‘“حارة الفدائية” في اليرموك .. أول المكاتب السرية، أول الشهداء، أول ما دمر اليوم’
6 نوفمبر، 2016
كومنت – وليد عبد الرحيم
حارة الفدائيين من أوائل الحارات التي بنيت في منطقة بساتين شاغور- كما صنفها العثمانيون عقارياً – جنوب دمشق و هي الحارة التي يقع فيها اليوم مخفر اليرموك و محلات السيراميك و الألبسة و غيرها و تحاذي شارع اليرموك الشهير …
ينقسم اليرموك إلى شارعين رئيسيين، فعندما تدخل من جهة دوار البطيخة، من اليمين قبالة الزاهرة و حي الميدان العريق تجد شارع اليرموك ، و شارع فلسطين و حي التضامن إلى اليسار.
” حارة الفدائية” لها وقع خاص، خبرته منذ طفولتي ، فقد أنشئت في الخمسينات قبل ولادتي بأكثر من عشر سنوات ، وقد سميت بذلك كما علمت، بسبب كثرة العدد المنخرط في الثورة و عدد شهدائها أيضاً، و قيل إن أول مكتب سري للثورة في اليرموك كان فيها قرب بيت عائلة بدوان – كما سمعت- و كانوا يتبعون لحركة القوميين العرب التي أسسها جورج حبش و وديع حداد و رفاقهما عام 1951 ، و قيل إن ياسر عرفات و رفاقه عندما كانوا ملاحقين من الأجهزة الأمنية في الستينات اختبأوا فيها، ثم انتقل بعد انكشافه إلى بيت جدتي لأمي ” أم سعد” قرب شارع المدارس، حيث كان خالي الشهيد أحمد أبو الليل قد انخرط في المجموعات هو و قريبه الشهيد محمد المحمود ابراهيم ، شقيق الدكتور يوسف ابراهيم و عدنان مسؤول فتح في سوريا حالياً.
كما قيل إن الشاعر نزار قباني التقى في أحد بيوتها بممثل عن الجبهة الشعبية و كان ينوي أن ينضم للفدائيين في الستينات، كما ذكر لي الناقد الكبير يوسف سامي اليوسف.
” في حارة الفدائية” أشيدت فيما بعد المحلات التجارية بكثرة من قبل تجار اليرموك في البداية أثناء هبة نهاية السبعينات و الثمانينات، ثم هب تجار دمشق بكثرة نهاية الثمانينات لفتح محلات بمحاذاتها حيث أنها تلاصق شارع اليرموك، فصار فيها سوق الأدوات البنائية البيضاء و تحديداً السيراميك و أطقم الحمامات والاكسسوارات و و … .
لحارة الفدائية وقع خاص في نفس اليرموكيين، و عندما تدخلها تشعر بحزن غير مبرر، و كنت لا أحبذ المرور فيها ، ربما بسبب الشعور باللاجدوى من ذهاب الشهداء إلى مصيرهم دون ثمرة تذكر، أو ربما لتذكيرها لك بمرحلة عمالقة فروا من عباءة التاريخ الكاذب لأبناء جلدتهم.
ذلك الدمار الكبير الذي في الصورة الشهيرة لجموع الجوعى المنطلقين باتجاه كرتونة المعونة، و تشاهدونها اليوم في مدخل اليرموك و خلف المخفر هو ذاته حارة الفدائية، تلك الحارة التي يقدس اسمها الفلسطينيون و تفوح منها رائحة الشهداء العطرة….
أول سؤال سألني إياه الفقيد الشاعر سميح القاسم عند زيارته لليرموك ،و كنت أذكر له المناطق و الحارات، كان: ” وين بتصير حارة الفدائية”؟
حارة الفدائية يا سميح ، أول مدخل لليرموك، أول المكاتب السرية للثورة الفلسطينية، أول سوق تجاري ، أول الشهداء، و أول ما دمر اليوم .
“فيس بوك”