لا حاجة إلى منطقة حظر جوي للضغط على روسيا في سوريا


انهارت سياسة إدارة أوباما في سوريا تحت وطأة هجوم وحشي لقوات الرئيس بشار الأسد وروسيا على حلب. الذين تجاهلا الإدانة العالمية، وقد وجهت كل من روسيا والأسد طائراتها لمهاجمة المدارس والمستشفيات، فقط باتجاه أهداف مدنية لجعل المدينة غير صالحة للسكن و لإجبار ما تبقى من سكان على الفرار.
يدعو الآن وزير الخارجية جون كيري وغيره من قادة العالم لإجراء تحقيق مع روسيا وحكومة الأسد بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ولكن على مدى العام الماضي، كان السيد كيري قد عقد العزم على الاعتقاد أنه فقط من خلال التعاون مع روسيا يمكن للولايات المتحدة الضغط على حكومة الأسد، والحد من العنف في سوريا، وتوجيه البلاد نحو انتقال سياسي. و تقاوم الولايات المتحدة الآن الاستجابة للحقيقة بأن لدى روسيا القليل من الاهتمام في التوصل إلى تسوية سياسية.
مع اقتراب أيام الانتخابات، تحجم إدارة أوباما عن فعل أي شيء يمكنه تقييد يدي الرئيس القادم، وما يزال السيد أوباما نفسه مقاوماً لزيادة المشاركة في الحرب في سوريا، ولكن سيكون لاستمرار نهجه بعدم التدخل آثاراً معوقةً على قدرة خلفه في تحقيق تقدم دبلوماسي.

توجد حاجة إلى خطوتين لدفع سياسة أمريكا في سوريا إلى الأمام
– الخطوة الأولى هي أن نتجاوز المناقشة المقتصرة على مناطق حظر جوي أو زيادة الدعم للمعارضة المسلحة.
– والثانية هي تقييم الواقع القائم بوضوح من خلال تقدير مدى خطورة المزيد من التدخل الأميركي. كلاهما محتمل الآن وعند تولي الرئيس المقبل منصبه.
هناك القليل الذي يهم السيدين الأسد وبوتن من ادعاء النظام أنه يمثل حكومة شرعية ذات سيادة في سوريا؛ ادعاء تستخدمه روسيا وإيران كغطاء قانوني لحملة قاتلة ضد الأهداف المدنية والمعتدلين السياسيين. ادعاء الشرعية هذا هو الأساس الذي تدافع به روسيا وإيران عن وجودهما العسكري في سوريا، ويرفضان تحميل حكومة الأسد المسؤولية عن انتهاكات القانون الدولي.
لقد مرت خمس سنوات منذ أن وصف أوباما السيد الأسد بالغير الشرعي. ومع ذلك لا تزال الولايات المتحدة ودول أخرى تتعامل مع الأسد كرئيس لسوريا وحكومته كممثل رسمي للبلاد في الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة.
الوسائل الدبلوماسية الأكثر فعالية بالنسبة للولايات المتحدة لاستعادة نفوذها في سوريا هي بالنسبة لواشنطن في قيادة جهد دولي لتقويض ادعاءات حكومة الأسد والاعتراف بحكومة مختلفة باعتبارها الممثل الشرعي للشعب السوري. وأفضل مرشح للاعتراف هو الحكومة السورية المؤقتة الغير معروفة- على عكس العديد من جماعات المعارضة الأخرى والتي مقرها في تركيا- ومقر الحكومة السورية المؤقتة داخل سوريا، ولها مكاتب في إدلب منتشرة في جميع أنحاء المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. تم انتخاب رئيس وزرائها- جراح قلب مستقل سياسياً يدعى جواد أبو حطب- في شهر مايو بأغلبية كبيرة في الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري وقوات المعارضة، وهي جماعة معارضة هامة في المنفى.
يعمل السيد أبو حطب وحكومته جنباً إلى جنب ويتعرضون لنفس المخاطر التي يتعرض لها السوريين العاديين. انخرطت الحكومة السورية المؤقتة في وظائف حكومة محلية روتينية، على سبيل المثال التصديق على الامتحانات المدرسية للخريجين السوريين. نعم، الحكومة السورية المؤقتة ضعيفة، وتسعى جاهدةً لتوفير الخدمات الأساسية. مثل العديد من الجماعات المعارضة، كانت أيضاً قد قاومت لضمان شرعيتها بين السوريين العاديين. ولكن يقول السيد أبو حطب ومصادر سورية أنه منذ نقل الحكومة السورية المؤقتة داخل سوريا، فقد تحسنت مصداقيتها.

أيضاً من شأن الاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة كحكومة مؤقتة شرعية منح التحالف الدولي الذي يقاتل الدولة الإسلامية شريكاً ذا مصداقية للحكم المحلي في المناطق الذي يحررها في الأشهر المقبلة، بما في ذلك الرقة- معقل تنظيم الدولة الإسلامية الرئيسي في سوريا.
إلى جانب هذه الخطوات السياسية، يتعين على الإدارة أيضاً إعادة التفكير في كيفية استخدام القوة الجوية لتحقيق أهداف دبلوماسية. طريقة واحدة للقيام بذلك هي لحماية جهود الإغاثة الإنسانية للأمم المتحدة، ومنع المزيد من الهجمات ضد القوافل مثل قافلة أيلول/ سبتمبر، التي قُتل فيها عمال الإغاثة وتم تدمير الإمدادات؛ التي من شأنها تغذية ما يقرب من 80000 شخصاً في حاجة إليها. ينطوي هذا الاستخدام المعدل بعناية للقوة الجوية لأغراض محددة مؤقتة على مخاطر أقل بكثير من إقامة منطقة حظر جوي دائمة.

يبدو أن البيت الأبيض ومؤيدوه يعتقدون بأن هذا النوع من العمليات سيؤدي إلى هجمات معاكسة روسية أو هجمات من الحكومة السورية، التي يمكن أن تُدخل الصراع في دوامة. ولكن هناك دليلاً واضحاً أن هذا لن يحدث: في شهر آب، حذرت وزارة الدفاع الأمريكية نظام الأسد ألا يواصل الضربات الجوية على القوات الكردية في المناطق التي كانت القوات الأميركية تعمل فيها. بالنتيجة بدلاً من وقوع حرب، امتثل النظام للطلب، كما فعل الروس. حيث يمكن لهذا الاستخدام الدقيق و المحدود للقوة الجوية الدفاع بشكل فعال عن القوات الأمريكية، وأيضاً حماية المدنيين السوريين وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
هذه ليست الخيارات الوحيدة المتاحة لإدارة أوباما. في وقت سابق من هذا العام، قدمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مشروع قانون من الحزبين: قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا عام 2016، لفرض عقوبات على نظام الأسد ومؤيديه؛ بما فيهم روسيا. ينبغي على الإدارة إلقاء ثقلها في مشروع القانون، والمساعدة في اقراره كقانون قبل نهاية هذا العام، مثبتةً لروسيا أن هناك تكاليف حقيقية مترتبة على دعم النظام السوري المارق.
معاً، هذه الخطوات مجرد بداية. لكن ينبغي على البيت الأبيض أن يكون مهتماً بتسليم الرئيس المقبل أزمة سورية تتضمن إمكانيات دبلوماسية. وهذه خطوات ملموسة وعملية يمكنها تزويد الإدارة القادمة بالأدوات اللازمة لاستعادة النفوذ وتنشيط الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب الدامية في سوريا.

رابط المادة الأصلي : هنا.



صدى الشام