on
لاجئات يفتتحن مشاغلهن في الأردن
في إطار مشروع “تطور المهارات الحياتية لعائلات اللاجئين السوريين”، أطلق لاجئون في الأردن 150 مشروعاً، على أمل أن تؤمن لهم حياة لائقة.
تمضي اللاجئة السوريّة في الأردن، باسمة إبراهيم، يومها في صناعة الإكسسوارات والقطع التراثية، يساعدها جميع أفراد أسرتها، وقد تحوّل عملها إلى مصدر دخل وحيد يضمن للأسرة حياة لائقة. أخيراً، شاركت في معرض نظّمته جمعيّة “كاريتاس” الخيرية الأردنية، وعرضت في إحدى زوايا المعرض أعمالها أملاً في جذب الزبائن وتسويق منتجاتها.
تقول باسمة، التي لجأت إلى الأردن قبل أكثر من أربع سنوات، قادمة من مدينة حمص، إنها لطالما أحبّت الأعمال اليدوية. وافتتحت وزوجها متجراً للأشغال التراثيّة في حمص. ولأنّ زوجها بالأصل يعمل خيّاطاً، “ركزنا على صناعة الملابس التراثية”. تشير إلى أنها كانت تساعد زوجها بهدف التسلية، إلّا أن عملها الأساسي كان في مجال التدريس.
بعد اللجوء، لم يعد لدى الأسرة أي مصدر دخل. باسمة خسرت وظيفتها الحكومية، فيما خسر زوجها متجره. في البداية، اعتمدا على المساعدات التي كانا يحصلان عليها من الجمعيات الخيرية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكنها لم تكن كافية لتوفير احتياجاتهما الأساسية.
وللتغلّب على الفقر، قرّرت باسمة وزوجها إحياء عملهما مجدّداً في الأردن. افتتحا في منزلهما المستأجر مشغلاً لتفصيل الملابس، بالإضافة إلى صناعة الإكسسوارات. قبل أشهر، عرفت عن مشروع “تطور المهارات الحياتية لعائلات اللاجئين السوريين”، الذي تنفذه جمعية “كاريتاس”، فالتحقت به. خضعت لدورات في صناعة الإكسسوارات والأشغال التراثيّة. وفي ختام الدورة، حصلت على مبلغ مالي لشراء المواد الأولية التي تحتاجها لتأسيس مشروعها الخاص. تقول: “خلال الدورة، تعلّمت مهارات كثيرة. أحبّ كل ما له علاقة بالفنون، لكن مهاراتي كانت تقتصر على التطريز وشك الخرز. في الوقت الحالي، صرت قادرة على صناعة المصاغ والإكسسوارات”. وتلفت إلى أن المشروع الجديد يوفّر دخلاً تصفه بـ”المعقول” للأسرة.
تدرك باسمة أنّها لن تعود للتعليم من جديد. لذلك، ستستفيد من المهارات التي اكتسبتها لتطوير مهنتها الجديدة. المهم أن تكون قادرة على المنافسة. يهدف مشروع “تطوّر المهارات الحياتيّة لعائلات اللاجئين السوريين” إلى تمكين العائلات اللاجئة في الأردن لتكون قادرة على تأمين دخل يساعدها على تحمل تكاليف الحياة المرتفعة، في ظلّ نقص المساعدات. وتقول مديرة المشروع، إيفا نصراوين، إن المشروع الذي استمرّ عامين شمل دورات تدريبية على مهارات الخياطة والإكسسوارات والتصنيع الغذائي وصناعة الأثاث، مشيرة إلى أن التدريب أكسب اللاجئين مهارات جديدة، وطوّر مهارات يملكونها في الأساس.
وتوضّح أنه في ختام المشروع، قدم اللاجئون 150 فكرة لمشاريع يرغبون في تنفيذها، “كان دورنا توفير الأدوات والمعدّات والتمويل اللازم”، مؤكدة أنّ المشاريع التي بدأها اللاجئون ستساهم في توفير مردود مالي يساعدهم على تحمل تكاليف الحياة وتأمين مستوى معيشي لائق.
التحدّي الأكبر أمام اللاجئين الذين استفادوا من المشروع يتمثّل في مدى قدرتهم على تأمين منافذ لتسويق منتجاتهم، والتشبيك مع الجمعيّات والمؤسسات والمجتمع المحلي. وتشير نصراوين إلى أن المعرض كان يهدف إلى خلق منافذ للتسويق.
وكان تقرير مشترك أصدرته مجموعة البنك الدولي ومفوضية اللاجئين نهاية عام 2015، قد بيّن أن تسعة من كل عشرة لاجئين سوريين مسجلين في الأردن فقراء، أو يتوقّع أن يكونوا فقراء في المستقبل، وذلك استناداً إلى حجم المساعدات المقدّمة إليهم من قبل الأمم المتحدة.
وكانت اللاجئة أم يوسف تحمل رضيعها في المكان المخصّص لها في المعرض، وقد التحقت بدورة تدريبية على الخياطة، وحصلت في نهاية الدورة على ماكينات خياطة، وافتتحت مشغلاً في منزلها. تؤكّد أنّ المساعدات التي تحصل عليها لا تكفي أسرتها المكونة من خمسة أطفال، لافتة إلى أن مصاريف الحياة كثيرة، منها بدلات إيجار البيوت المرتفعة، وفواتير الكهرباء والمياه، عدا عن المواصلات. في الوقت الحالي، تشعر بالرضا، إذ إن المشغل الذي افتتحته قبل شهرين يوفّر لها دخلاً معقولاً يساعدها على تغطية النفقات الأساسية. وتخصّص المساعدات التي تحصل عليها من المفوضية لتأمين بدل إيجار منزلها وغيرها من الفواتير.
تطمح أم يوسف أن تكون قادرة في المستقبل على ادّخار المال الكافي لاستبدال الماكينات اليدويّة التي حصلت عليها بأخرى صناعية تساعدها في تطوير مشغلها ما قد يزيد من دخلها.
صدى الشام