بين تهديد “الطائفة” وتطمينها “رداً ” على بعض الثوريين


فادي آدم – ميكروسيريا

من غرائب المأساة السورية أن يقدم الإسلاميون تطمينات للطائفة العلوية، في أوقات متفاوتة، وظروف تتراوح بين الاسترخاء السياسي والتصعيد العسكري. في حين يقدم “علمانيون” على تهديدها، في توقيت يتطلب العكس. والحال أن التطمينات هي أقل صدقاً من التهديدات، التي لا يخرج معظمها إلى الإعلام، بل تبقى رهينة النفوس والألسن وصفحات التواصل الاجتماعي.

وفي أحيان عديدة، كانت موقفاً تبنته فصائل إسلامية كثيرة في السلوك السياسي والعسكري. فليس غريباً ان تقرأ كل يوم عشرات التعليقات على صفحات التواصل، تتوعد وتهدد العلويين بعظائم الأمور، حالما يسقط النظام، أو تخرج روسبا من سورية.

لكن الغرابة أن ياتي تهديد الطائفة من رجل حقوقي ومعارض مثقف، دفع ثمناً من حريته سنوات طويلة في سجون الأسد. المفاجأة أن الاسم معروف جدآ ومحترم جداً نختصره بالحرفين الأولين من أسميه (أ.ب)، أما المناسبة فلقاء صحفي أجراه مؤخراً مع صحيفة لبنانية، ليست ضد الثورة وليست معها، لكنها ضد النظام بالعموم.

ليس هذا المقال رداُ على الأستاذ الحقوقي بالتحديد، ولكن على موقف التهديد الذي يلجأ إليه بين الحين والآخر عسكريون أو سياسيون أو إعلاميون وصحفيون في مواقع إعلامية محسوبة للأسف على الثورة السورية . يقول السيد (أ.ب ) مُجيباً على سؤال الصحيفة بشأن الطائفة العلوية بالقول: “إن الطائفة العلوية ستدفع الثمن سقوط الأسد”، وهذا خطاب مكرر كما قلنا وليس بالجديد، لكن اللافت انه يصدر عن حقوقي يدعو إلى العدالة، ومجتهد مجد في المجال الحقوقي والقانوني .. ولا نحسب أن شخصية حقوقية بهذه المعرفة والخلفية يفوتها، أن من مقتضيات العدالة محاسبة المرء على أفعاله هو، فحسب، لا على مالم يفعله من جرائم .. فأين يكون العدل حين يحاسب أولاد وزوجة القاتل بدعوى انهم أقارب القاتل ؟. وأين هو العدل في محاسبة أبرياء علويين؟ .. فقط لأن رئيس البلاد ينتمي الى الطائفة العلوية بحكم الولادة، وليس حتى بالضرورة أن ينتمي إلى العلوية بحكم الاعتقاد . ولماذا يُحاسب سكان قرية علوية اذا كان فيها مجموعة من الشبيحة والقتلة وعلى أي أساس يتم ذلك ؟ .. هل على خلفية إخراج القيد الذي يجمعهم كأفراد من قرية واحدة، أو منطقة واحدة؟. أم على أساس القرابة الدموية. أم على أساس اللهجة، أو الانتماء لمذهب واحد؟!.

كان حرياً بالأستاذ (أ.ب) لو تحدث عن مقاصصة الشبيحة والقتلة .. لا الحديث عن مقاصصة طائفة كاملة تعدادها 2.5 مليون نسمة، لم يجر أحد على علمنا دراسة استقصائية لمعرفة موقفها السياسي، وليس مطلوباً اصلاَ هكذا دراسات جزئية أو فئوية على مستوى طوائف أو مذاهب. .. ومن ناحية أخرى فلا يوجد قانون في أي بلد في العالم يقاصص المؤيد ويجازي المعارض، فالتأييد السياسي شيء، والمشاركة في القتل والاعتقال شيء آخر،  ولاشك أن التأييد الضمني للقتل او التعذيب أو التخريب هو أمر غير أخلاقي وغير إنساني، لكن من يستطيع معرفة ومحاسبة الناس على طوياتهم وضمائرهم . أما التأييد العلني للقتل فلا يمكن المعاقبة عليه، إلا بعد معرفة فيما إذا كان المؤيدون يوافقون عليه، دون تشويه للحقائق والتلاعب بها، ودون التأثير على وعيهم بديماغوجية الخطاب الإعلامي للأنظمة الفاشية، وكذلك للمنظمات الفاشية إلى أي جهة انتمت سواء النظام، أو اعداءه.

في كل حال كان حرياً باستاذنا (أ.ب) لو تحدث عن محاسبة القتلة وهم ينتمون إلى كل أطياف الشعب السوري وليس عن محاسبة طائفة بحالها بقول أنها ستدفع الثمن.

إن خطاب الأستاذ (أ.ب ) في هذا اللقاء ،الذي ليس له سابق في مواقفه وكلامه، هو خطاب حرب أهلية مناقض لخطابه الإعلامي المعتاد، الذي ساده الايمان بالثورة السورية وعدالة قضية الشعب السوري. وهنا الازدواجية الصارخة التي يقع فيها كثير من “النخبة السورية” الواقفه في صف الثورة.