، التي “تعرضت لصواريخ بالقرب من تدمر، بعد هبوطها اضطرارياً في حماة” ، أي أنها حاولت التقليل من أهمية الحادث، وبالتالي من شأن المقاتلين  “المتخلفين”، الذين ما كانوا ليتمكنوا من إطلاق الصواريخ أصلاً، لولا العطل التقني الذي أصاب المروحية بالمصادفة.

هذا المنطق الروسي البوتيني المتعالي، هو ذات منطق وزارة حرب الأسد الصغير وإعلامه، بل إن قناة “روسيا اليوم”، وموقعها الإلكتروني أكثر كذباً من إعلام الأسد ذاته، حيث ذهب إلى حد المزايدة على وكالة “سانا” التي تحدثت عن” سقوط 12 قتيلاً مدنياً جراء القصف من مقاتلي المعارضة يوم الخميس، على عدة  أحياء منها حلب الجديدة”، فيما شكك موقع روسيا اليوم بصحة الرقم، مؤكداً أنه تجاوز 60 شخصاً، بحسب مصادره الخاصة.

 من يتابع القناة وموقعها، يعتقد أنه يتابع الإعلام الحربي لميليشيا حزب الله الإرهابية، أو أنها استعانت بجهابذة “التوجية السياسي” في جيش الأسد، حيث البطولات والانتصارات على المؤامرة الكونية بلا حدود. فيما القائد اللقطة “بوتين” هذه المرة وليس الأسد الصغير، يواجه الولايات المتحدة  في عقر” بيتها الأبيض” عبر تدخله في انتخابات الرئاسة الأمريكية، مروراً بأوكرانيا طبعاً، وصولاً إلى سوريا، التي يتجسس فيها “البنتاغون الأمريكي، على القاعدة البحرية الروسية في طرطوس.

حتى “إعلام الأسد” بدا خجولاً في إدعائه إحباط هجوم المرحلة الثانية لـ “ملحمة حلب الكبرى” والتقليل من حقيقة تقدمها في محاولة فك الحصار عن الأحياء الشرقية. في حين أن” روسيا اليوم” ونكاية بكل وسائل الإعلام “المحايدة”، وتلك الميالة نحوها، تُصر على نفي أي تقدم لمقاتلي المعارضة في حلب الجديدة ومشروع  3000 شقة سكنية. بل وتحتفي بـ “جيش أبو شحاطة” الذي تمكن من صد الهجوم لحظة بدأه صباح الخميس، إذ تمكن من التصدي لتفجير مزدوج  بتدميره عربتين مفخختين “عن بعد” قبل وصولهما إلى خطوطه الدفاعية، في محيط حي “حلب الجديدة”، ثم  استكمال إنجازاته بـتفجير مفخخة ثالثة على محور مشروع 3000 شقة، بالتزامن مع “اشتباكات” على محاور منيان وحلب الجديدة وأكاديمية الأسد العسكرية  .. ومع” روسيا اليوم” تعلم  “أن تكذب أكثر” .

الهدنة الأخيرة حتى الساعة السابعة من مساء الجمعة، والتي نقضتها “موسكو” حتى قبل أن تُعلنها، ترافقت مع  فبركة واضحة في موضوع استخدام مقاتلي حلب لـ “غازات سامة”، و”سولافة” استقدام الخبراء الروس خفيفي الظل في الذاكرة الشعبية السورية أيام الثمانينيات والتسعينيات، بالتزامن مع تصعيد باتجاه الأمم المتحدة، التي اضطرت تحت الضغط الروسي السياسي والإعلامي  إلى الإعلان، على لسان نائب أمينها العام “ستيفان دوجاريك “الخميس”، بأنها ستدرس التقارير عن استخدام المقاتلين لـ “غازات سامة” غرب حلب، وتجمع المزيد من المعلومات، مع التأكيد على أن الحديث لا يدور عن فتح تحقيق، في تكذيب غير مباشر للإدعاءات الروسية، وهو الأمر الذي لم يرق لـ “قناة” تطمح لفرض حضورها  في السوق العربية، على طريقة  بوتين في مجلس الأمن، وسلفه الرفيق “خروتشوف” صاحب أشهر حذاء سياسي في تاريخ العالم و “أممه المتحدة”.

أول ما استعاده بوتين من أمجاد الرفاق السوفييت الذين تعاقبوا على الكرملين هو البلطجة الدولية، بل تفوق عليهم، ولا يحتاج إثبات ذلك سوى إلى نظرة خاطفة على “سحنتي” الثنائي “لافروف – تشوركين”، أو أحدهما، والعياذ بالله.

دولة تُعلن “هدنة إنسانية” مشروطة بالاستسلام تحت طائلة “الإبادة الشاملة” وهو ما يقوله علناً بيان وزارة الدفاع الروسية “الأربعاء” .. هذه دولة مارقة، وليست دولة عظمى.

“العلقة ” مع بلطجي مدجج بالسلاح “كارثة”، لأنه لن يقبل بأقل من  إذلال ضحاياه، وهو ما يفهمه مقاتلو حلب، لذا اعتمدوا الهجوم كوسيلة للدفاع، حين فضلوا استئناف المرحلة الثانية من ملحمة “حلب الكبرى” بتكتيكات الهجوم السريع، والكثافة باستخدام الأسلحة الثقيلة، والسيطرة على الأرض لفتح خطوط تماس قريبة قدر الإمكان من بقايا جيش الأسد والميليشيات التابعة لإيران، في سعي محموم لتحييد فاعلية الطيران.

إذاَ، الأرض ليست مفروشة بالزهور إلا على شاشة “روسيا اليوم” وفي مطبخ موقعها الإلكتروني. لكنها أيضاً ليست “ملك يمين” مقاتلي المعارضة، كما تظهر على شاشات ومواقع الإعلام المعارض، ولن تكون كذلك طالما أن الفصائل مستمرة بـ “غزو” بعضها البعض، وأخرها غزوة “الزنكي” على “فاستقم كما أمرت”، رغم إيمان “الأخوة” الأعداء بأن الهدف الرئيسي لموسكو هو تفتيت المعارضة، أو بقيت مرتهنة للرعاة الخارجيين، الذين تزداد اتفاقاتهم تحت الطاولة غموضاً بعد( 6 ) سنوات ..  هو عمر المقتلة السورية المفتوحة حتى إشعار آخر.